هذه الأماكن المحتملة لإقامة السفارة الأميركية في القدس... ضمنها أرض مسروقة

06 ديسمبر 2017
ترامب سيوقع تنازلا آخر للحفاظ على الموقع الحالي للسفارة(Getty)
+ الخط -
رغم التحذيرات الدولية الواسعة، والتداعيات الخطرة على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، وأعطى أوامره بالاستعداد لنقل السفارة إلى القدس المحتلة. 

ويتوقع أن توجد السفارة في منطقة قريبة من مبنى القنصلية الأميركية؛ وهي ستكون على أراضٍ إما محتلة بطبيعة الحال، وإما منهوبة.

وسلطت صحيفة واشنطن بوست، الضوء على عملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والتي رغم إشارتها إلى أنه لم يُحدد أي موقع حتى الآن، وأن الأمر سيستغرق سنوات، إلا أنها أكدت أنه سيتم النظر في المواقع الواقعة على الجانب الغربي من الخط الأخضر قبل عام 1967.

وأكدت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين بارزين أن ترامب يعتزم الاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل والأمر بنقل السفارة الأميركية إلى تلك المدينة، مشيرة إلى أنه سوف يصدر كلمته في خطاب منتصف النهار.

وتوضح أنه وفي إشارة إلى تعقيدات هذا التحول، أكد مساعدو البيت الأبيض أن ترامب سيوقع تنازلا آخر لمدة ستة أشهر يحافظ على الموقع الحالي للسفارة في تل أبيب، لأن عملية نقله ستستغرق ثلاث أو أربع سنوات على الأقل.

المواقع المحتملة للسفارة

ولم يحدد المسؤولون الأميركيون حسب "واشنطن بوست"، أي موقع محتمل للسفارة الجديدة، وقالوا إن الأمر سيستغرق سنوات للتخطيط والبناء لمواجهة المخاوف الأمنية لحوالي ألف دبلوماسي يوجد مقرهم حاليا في تل أبيب. غير أنها لفتت إلى أن المسؤولين أكدوا أن هذه الخطوة لن تمس بمطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية، مما يعني ضمنا أنه لن يتم النظر إلا في المواقع الواقعة على الجانب الغربي من الخط الأخضر قبل عام 1967.

علماً أن هذا العام شهد إصدار قانون أميركي قضى بنقل السفارة إلى القدس من تل أبيب مع منح الرئيس الأميركي صلاحية تأجيل هذا النقل لستة أشهر قابلة للتمديد، ما دام يرى ذلك ضرورياً.

من جهته، قال مسؤول ثالث في الإدارة الأميركية إن "هذا لا يتطرق إلى قضايا الوضع النهائي"، مشيرا إلى أن النزاعات الشائكة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، يفترض أنها في طي النسيان حتى تنتهي التسوية النهائية للسلام".

وعشية خطاب ترامب الموعود بشأن وضع القدس، أمس، كشف متحدث في الخارجية الأميركية، تحفظ عن ذكر اسمه، أن الإدارة قررت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإرجاء نقل السفارة الأميركية إليها لمدة ستة أشهر.

من جهة ثانية، يشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" صادر في عام 1995 إلى أن "الولايات المتحدة بدأت في استكشاف مواقع القدس الممكنة، وقد عثرت على موقع في حي تل بيوت الجنوبي".


ووفق تقرير لقناة "إسرائيل الثانية" في عام 2016، يوجد استطلاع لأكثر من موقع لنقل السفارة الأميركية، منها فندق "دبلومات" في حي "أرنونا" في القسم الغربي من المدينة المحتلة. هذا الفندق مملوك للقطاع الخاص حاليا، ويسكنه حوالي 500 من كبار السن من الاتحاد السوفييتي سابقاً. إلا أن هذا العقار غير متوفر حتى عام 2020. كما أن هذا المبنى مجاور لمجمع القنصلية الأميركية في القدس.

الموقع الثاني المحتمل للسفارة قد يكون قريبا من مبنى القنصلية الأميركية في "شارع ديفيد فلسر 14"، الذي يقع في "أرنونا"، على بعد أقل من 20 دقيقة سيراً من موقع "ثكنات ألنبي" سابقاً، وفق القناة الثانية الإسرائيلية.

وفي يناير/كانون الثاني 2017، أشار تقرير للقناة الثانية الإسرائيلية أيضاً، إلى أن مقاولي البناء في الأحياء القريبة من القنصلية الحالية الأميركية في "تل بيوت" تلقوا مكالمات مؤخراً من مشترين محتملين يبحثون عن منازل فاخرة للأميركيين.




سفارة على أرض مسروقة 

كذا، توقع تقرير لموقع "تايم أوف إسرائيل" في نهاية العام الماضي، أن تقام السفارة الأميركية على أرض استأجرتها الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة لهذا الغرض. ويشرح التقرير أنه منذ عقود، أصبحت هذه القطعة من الأرض قاحلة، وأصبت حفرة فارغة في قلب العاصمة المزدحم في منطقة "تل بيوت" التي لم يعرها أحدهم الكثير من الاهتمام.

