يعيش المجتمع التونسي، كغيره من المجتمعات العربية، تحوّلات كبرى على المستوى الثقافي فى العشرية الأخيرة. لعلّ من أهم تمظهراتها اكتساح ثقافة الهيب – هوب الشباب التونسي.
فقد بيّن الحفل الذى أقامه مغنّي الراب الفرنسي "بلاك أم"، وسهرة الراب التونسي التي احتضنها مسرح قرطاج، والحضور الكبير الذى شهدته هذه السهرات من قبل الفئة الشبابية، أنّ ثقافة الهيب – هوب، أو الثقافات الصاعدة، أو ما يتّفق على تسميته علماء الاجتماع "ثقافة الشارع"، تحظى بمكانة هامة لدى الشباب التونسي.
كان لا بدّ من لقاء عدد من الشباب التونسي لسبر أغوار حكاية الهيب هوب. فالشابة أروى مثلا لا تخفي إعجابها بموسيقى الراب، وتعتبر الفنانين من أمثال بلطي وكافون - وهما فنانان تونسيان يغنيان الراب - من أحسن الفنانين بالنسبة إليها. وهي تردّد أغنياتهما التي تحفظها عن ظهر قلب.
وعن سرّ تعلقها بهذه النوعية من الموسيقى تروي أروى أنّها "موسيقى تعبّر عن واقع الشباب التونسي في الأحياء الفقيرة والمهمشة، كما تعبّر عن فئة من التونسيين ظلمهم المنوال التنموي الذي اعتمد في تونس منذ الاستقلال.
اقرأ أيضاً: قرطاج: المهرجان هزم النقّاد... سبعة آلاف رقصوا "هيب هوب"
مسار أوقع العناية على المناطق الساحلية، في حين لم تحظَ المناطق الداخلية، خصوصاً المنطقة الغربية للجمهورية التونسية، إلا بالتهميش. وقد عبّر الفنان بلطي مثلا عن ذلك بشكل متقن في أغنيته: "جاي من الريف إلى المدينة " (أي: قادم من الريف إلى المدينة).
أروى العشرينية تتقاسم هذا الرأي مع عديد الشبان والشابات التونسيين الذين رأوا فى هذا النوع الموسيقى "ثورة على الوضع السائد وسعيا إلى تغييره". فكان شهاب، وهو شاب تونسي اختار الرسم على الجدران طريقة للتعبير عن طموحاته، يعتبر أنّ "الواقع التونسي لطالما أحبطها".
والرسم على الجدران ظاهرة عرفتها تونس في السنوات الأخيرة. إذ تكاد لا تدخل مدينة تونسية إلا وتجد جدرانها مملوءة رسوماً تجمع بين الشعارات السياسية والرياضية: "حتّى الدفاع عن حقّ الشباب في أنواع من المخدرات يحرّمه القانون التونسي".
قرأ ايضاً: هكذا ردّت تونس على الإرهاب... بالفنّ
الشاب ريان، وهو راقص في فرقة مختصة بفنّ "Break dance"، وهي واحدة من تعبيرات الهيب - الهوب، يرى في هذا الرقص "محاولة للخروج عن القواعد المتعارف عليها في الرقص التقليدي وإعلانا عن الذات بشكل فردي يتحدّى كلّ العوائق الاجتماعية منها وحتّى الطبيعية. فنحن نحاول خلال رقصنا تحدّي قوانين الجاذبية نفسها".
هذه الثقافة، ذات الطابع الاحتجاجي، كان لها إسهاماتها في الثورة التونسية حين كانت تردّد أغاني الراب التونسي حول الوضع العام في تونس من قبل بلطي والجنرال وبندرمان. كما كانت الجدران بالنسبة إلى التونسيين بمثابة وسائل إعلام بديلة تعبّر عن تطلعات هذا الشباب وطموحاته في العيش الكريم.
عن ثقافة الهيب – هوب يقول الدكتور منجي الزيدي، صاحب كتاب "ثقافة الشارع" والمتخصّص في سوسيولوجيا الشباب، إنّ "حركة الهيب – هوب حكاية تونسية جديّة، فهي في الوقت نفسه ممارسات فنية ونمط في التفكير والوجود، وتقوم هذه الحركة على جملة من المواقف الإيجابية توجّه السلوك داخل المجموعة وتتجلّى في قيم من قبيل التحدي والاحترام والحيوية والتلقائية ...".
اقرأ ايضاً: "سامايا" الجورجية تبهر جمهور "قرطاج"
جاءت ثقافة الهيب – هوب، بتعبيراتها المختلفة، إلى المجتمع التونسي، عبر الفضائيات، في مطلع التسعينيّات من القرن الفائت على وجه الخصوص "وكانت تأثيرات هذه الثقافة شائعة لدى كلّ فئات المجتمع التونسي.
إلا أنّ الفئات الأكثر تعرّضا لهذا التأثير كانت فئات الطبقة الوسطى والأوساط الشعبية التي تتنشر في الضواحي التونسية الحديثة. تلك الضواحي الناشئة بسبب سياسة التحضّر المعتمدة من العقود الأولى للاستقلال وسياسة السكن الجماعي".
ثقافة الهيب – هوب في تونس تعيش اليوم عصرها الذهبي، نتيجة انتشار حريّات الرأي والتعبير. وهي واحدة من مكاسب الثورة التونسية، رغم ملاقاة هذه الثقاف معارضة شديدة من قبل فئة كبيرة من المجتمع التونسي، خصوصا الكهول منهم، الذين يرون فيها ثقافة "دخيلة" وعنوانا لـ "الميوعة" و"التسيّب".
