هكذا استُدرج المخرج السوري بيازيد بمحاولة الاغتيال... وأصابع اتهام تشير للنظام

11 أكتوبر 2017
اعتُبر الهجوم مجرد تحذير (فيسبوك)
+ الخط -
بدأت الحالة الصحية للمخرج السوري محمد بيازيد، بالاستقرار، بعد أن تعرّض ليل الثلاثاء لمحاولة اغتيال في مدينة إسطنبول التركية، عبر طعنه بسكين بمنطقة الصدر اخترقت جسمه، بحسب ما أكد زميله المرافق له، سلمة عبدو.

وكشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، أن محاولة الاغتيال تمت "عبر استدراج المخرج بيازيد وزميله سلمة عبدو، إلى أطراف إسطنبول عبر اتصال هاتفي يتعلق بفيلمه الجديد، من ثم جاءت سيارة فيها عدة أشخاص، نزل أحدهم وطعن بيازيد ومن ثم لاذ بالفرار".

وأكدت مصادر مقربة من المخرج بيازيد لـ"العربي الجديد"، أن وضعه الصحي بدأ بالاستقرار ولم يزل بالعناية المركزة بمشفى "ميدي بول" بإسطنبول "لأن الطعنة لم تصب أي عضو حيوي كالقلب والرئة، لكنه نزف بشكل كبير وأعطي دم له".

وأضافت المصادر أن "جرح الطعنة عميق وأبقى الأطباء الأتراك عليه مفتوحاً حتى صباح الأربعاء، للتأكد من عدم وجود أية مضاعفات".



وبدأت أصابع الاتهام توجه لنظام بشار الأسد، نظراً للمخاطر التي تشكلها أعمال المخرج على رأس النظام بشار الأسد وتهديده بالمحاكم دولية، وخاصة فيلمه "النفق" الذي يكشف جرائم النظام في سجن تدمر، والذي كان يحضر له أخيراً ونشر "برومو" عنه.

ويقول الفنان السوري همام حوت لـ"العربي الجديد": "عملت مع المخرج بيازيد بأعمال عدة ونلنا جائزة عن فيلم (أورشينا)، وهو إنسان خلوق وموهوب".

ويضيف حوت: "النظام هو صاحب المصلحة الأولى بالاغتيال، نظراً لاستمراره بإسكات كل أصوات المثقفين والإعلاميين الذين يكشفون جرائمه ويسوقونها للرأي العام الدولي". ولفت إلى أنه "ولو لم يكن نظام الأسد الفاعل المباشر، فهو يتحمل المسؤولية كاملة عبر تهجير السوريين"، معتبراً أن أمثال المخرج بيازيد يشكلون خطراً على الأسد، أكثر من لواء عسكري.

ورأى سوريون بتركيا أن الأفضل عدم اتهام أحد قبل كشف الفاعلين ودوافعهم، لأن محمد سينجو ومعه سلمة، ويمكن للمختصين بتركيا الوصول للجناة من خلال الاتصال الهاتفي والكاميرات واستجواب المصاب وزميله.


ويقول المخرج عبدو مدخنة: "رأيت برومو فيلمه الجديد (النفق)، وهو صاحب رؤية خاصة تشبهه، إذ يحاول بيازيد أن يؤسس لأسلوب وطريقة مختلفين وخاصيّن به"، مضيفاً "فيلم هاجر مهم وفيه روح ويتعدى عرض الصور وسرد الحكاية".

ويضيف مدخني لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن الأمر محاولة قتل بقدر ما هي رسالة، لأن من وصل لبيازيد وطعنه بصدره، يمكنه أن يقتله برصاصة، والأمر ترويع وتحذير لكل من يعمل بحقل الفن، وخاصة بعد أن تكرّرت الحالات بتركيا".

ورأى ناشطون وإعلاميون سوريون بتركيا، أن فيلم "النفق" الذي يحضر له بيازيد، على الأرجح هو سبب محاولة الاغتيال، واتهموا النظام السوري بها، نظراً للأسرار التي سيتم كشفها عبر سجين أمضى بسجون الأسد نحو عشرين عاماً.