لكن نظراً إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة أعلنت عن نيتها نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، قال التقرير إنه قد تسلط الأضواء العالمية على هذه القطعة من الأرض التي تقع على زاوية شارع الخليل وشارع "دانيل يانوفسكي".

بالرغم من كون هذه البقعة مهجورة في يومنا الحالي، إلا أنها تحمل تاريخاً حافلاً وقد تحمل مستقبلاً مثيرا للجدل. ومن المؤكد أن العالم العربي والشعب الفلسطيني بالتحديد سيحتج على نقل سفارة ما إلى القدس، بغض النظر عن الموقع الفعلي. لكن منذ الثمانينيات، يقول ناشطون فلسطينيون، وفق "تايم أوف إسرائبل" إنهم يمتلكون هذا الموقع بالتحديد، ولو جزئياً. كما ويقولون إنه من المستغرب أن تقوم الولايات المتحدة بتأسيس سفارتها على "أراضٍ مسروقة".

تعود قصة هذه الأرض لزمن الانتداب البريطاني عندما كانت موقعا لثكنات "ألنبي" على اسم الجنرال البريطاني أدموند ألنبي الذي أدار قاعدة عسكرية هناك. لاحقاً، أقام الاحتلال محطة لشرطة الحدود في هذا الموقع.

في الثمانينيات، قام سياسيون أميركيون، بقيادة السيناتور الجمهوري جسي هلمز، بتشجيع الإدارة الأميركية على إعلان القدس عاصمة إسرائيل وعلى نقل السفارة إلى المدينة. في العام 1988، تم تمرير قانون يدعو إلى بناء "مرفقين دبلوماسيين" أميركيين في تل أبيب والقدس.

في الأيام الأخيرة لرئاسة ريغان، في 1989، وقّع كل من سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ويليم براون ونائب مدير ومدير دائرة أراضي إسرائيل موشيه غات على اتفاقية تأجير إسرائيل تلك القطعة من الأرض للولايات المتحدة.

وفق  كتاب "أرض السفارة الأميركية في القدس: الملكية العربية والمأزق الأميركي" للمؤرخ وليد الخالدي، تبلغ مساحة قطعة الأرض التي جرى استئجارها في القدس - بحسب اتفاقية 1989 - نحو 31250 مترًا مربعًا، وتقع في الحوض رقم 30113، ويبلغ سعر إيجارها دولارًا واحدًا سنويًا، لمدة 99 عامًا قابلة للتجديد، على أن تقيم الولايات المتحدة على هذه الأرض منشأة دبلوماسية أميركية في القدس الغربية".

وطلبت الولايات المتحدة من إسرائيل وقت إبرام العقد أن يظل الهدف من العقد مُبهمًا، بينما طالبت إسرائيل الولايات المتحدة بتعهد صريح ينص على أن مشروع العقد سيكون سفارة.

ويؤكد الخالدي أن 70% من مساحة الأرض ملكية خاصة لـ76 لاجئًا فلسطينيًا من المالكين الأصليين للأرض، وأصبح لهم ضمن ورثتهم 90 مواطنًا أميركيًا من أصل فلسطيني، والجزء الباقي من مساحة الأرض وقف إسلامي صادرته إسرائيل عام 1948. ويبلغ مجموع عدد ورثة المالكين الأصليين لهذه الأرض استنادًا إلى قانون الإرث الإسلامي ألف وارث.

كما يؤكد الكتاب أن الأرض التي تعرف بمعسكر ألنبي كانت مؤجرة من مالكيها الفلسطينيين إلى حكومة الانتداب البريطانية، وحصل المؤلف على اتفاقيات إيجار بين حكومة الانتداب البريطانية والمالكين الفلسطينيين لقسائم هذه الأرض متضمنة عروض دفعات الإيجار التي قدمها البريطانيون إلى المالكين الأصليين، فضلًا عن وجود شهادات تسجيل لهذه القسائم وفقًا للسجلات العقارية العثمانية والانتدابية البريطانية وخرائط عثمانية وبريطانية لموقع قسائم هذه الأرض محل النزاع التي تدعي إسرائيل ملكيتها بعد شرائها من البريطانيين.

وظلت مراسلات دفعات الإيجار من الحكومة البريطانية للمالكين الفلسطينيين الأصليين حتى نهاية الانتداب البريطاني في مايو/أيار 1948، وقد سددت دفعات إيجار من البريطانيين حتى يوليو/تموز 1951، وبذلك ثمة مستندات لاعتراف بريطاني بالملكية الفلسطينية للقسائم المذكورة والمستأجرة في هذا الحوض.

علماً أن تقريراً صدر في عام 1995 في "نيويورك تايمز"، أكد أن الموقع المخصص للسفارة الأميركية هو تابع للأوقاف الإسلامية، التي تشرف على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس والضفة الغربية. وقال عدنان الحسيني مدير الوقف حينها: "لا توجد إمكانية للمناقشة حول هذه الارض، لأن الله لا يسمح بنقل الممتلكات الإسلامية إلى الآخرين".

(العربي الجديد)