هل تأكل البشرية بعضها بعضاً؟

06 يناير 2017
+ الخط -

سجلت نهاية هذا العام رقماً قياسياً جديداً في عدد سكان الأرض، إذ تشير الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن العدد الحالي لسكان الكوكب الأزرق يقارب 7 مليارات وخمسمائة مليون نسمة، يتشاركون موارد الأرض بنسب متفاوتة. يترافق هذا الازدياد السكاني مع زيادة مذهلة في نسبة الفقراء مقابل تضاؤل أعداد الأغنياء الذين يستحوذون على القسم الأكبر من الثروات العالمية.

دول مرهقة بكاهل الديون وشعوب تزداد فقراً كل يوم. ويبدو السؤال الذي يطرح نفسه: إلى ماذا سيؤدي الانفجار السكاني، وهل نحن نعيش تبعات هذا الانفجار أم أنه لم يؤثر علينا بعد؟؟

واقع الحال، إننا نعيش تبعات انفجار سكاني مخيف لا تعرف نتائجه بعد، الأكيد في كل الحالات أن كثيراً ممن يقرؤون هذه التدوينة لم تصلهم بعد آثار أزمة الانفجار السكاني، فهم، على الأغلب، متعلمون ومثقفون يمتلكون المال للحصول على الإنترنت، وهم يملكون إما أجهزة حاسوب أو هواتف ذكية ترافقهم في حلهم وترحالهم يلتقطون الصور ويتواصلون مع أصدقاء لهم منتشرون حول العالم، وطبعاً يستخدمونها للبحث عما يحتاجونه، وهم في غالب الأحيان لا يعانون من أمراض مخيفة وتصلهم الكهرباء ومياه الشفة. هم باختصار يعيشون حياة باتت في القرن الحادي والعشرين طبيعية.

ولكن خلف هذه الصورة المشرقة والمتفائلة حياة بائسة يعيشها ملايين البشر ممن نسميهم إخوتنا في الإنسانية. في كل القارات وعلى امتداد الكرة الأرضية، في أغنى دول العالم وأشهر مدنه. أناس يقتاتون على نفايات غيرهم ويتدثرون بما يجدونه في المهملات. تطبق أزمة الانفجار السكاني أنفاسها عليهم فتخنقهم السنون وتبكيهم الأشهر.

أعداد هائلة من البشر لا تستطيع القراءة والكتابة، تعيش على ضوء القمر، لم تصلهم التكنولوجيا وإن وصلتهم فلن يستطيعوا استخدامها. أضف إلى ذلك، فإن البشرية تعاني اضمحلالاً في كافة الموارد في الماء والغذاء والكساء والمعادن والمواد الخام، الأمر الذي ينعكس حروباً على الأرض، تدمر الحجر وتقتل وتشرد البشر.

تكاد الموارد الغذائية لا تكفي البشر مما يدفع إلى تعديل هذه الموارد جينياً أو حقنها بالكيماوي لتؤمن الموارد اللازمة لإطعام المليارات التي كادت أن تكون ثمانية، فتصبح مواد قاتلة بدلاً من أن تكون غذائية. ومع ارتفاع حرارة الأرض، وبالتالي اضمحلال الموارد المائية والإسراف في استخدام ما تبقى منها، باتت الدول تلجأ إلى البحر لتشرب، ومن لا تستطيع أن تسقي شعوبها ماء غير صالح للشرب تفتح أبواب الحرب على مصراعيها لتستبدل الدم بالماء.

وإذا ذكرنا المواد الأولية، فحدث ولا حرج؛ إذ إنه خلال قرن من الزمن، قتل الملايين من الناس من أجل الحصول على البترول والغاز، وزالت دول عن الخارطة وظهرت أخرى، اختفت لغات وحضارات وأديان كي تستمر مصانع الدول الكبرى في الإنتاج، ولكي نتنزه نحن بسياراتنا على طرقات معبدة بجماجم الفقراء. والآتي ما زال أعظم، فمن يدري قد نتقاتل قريباً من أجل الحصول على جلود البشر ولحومهم والأمر ليس مستغرباً طالما أن الإنسان هو أكثر المخلوقات خطورة على وجه المعمورة.

دعونا نتفاءل، وليكن عامكم الجديد مليئاً بالسعادة.

 

دلالات
D594DF08-0A9F-4CB5-ACDE-58F82742143C
علاء معصراني

كاتب لبناني مقيم في كندا، مهتم بشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي. حاصل على درجة ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة كيبيك في مونتريال، تمحور موضوعها حول النظرية البنائية في العلاقات الدولية واستخدامها كوسيلة للتأثير على سيكولوجية الجماهير ووعيها الجماعي. شغل العديد من الوظائف في مجال التربية والإعلام والعلاقات العامة والدبلوماسية.