وكتب المخرج بيازيد أخيراً دوافع عمله لفيلم "النفق"، واصفاً القصة "بالتفاصيل التي يكشفها للمرة الأولى".


وقال "في عام 2011 وفي منزلي في دمشق خطرت لي فكرة صناعة فيلم روائي طويل تجري أحداثه في أحد أكثر السجون رعباً في العالم. سجن سياسي لا أعتقد أن هناك عائلة سورية لا تعرف أحداً قضى فيه جزءاً من عمره".

وتابع "هو سجن (تدمر) السياسي سيئ الذكر والذي قتل فيه آلاف السوريين خلال الثلاثين سنة الماضية. بعضهم قُتلوا خلال إعدامات أسبوعية (شنقاً) وبعضهم الآخر قتل من شدّة التعذيب وسوء الظروف الصحيّة التي لا أستطيع حتى كتابتها هنا لكثرتها وفجاعتها".



وأضاف: "كانت أصابعي ترتجف وهي تكتب على الكيبورد أمام رجال في الخمسينيات أو الستينيات يروون لي تفاصيل التعذيب اليومية التي يشيب لها الولدان. بعضهم كان ينفجر بكاءً أمامي ويحلف لي بالأيمان المغلّظة أنه حتى زوجته وأولاده لم يسمعوا منه هذه التفاصيل".

وعن توقيت فيلم "النفق"، أوضح المخرج: "لم يفهم العالم (الغربي خصوصاً) حتى الآن لماذا نزل السوريون إلى الشوارع وأرواحهم على أكفّهم في مظاهرات صنّفها العديد من الصحافيين الأخطر في التاريخ الحديث. والحقيقة أن (النفق) يروي تاريخ الحكاية التي نعيشها اليوم. فمن الظلم الشديد أن يتم النظر للثورة السورية على أنّها وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لتراكمات من إجرام الأسد (أباً وابناً). هي منظومة كاملة كانت تهدف إلى تعذيب السوريين وتملّكهم وكأنهم (دواب) في مزرعة الأسد. ليست هناك قصّة أفضل من قصّة سجن تدمر لشرح ما حدث وما يحدث في سورية اليوم". 

وحول سؤال إلى أين وصل التحضير لفيلم "النفق"، تابع المخرج السوري محمد بيازيد: "النفق سيكون فيلماً سينمائياً روائياً أميركياً تماماً مثل الأفلام التي تشاهدونها في الصالات السينمائية (ليس وثائقياً). انتهينا للتو من كتابة آخر نسخة من السيناريو الخاص به بالتعاون مع أحد الكتّاب الأميركيين والذي عمل مستشاراً مع العديد من استديوهات هوليوود. نخطّط لتصويره في الولايات المتحدة ضمن استديوهات سيتم بناؤها في شيكاغو تحاكي السجن الأصلي، ومع نجوم شباك تذاكر". 

وتابع: "انتهينا كذلك أنا وشريكتي في المشروع، سماح، من تصوير تريلر تسويقي للفيلم في نيويورك سنقوم بعرضه في بعض الأماكن خلال أسفارنا القادمة للقاء رجال أعمال مهتمّين بتمويل هذا الفيلم".

وأشار بيازيد إلى أن التاريخ يكتبه صنّاع الأفلام، فقال: "أحاول دائماً أن أتخيل العالم بعد 50 سنة من اليوم، ما الذي سيذكره جيل الأبناء والأحفاد من تاريخ سورية الحديث؟! ربما لن يذكر أحدهم ذلك الجحيم المسمّى تدمر؟ بالتأكيد سينسى الناس أرواح آلاف الأبرياء التي رحلت إلى السماء بعد كمّ لا يصدّق من العذاب. لذا نريد صناعة فيلم (النفق) ليكون هو التاريخ البصري المكتوب لتلك الحقبة الدموية".

المساهمون