19 نوفمبر 2024
هل تعيد إيران إنتاج داعش؟
تفيد تقارير استخباراتية دولية بأن تنظيم الدولة الإسلامية لم ينتهِ، وأنه ما زالت لديه القدرة على شن الهجمات، سواء في داخل العراق أو سورية، أو حتى في أوروبا وأميركا. وبالتالي، فإن النصر الذي تفاخر به الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، شركاء الحرب على "داعش"، ما زال ناقصاً.
وإذا كانت إيران والولايات المتحدة تشاركتا الحرب على هذا التنظيم في سورية والعراق، فإنهما يدركان ماذا تعني عودة هذا التنظيم إلى كل منهما، لاسيما إيران التي قد تلعب دوراً في إعادة الحياة إلى هذا التنظيم، خصوصا إذا علمنا أن طهران لا تبالي في التعامل حتى مع أشد أعدائها وأخطرهم، إذا كان ذلك يوفر لها فرصة إضافية في تحقيق ما تصبو إليه، سواء في تمددها الإقليمي أو في الحفاظ على ما حققته من مكتسبات. ولعل في ما كشفته صحيفة التايمز البريطانية أخيرا من أن إيران تدرب كبار قادة تنظيم القادة في أفغانستان دليل على هذا القول.
قد يتخيل بعضهم أن كاتب هذه المقالة من أنصار نظرية أن "داعش" صنيعة إيرانية، أو حتى أميركية أو حتى صهيونية، كما يحلو لبعضهم أن يردّد، والرد على هؤلاء أن "داعش" صنيعة الظروف التي تسبب بها الغزو الأميركي للعراق، وما تبعه من احتلال وتمدّد إيرانيين، لكن هذا لا يمنع من أن القوى التي تتصارع في المنطقة، أميركا وإيران، تلعب دوراً في إحياء هذه الحركات المسلحة المتشدّدة، سواء بغض الطرف عنها، كما حصل في عملية احتلال الموصل، عندما أمر رئيس الوزراء العراقي آنذاك، وفتى إيران، نوري المالكي، قواته بالانسحاب من الموصل، وترك معدات أربع فرق عسكرية غنيمة لمسلحي التنظيم. أو بتوفير الأسباب الموجبة لظهور مثل هذه الحركات، كالظلم والتهميش والإقصاء والاعتقالات غير المبرّرة والخطف الذي تمارسه حكومات بغداد منذ 2003.
إيران اليوم في ورطة، فالعقوبات الاقتصادية الأميركية بدأت تؤثر في الداخل الإيراني، وبدأت حركات الإحتجاج تتصاعد في عدة مدن، وهبط سعر التومان الإيراني إلى أرقام قياسية، هذا كله وما زلنا على مسافة شهرين من توقف شراء النفط الإيراني، لتتصاعد التصريحات الإيرانية المنددة بالعقوبات، وبالدول التي سوف تزيد من إنتاج نفطها لسد النقص في الأسواق العالمية، بل وصل الأمر إلى التهديد بإغلاق مضيق هرمز، ممر النفط العالمي الأهم.
بيد إيران سلاح أكثر فتكا وأمضى، وهو مجرّب في التعامل مع أزماتها الإقليمية، وهو الإرهاب، وسجل إيران ناصع، ليس فقط في الإرهاب الذي تمارسه، وإنما حتى في الإرهاب الذي تصنعه وتدعمه. وليس منسيا أن بشار الأسد، بنصيحة إيرانية، أفرج عن كبار سجناء التنظيمات الإسلامية من أشهر سجونه في صيدنايا، عقب اندلاع الثورة، فانخرط عدد كبير منهم في الثورة المسلحة، ليستخدمهم بشار بعد ذلك ذريعة في عنفه الدموي في محاربة الإرهاب.
