عندما ينتقم الله من الصهاينة ويتجاهل أقواماً آخرين

07 ديسمبر 2016
+ الخط -

 

تزامناً مع منع الصهاينة الأذان في بيت المقدس، احترقت فلسطين حتى مشارف القدس المحتلة، فوصف كثير من المسلمين ما حدث بالعقاب الإلهي للصهاينة على فعلتهم الشنيعة تلك.


ولكن ماذا عن ضحايا العدوان المتكرر للصهاينة على المسلمين؟ لماذا تجاهل الله دماء الفلسطينيين؟ ولم عاقب الله الصهاينة وتجاهل جرائم الأنظمة العربية المجرمة بحق شعوبها؟


الواقع أننا _نحن العرب_ تشعرنا كوارث الآخرين بالنشوة، تثيرنا مصائب الناس، نصفق لبكاء البشر ونسبح في دمائهم حتى ترتوي أرواحنا الجاهلية.

لم يفكر أحد بأن التي تحترق فلسطين وأرضها وأشجارها، وأن الحرائق كادت أن تطاول باحات المسجد الأقصى الذي غضب الله لمنع الأذان فيه.

ماذا لو أن الحريق كان غضباً إلهياً لسكوتنا عن حقوق مئات آلاف الأيتام والأرامل والشيوخ وقتلهم في أنحاء الأرض؟ أظن أننا نستحق غضب الله بقتلنا بعضنا بعضاً واستباحة أموال بعضنا بعضاً وتخطينا الحدود التي وضعها الله لنا.


الواقع أن حريق فلسطين فضح سخفنا وأمراضنا النفسية وآراءنا حول دور الذات الإلهية.


قررنا مسبقاً أن الله غضب لمنع الأذان، ولم نفكر للحظة لماذا لم يغضب لاحتلال فلسطين أصلاً، ولم يغضب لقتل أطفالها. لم يغضب لسورية والعراق والبوسنة واليمن وغيرها!


ألم يكن حرياً أن نسأل أنفسنا مثلاً لمَ لم يغضب الله عز ّوجلّ لإزهاق أرواح المسلمين في حلب مثلاً، أو لمَ لم يغضب على الذين يزوّرون الإسلام على مرأى ومسمع العالم، أو لمَ لم يصبّ جام غضبه على دول تمعن في قتل المسلمين آناء الليل وأطراف النهار؟ هل غضبه محصور بالصهاينة؟


حري بنا اليوم أن نخرج من عهد أساطير الانتقام، فالله عز وجل يغضب، لكن غضبه ليس بأيدينا ولسنا نحن من يحدد لم وكيف وأين؟ 


وليتنا نعمل على محاربة إسرائيل بقدر ما نتوجه إلى السماء للعنها، وبقدر  ما نصف كل مصيبة تحل فيها على أنه غضب سماوي، وليتنا ندرك أن الله لن يزيل إسرائيل من الوجود في يوم وليلة، بينما نحن غارقون في أسرة تخلفنا وتقاعسنا وجهلنا وسطحيتنا. وأن إسرائيل ستزول من الوجود بهمة سواعد فرسان وهبوا أنفسهم للقضيةفحسب، وأدركوا أن الأرض لنا وأن فلسطين حرة عربية.


ولنعترف، بأن فلسطين احترقت لأن الصهاينة زرعوها بالأشجار، ولم يتركوها غنيمة سهلة لغزو الصحراء، في حين لم يدع إهمالنا وعجزنا مجالاً لاندلاع حريق حتى، فأي نار قد تجد ما تلتهمه وقد التهمته صحراء عقولنا ولا تزال إن رأت برعماً أخضر وسطها... يزهر!

 

D594DF08-0A9F-4CB5-ACDE-58F82742143C
علاء معصراني

كاتب لبناني مقيم في كندا، مهتم بشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي. حاصل على درجة ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة كيبيك في مونتريال، تمحور موضوعها حول النظرية البنائية في العلاقات الدولية واستخدامها كوسيلة للتأثير على سيكولوجية الجماهير ووعيها الجماعي. شغل العديد من الوظائف في مجال التربية والإعلام والعلاقات العامة والدبلوماسية.