هدوء غزة الهش ينتظر تدخّل الوسطاء لتثبيته

01 يوليو 2019
لا أحد راغب في مواجهة كبيرة بالقطاع(سعيد الخطيب/فرانس برس)
+ الخط -
يراوح الوضع في قطاع غزة بين الهدوء والتصعيد، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية، وإصرار الفصائل الفلسطينية على تطبيق التفاهمات الخاصة بكسر الحصار وخفض القيود الإسرائيلية على الواردات والصادرات من وإلى القطاع المحاصر منذ 13 عاماً. وبين الهدوء الهش، واشتعال جبهة غزة من جديد، فإن حدثاً قد ينهي الهدوء ويُدخل المنطقة من جديد في تصعيد غير محسوب، يبقى ممكناً، وهو ما تحذّر منه أطراف الوساطة.
لكن المشكلة الحالية، وفق التسريبات الإسرائيلية، هي في محاولة ربط تل أبيب بين التسهيلات لغزة، ومصير جنودها ومفقوديها في القطاع، وهو ما لن توافق عليه حركة "حماس"، التي تدفع إلى جعل ملف الجنود وعملية التبادل منفصلة تماماً عن غزة وحصارها.

ووسط هذا المشهد، يبرز من جديد دور الوسيط المصري الذي سيصل إلى القطاع خلال هذا الأسبوع، ومنها سيعود لخوض مفاوضات مع حركة "حماس" من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، غير أنّ هذا التحرك ليس مضمون النتائج في ظل ابتعاد القاهرة في بعض الأحيان عن ساحة غزة وجعلها عرضة للابتزاز الإسرائيلي قبل العودة للتدخّل من جديد.
ومع ذلك، فإنّ الإشارات الإسرائيلية المتكررة لإعادة فرض القيود على القطاع تعطي انطباعاً سلبياً عن الوضع، مع استمرار تساقط البالونات الحارقة على مستوطنات غلاف غزة، وإن كان بنسبة أقل بكثير من تلك التي شهدتها الأيام الماضية. وعاد الاحتلال ليهدد من جديد بوقف إدخال الوقود إلى القطاع وتقليص الكهرباء ومساحة الصيد في بحر القطاع، إذا لم تتوقف الوسائل الخشنة التي يستخدمها الفلسطينيون على الحدود.
وعلى الرغم من وجود شبه إجماع فلسطيني على استمرار الهدوء وعدم الذهاب إلى التصعيد، إلا أنّ الأوضاع الميدانية واستمرار التلكؤ الإسرائيلي وعدم قدرة الوسطاء على دفع الاحتلال للالتزام بتنفيذ التفاهمات، عوامل قد تدفع الأوضاع للانفجار.


يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، تيسير محيسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ قطاع غزة يراوح حالياً بين سياسة اللاحرب واللاسلم، خصوصاً أن المقاومة الفلسطينية والاحتلال غير معنيين بالدخول في مواجهة مفتوحة على غرار الحروب السابقة. ويوضح محيسن أنّ ما يجري حالياً هو سياسة الجولات التي تتراوح ما بين 24 إلى 48 ساعة بحدٍ أقصى، ثم سرعان ما يتدخّل الوسطاء لاحتواء المشهد قبل انزلاقه نحو مواجهة لا تريدها جميع الأطراف، بما في ذلك الوسطاء.

ووفق محيسن، فإن التجربة مع الاحتلال أثبتت أنه لا يلتزم إلا إذا كانت هناك أوراق ضغط وقوة، وهو ما يمتلكه الفلسطينيون في غزة حالياً، ويجعله يعود أدراجه من أجل الحديث عن تفاهمات التهدئة وبحث تنفيذها وآلياتها كما جرى قبل أيام، مشيراً كذلك إلى أنّ السلوك الاحتلالي يقوم على التنكر لمطالب الشعب الفلسطيني وعدم الاعتراف بها، إلا أن أوراق وأساليب الضغط المتّبعة تخالف الطريقة التي اعتاد عليها القادة الإسرائيليون بألا يكون عليهم أي ضغط بطريقة تسهل عليهم عدم الالتزام بالتفاهمات والتهرب منها.
ويلفت المحلل الفلسطيني إلى أن تصعيد الاحتلال الإعلامي يأتي في سياق الرغبة في إرضاء الجبهة الداخلية، غير أن السلوك السياسي مختلف، خصوصاً أن قادة الاحتلال يدركون طبيعة المشهد والظروف الإقليمية القائمة حالياً ويتعاملون معها.

وينبّه محيسن إلى الرسالة التي نقلها المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف على لسان قائد حركة "حماس" في غزة يحيى السنوار، والتي حملت نوعاً من التهديد للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعكس التوازن في استخدام القدرات والتصريحات الكلامية. ويستبعد اندلاع مواجهة قريبة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال خلال الفترة المقبلة، على أن تستمر حالة المراوحة قائمة لفترة غير قصيرة، مع عدم رغبة الأطراف مجتمعة في الذهاب نحو خيار الحرب.