ونتذكّر جيدا عملية هروب، أو تهريب إن شئنا الدقة، عدد كبير من السجناء المعروفين بخلفياتهم المتشددة من سجن أبو غريب في بغداد، في أثناء حكم نوري المالكي، وأن عدداً كبيراً منهم التحقوا بصفوف تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، لتتحول مطالب أهل السنة بتحقيق العدل ونهاية التهميش والإقصاء إلى حرب ضد الإرهاب، تماماً كما أراداها، المالكي وإيران، وبعد أن كانت مليشيات إيران العراقية لا تجرؤ على عبور بغداد غرباً بأكثر من 40 كيلو متراً بسبب الرفض الشعبي والعشائري لها، ها هي اليوم، وبعد أربع سنوات من الحرب على "داعش"، باتت تتحكم بكل أجزاء العراق، شماله وغربه.
إذن، الإرهاب لعبة، وذريعة يلجأ إليها من يُحسن استخدامها، ولدى إيران كثير في هذا الشأن. وبالتالي، ليست قدرتها على بث الروح في تنظيم داعش مستحيلة، فيكفي أنها تسحب مليشياتها من المناطق الواقعة شمال بغداد وشمال غربها، حتى يظهر مقاتلو التنظيم مرة أخرى، وبالإمكان إعادة إنتاج سيناريو سقوط الموصل، مع تعديلات عليه. وهنا ستكون المقارنة بين الإرهاب والتهديد الذي يمثله داعش وبين إيران ضرباً من الترف، فأميركا حتما ستقبل في لحظتها بمشاركة إيران الحرب على "داعش"، أو أي تنظيم جديد، وربما ستؤجل العقوبات على إيران، أو تطبيقها على الأقل إلى حين القضاء على الخطر الجديد.
تعرف إيران كيف تلاعب أميركا، وكيف تلاعب وتتلاعب بدول عديدة في المنطقة، تعتقد أنها تحارب إيران، فقد اكتسبت جمهورية المرشد خبرة طويلة في التعامل مع التحديات. السؤال الأهم الآن: هل يملك العراق قراره بمنع عودة "داعش"؟ أم أن حيدر العبادي يمكن أن يتحوّل إلى نوري المالكي رقم إثنين، إذا ما أرادت إيران ذلك؟ خصوصا أن درب الانتخابات العراقية ونتائجها ما زال طويلاً.
وإذا كانت إيران والولايات المتحدة تشاركتا الحرب على هذا التنظيم في سورية والعراق، فإنهما يدركان ماذا تعني عودة هذا التنظيم إلى كل منهما، لاسيما إيران التي قد تلعب دوراً في إعادة الحياة إلى هذا التنظيم، خصوصا إذا علمنا أن طهران لا تبالي في التعامل حتى مع أشد أعدائها وأخطرهم، إذا كان ذلك يوفر لها فرصة إضافية في تحقيق ما تصبو إليه، سواء في تمددها الإقليمي أو في الحفاظ على ما حققته من مكتسبات. ولعل في ما كشفته صحيفة التايمز البريطانية أخيرا من أن إيران تدرب كبار قادة تنظيم القادة في أفغانستان دليل على هذا القول.
قد يتخيل بعضهم أن كاتب هذه المقالة من أنصار نظرية أن "داعش" صنيعة إيرانية، أو حتى أميركية أو حتى صهيونية، كما يحلو لبعضهم أن يردّد، والرد على هؤلاء أن "داعش" صنيعة الظروف التي تسبب بها الغزو الأميركي للعراق، وما تبعه من احتلال وتمدّد إيرانيين، لكن هذا لا يمنع من أن القوى التي تتصارع في المنطقة، أميركا وإيران، تلعب دوراً في إحياء هذه الحركات المسلحة المتشدّدة، سواء بغض الطرف عنها، كما حصل في عملية احتلال الموصل، عندما أمر رئيس الوزراء العراقي آنذاك، وفتى إيران، نوري المالكي، قواته بالانسحاب من الموصل، وترك معدات أربع فرق عسكرية غنيمة لمسلحي التنظيم. أو بتوفير الأسباب الموجبة لظهور مثل هذه الحركات، كالظلم والتهميش والإقصاء والاعتقالات غير المبرّرة والخطف الذي تمارسه حكومات بغداد منذ 2003.