اقرأ أيضاً: "الراحل الكبير": طرب و"هيب هوب" صوفي
فقد بيّن الحفل الذى أقامه مغنّي الراب الفرنسي "بلاك أم"، وسهرة الراب التونسي التي احتضنها مسرح قرطاج، والحضور الكبير الذى شهدته هذه السهرات من قبل الفئة الشبابية، أنّ ثقافة الهيب – هوب، أو الثقافات الصاعدة، أو ما يتّفق على تسميته علماء الاجتماع "ثقافة الشارع"، تحظى بمكانة هامة لدى الشباب التونسي.
كان لا بدّ من لقاء عدد من الشباب التونسي لسبر أغوار حكاية الهيب هوب. فالشابة أروى مثلا لا تخفي إعجابها بموسيقى الراب، وتعتبر الفنانين من أمثال بلطي وكافون - وهما فنانان تونسيان يغنيان الراب - من أحسن الفنانين بالنسبة إليها. وهي تردّد أغنياتهما التي تحفظها عن ظهر قلب.
وعن سرّ تعلقها بهذه النوعية من الموسيقى تروي أروى أنّها "موسيقى تعبّر عن واقع الشباب التونسي في الأحياء الفقيرة والمهمشة، كما تعبّر عن فئة من التونسيين ظلمهم المنوال التنموي الذي اعتمد في تونس منذ الاستقلال.
اقرأ أيضاً: قرطاج: المهرجان هزم النقّاد... سبعة آلاف رقصوا "هيب هوب"
مسار أوقع العناية على المناطق الساحلية، في حين لم تحظَ المناطق الداخلية، خصوصاً المنطقة الغربية للجمهورية التونسية، إلا بالتهميش. وقد عبّر الفنان بلطي مثلا عن ذلك بشكل متقن في أغنيته: "جاي من الريف إلى المدينة " (أي: قادم من الريف إلى المدينة).
أروى العشرينية تتقاسم هذا الرأي مع عديد الشبان والشابات التونسيين الذين رأوا فى هذا النوع الموسيقى "ثورة على الوضع السائد وسعيا إلى تغييره". فكان شهاب، وهو شاب تونسي اختار الرسم على الجدران طريقة للتعبير عن طموحاته، يعتبر أنّ "الواقع التونسي لطالما أحبطها".
والرسم على الجدران ظاهرة عرفتها تونس في السنوات الأخيرة. إذ تكاد لا تدخل مدينة تونسية إلا وتجد جدرانها مملوءة رسوماً تجمع بين الشعارات السياسية والرياضية: "حتّى الدفاع عن حقّ الشباب في أنواع من المخدرات يحرّمه القانون التونسي".
قرأ ايضاً: هكذا ردّت تونس على الإرهاب... بالفنّ
الشاب ريان، وهو راقص في فرقة مختصة بفنّ "Break dance"، وهي واحدة من تعبيرات الهيب - الهوب، يرى في هذا الرقص "محاولة للخروج عن القواعد المتعارف عليها في الرقص التقليدي وإعلانا عن الذات بشكل فردي يتحدّى كلّ العوائق الاجتماعية منها وحتّى الطبيعية. فنحن نحاول خلال رقصنا تحدّي قوانين الجاذبية نفسها".
هذه الثقافة، ذات الطابع الاحتجاجي، كان لها إسهاماتها في الثورة التونسية حين كانت تردّد أغاني الراب التونسي حول الوضع العام في تونس من قبل بلطي والجنرال وبندرمان. كما كانت الجدران بالنسبة إلى التونسيين بمثابة وسائل إعلام بديلة تعبّر عن تطلعات هذا الشباب وطموحاته في العيش الكريم.
عن ثقافة الهيب – هوب يقول الدكتور منجي الزيدي، صاحب كتاب "ثقافة الشارع" والمتخصّص في سوسيولوجيا الشباب، إنّ "حركة الهيب – هوب حكاية تونسية جديّة، فهي في الوقت نفسه ممارسات فنية ونمط في التفكير والوجود، وتقوم هذه الحركة على جملة من المواقف الإيجابية توجّه السلوك داخل المجموعة وتتجلّى في قيم من قبيل التحدي والاحترام والحيوية والتلقائية ...".
اقرأ ايضاً: "سامايا" الجورجية تبهر جمهور "قرطاج"
جاءت ثقافة الهيب – هوب، بتعبيراتها المختلفة، إلى المجتمع التونسي، عبر الفضائيات، في مطلع التسعينيّات من القرن الفائت على وجه الخصوص "وكانت تأثيرات هذه الثقافة شائعة لدى كلّ فئات المجتمع التونسي.
إلا أنّ الفئات الأكثر تعرّضا لهذا التأثير كانت فئات الطبقة الوسطى والأوساط الشعبية التي تتنشر في الضواحي التونسية الحديثة. تلك الضواحي الناشئة بسبب سياسة التحضّر المعتمدة من العقود الأولى للاستقلال وسياسة السكن الجماعي".
ثقافة الهيب – هوب في تونس تعيش اليوم عصرها الذهبي، نتيجة انتشار حريّات الرأي والتعبير. وهي واحدة من مكاسب الثورة التونسية، رغم ملاقاة هذه الثقاف معارضة شديدة من قبل فئة كبيرة من المجتمع التونسي، خصوصا الكهول منهم، الذين يرون فيها ثقافة "دخيلة" وعنوانا لـ "الميوعة" و"التسيّب".
اقرأ أيضاً: "الراحل الكبير": طرب و"هيب هوب" صوفي