تلقت السياحة التونسية، اليوم الأربعاء، ضربة موجعة بمقتل 19 سائحاً من جنسيات مختلفة ومواطن تونسي، في متحف باردو، المحاذي لمبنى البرلمان، بعد تسلل إرهابيين إلى المبنى، وقيامهم باحتجاز حافلتي سياح كرهائن، ومن ثم إطلاق النار عليهم، في الوقت الذي كان فيه قرابة 100 سائح في زيارة إلى أكبر متحف أثري في تونس.
وكان وقع الصدمة كبيراً على العاملين بقطاع السياحة، في الوقت الذي كانت تستعد فيه وزارة
السياحة التونسية إلى إطلاق حملة دعاية كبرى في العديد من العواصم العالمية، لتنشيط القطاع الذي يشكو صعوبات كبيرة منذ أربع سنوات.
وقال رئيس الجامعة التونسية للفنادق، رضوان بن صالح، لـ"العربي الجديد"، إن مهنيي السياحة تحت وقع الصدمة، معتبراً أن الحادثة الإرهابية التي حدثت في محيط معلم سياحي بجانب أكبر مقرات السيادة في تونس (البرلمان)، تعد ضربة قاسية للسياحة التونسية، التي كانت بالكاد تتنفس منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
وذكر المسؤول التونسي أن الفنادق لم تتلقّ إلى حد الآن مطالب لإلغاء الحجوزات، متوقعاً أن تشهد الأيام القادمة إشعارات من الوكلاء السياحيين بالخارج لإلغاء الحجوزات المبرمجة للصيف المقبل، كما توقع أن تكون نتائج هذه الضربة كارثية على القطاع.
وأضاف: "سننتظر الأيام المقبلة كيف ستكون ردة فعل الأسواق العالمية، لكن في كل الحالات التداعيات ستكون سلبية وإن الحجوزات ستتأثر بهذا الحادث من دون شك. إنها ضربة جديدة للقطاع".
واعتبر رئيس الجامعة التونسية للفنادق أن حماية السياح الموجودين على التراب التونسي تعد من الأولويات المطلقة لأصحاب النُّزُل، مؤكداً على أن المهنيين سيعملون بالتنسيق مع السلطات الأمنية على طمأنتهم وتمكينهم من مواصلة برامجهم السياحية في ظروف طيبة.
اقرأ أيضاً:
الإرهاب يضرب السياحة التونسية
من جهته، قال رئيس الجامعة التونسية لوكالات السفر، محمد علي التومي، إن مستقبل السياحة التونسية في خطر، وإن الحكومة التونسية تحتاج إلى سنوات ومجهودات جبارة لاستعادة ثقة السياح الأجانب في السوق التونسية، التي قال إنها خسرت العديد من الأسواق لصالح جهات منافسة.
وأعرب المسؤول التونسي عن استنكاره الشديد لهذه الحادثة، متوقعاً أن تؤثر بشكل كبير على نشاط الفنادق وكافة العاملين في القطاع السياحي.
بدوره، قال النائب بالبرلمان والخبير الاقتصادي، محسن حسن، إن الإرهابيين اختاروا التوقيت والهدف بشكل جيد، مشيراً إلى أن هذه الحادثة الإرهابية تعد ضربة قاسية للاقتصاد التونسي وللقطاع السياحي تحديداً.
وأضاف: "تونس تخطط هذا العام لبلوغ 7 ملايين سائح مقابل 6 ملايين العام الماضي، وتحقيق إيرادات بأكثر من 3 مليارات دينار، أي ما يعادل 1.5 مليار دولار".
وأشار حسن، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن تونس كانت تقترب بفضل الجهود التي بذلتها الحكومات المتعاقبة من بلوغ المعدلات العادية المسجلة ما قبل الثورة عام 2011، متوقعاً أن تعيد هذه العملية العجلة إلى الوراء أشواطاً.
وأضاف الخبير الاقتصادي التونسي أن 65% من رقم المعاملات التي يحققها القطاع تسجل عادة خلال النصف الثاني من السنة، معتبراً أن حدوث أي أعمال إرهابية دموية في هذا التوقيت بالذات يمكن أن يؤدي إلى انتكاسة للسياحة، لافتاً إلى أن هذا سيترتب عنه تراجع الحجوزات وتضرر القطاع الذي يعمل به 400 ألف عامل، وهو لا يزال في طور التعافي من تداعيات الانفلات الأمني بعد ثورة عام 2011.
واعتبر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، في بيان صحافي له، أن هذه العملية الإرهابية جاءت "لتضرب القطاع السياحي باعتباره أحد أهم ركائز الاقتصاد التونسي، ولخلق مصاعب إضافية أمام الشعب التونسي الذي يعيش العديد من أبنائه بصفة مباشرة أو غير مباشرة من السياحة".
وشهدت تونس، في أبريل/ نيسان 2002، هجوماً إرهابياً مماثلاً استهدف كنيس الغريبة اليهودي
بجزيرة جربة، جنوب شرق العاصمة، من قبل منتمين إلى تنظيم القاعدة. وجرى وقتها تحميل شاحنة لنقل الغاز الطبيعي بكمية من المتفجرات وتخطت الحواجز الأمنية في كنيس غريبة الأثري في جزيرة جربة بولاية مدنين.
وانفجرت الشاحنة يومها أمام الكنيس متسببة في مقتل 14 شخصاً منهم 6 سياح ألمان و6 تونسيين وفرنسي واحد وجرح ما يزيد عن 30 شخصاً، وقد كان لهذه الحادثة تداعيات كبيرة على السياحة التونسية التي سجلت تراجعاً في عديد السياح من الجنسيات المختلفة ولا سيما منها الجنسية الألمانية.
ويستحضر مهنيو السياحة إلى اليوم حادثة الغريبة، التي تعتبرها الجامعة التونسية للفنادق أكبر انتكاسة في تاريخ السياحة التونسية.
اقرأ أيضاً:
تونس من أفضل الوجهات السياحية للفرنسيين