إيران اليوم في ورطة، فالعقوبات الاقتصادية الأميركية بدأت تؤثر في الداخل الإيراني، وبدأت حركات الإحتجاج تتصاعد في عدة مدن، وهبط سعر التومان الإيراني إلى أرقام قياسية، هذا كله وما زلنا على مسافة شهرين من توقف شراء النفط الإيراني، لتتصاعد التصريحات الإيرانية المنددة بالعقوبات، وبالدول التي سوف تزيد من إنتاج نفطها لسد النقص في الأسواق العالمية، بل وصل الأمر إلى التهديد بإغلاق مضيق هرمز، ممر النفط العالمي الأهم.
بيد إيران سلاح أكثر فتكا وأمضى، وهو مجرّب في التعامل مع أزماتها الإقليمية، وهو الإرهاب، وسجل إيران ناصع، ليس فقط في الإرهاب الذي تمارسه، وإنما حتى في الإرهاب الذي تصنعه وتدعمه. وليس منسيا أن بشار الأسد، بنصيحة إيرانية، أفرج عن كبار سجناء التنظيمات الإسلامية من أشهر سجونه في صيدنايا، عقب اندلاع الثورة، فانخرط عدد كبير منهم في الثورة المسلحة، ليستخدمهم بشار بعد ذلك ذريعة في عنفه الدموي في محاربة الإرهاب.
ونتذكّر جيدا عملية هروب، أو تهريب إن شئنا الدقة، عدد كبير من السجناء المعروفين بخلفياتهم المتشددة من سجن أبو غريب في بغداد، في أثناء حكم نوري المالكي، وأن عدداً كبيراً منهم التحقوا بصفوف تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، لتتحول مطالب أهل السنة بتحقيق العدل ونهاية التهميش والإقصاء إلى حرب ضد الإرهاب، تماماً كما أراداها، المالكي وإيران، وبعد أن كانت مليشيات إيران العراقية لا تجرؤ على عبور بغداد غرباً بأكثر من 40 كيلو متراً بسبب الرفض الشعبي والعشائري لها، ها هي اليوم، وبعد أربع سنوات من الحرب على "داعش"، باتت تتحكم بكل أجزاء العراق، شماله وغربه.
إذن، الإرهاب لعبة، وذريعة يلجأ إليها من يُحسن استخدامها، ولدى إيران كثير في هذا الشأن. وبالتالي، ليست قدرتها على بث الروح في تنظيم داعش مستحيلة، فيكفي أنها تسحب مليشياتها من المناطق الواقعة شمال بغداد وشمال غربها، حتى يظهر مقاتلو التنظيم مرة أخرى، وبالإمكان إعادة إنتاج سيناريو سقوط الموصل، مع تعديلات عليه. وهنا ستكون المقارنة بين الإرهاب والتهديد الذي يمثله داعش وبين إيران ضرباً من الترف، فأميركا حتما ستقبل في لحظتها بمشاركة إيران الحرب على "داعش"، أو أي تنظيم جديد، وربما ستؤجل العقوبات على إيران، أو تطبيقها على الأقل إلى حين القضاء على الخطر الجديد.
تعرف إيران كيف تلاعب أميركا، وكيف تلاعب وتتلاعب بدول عديدة في المنطقة، تعتقد أنها تحارب إيران، فقد اكتسبت جمهورية المرشد خبرة طويلة في التعامل مع التحديات. السؤال الأهم الآن: هل يملك العراق قراره بمنع عودة "داعش"؟ أم أن حيدر العبادي يمكن أن يتحوّل إلى نوري المالكي رقم إثنين، إذا ما أرادت إيران ذلك؟ خصوصا أن درب الانتخابات العراقية ونتائجها ما زال طويلاً.