أكد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أنّه يتوقع "تقدماً سريعاً" في تقديم المسؤولين عن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي للعدالة، معتبراً أنّ فرص إجراء محادثات لإنهاء الحرب المستمرة في اليمن، منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، باتت "أكثر واقعية".
وبعد لقائه في الرياض مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، قال هانت، في مقابلة لـ"رويترز"، اليوم الثلاثاء، "وصلتُ إلى اعتقاد بأنّ من المؤكد أنّ الإجراءات القانونية ستبدأ في القريب العاجل بالفعل، وأنّ علينا أن نسمع شيئاً عن التحقيق قريباً".
وتأتي جولة هانت، التي شملت أيضاً لقاء مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بينما تواجه الرياض انتقادات عالمية وعقوبات محتملة، بشأن مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولم يؤد مقتل خاشقجي، الذي كان يكتب بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، وينتقد ولي العهد السعودي، إلى قيام القوى العالمية بتحرّك ملموس يُذكر ضد السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، وداعمة خطط واشنطن لاحتواء النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
ودعت بريطانيا إلى إجراء تحقيق "مقنع" في مقتل خاشقجي. وقال هانت، وهو أول وزير بريطاني يزور السعودية منذ الواقعة، إنّه يتعين مراجعة النتائج قبل اتخاذ قرار بشأن العواقب.
وأضاف "تحدثت بصراحة شديدة عن مخاوفنا بشأن ما حدث ومدى أهمية أن يعرف شركاء السعودية الاستراتيجيون أنّ ذلك لا يمكن أن يحدث ولن يحدث مجدداً".
وتابع "الإجراءات القانونية جارية حالياً في السعودية، ووصلت إلى الاعتقاد بأنّه سيكون هناك تقدم سريع في التأكد من تقديم الأشخاص (المتورطين) للعدالة".
وشدد هانت على ضرورة محاسبة كل من ارتكب الجريمة ومن أمر بها.
ويقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنّ قتل خاشقجي كان بأوامر من أعلى مستويات في الحكومة السعودية. وأقرّ المسؤولون السعوديون بأنّ الأمر كان مدبراً، لكنهم قالوا إنّ الأمير محمد لم يكن على علم بالعملية على وجه التحديد.
وقال أردوغان، يوم السبت، إنّ تركيا سلّمت تسجيلات تتعلّق بالقتل لدول من بينها بريطانيا.
وسُئل هانت عن التسجيلات، فرفض التعليق بشأن أمور المخابرات، لكنه قال "فهمي لما حدث بالفعل ليس مختلفاً عما كنت أقرأ عنه في الصحف".
محادثات اليمن
وتتعرّض المملكة بالفعل لضغوط بسبب القتلى المدنيين جراء الضربات الجوية في اليمن. واستأنف التحالف الذي تقوده السعودية شن ضربات جوية على مدينة وميناء الحديدة الرئيسي في اليمن بعد هدوء، يوم الإثنين، تزامناً مع ضغوط الحلفاء الغربيين على الرياض، من أجل إنهاء الحرب التي وضعت البلد الفقير على شفا مجاعة.
وقال هانت "على الرغم من حدوث هدوء مؤقت في القتال... فإنّ الوضع الإنساني مزر، ولذلك عبّرتُ للجميع عن إلحاح الوضع الذي نواجهه".
وبريطانيا مورد سلاح كبير للسعودية، ودعا ساسة معارضون وجماعات حقوقية، الحكومة، إلى وقف هذه الصفقات؛ بسبب سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين في الضربات الجوية للتحالف في اليمن.
وقالت الحكومة إنّ صفقات السلاح تدّر على بريطانيا مليارات الجنيهات الإسترلينية، وتضمن توفير الوظائف في القطاع، وإنّ رد لندن على مقتل خاشقجي ينبغي أن يضع هذا في الاعتبار.
ورأى هانت أنّ فرص إجراء محادثات اليمن، باتت "أكثر واقعية"، بعدما أكد السعوديون استعدادهم لإجلاء 50 جريحاً من مقاتلي الحوثي إلى عمان للعلاج.
وإجلاء المقاتلين الحوثيين، الذي ذكر هانت أنّ له شروطاً بشأن من سيسافر معهم، كان شرط الحوثيين لحضور محادثات السلام التي انهارت، في سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما لم يتمكّن وفد الجماعة المسلحة من السفر.
وقال هانت "إذا فك هذا (إجلاء المقاتلين) قيود ذاك (من سيسافر معهم) فسيجعل ذلك فرصة انعقاد محادثات السلام أكثر واقعية وسيكون أمراً بالغ الأهمية... الأمر متعلّق ببناء الثقة من الجانبين، لكن (بناء على ما استقيته من) الأشخاص الذين تحدثت معهم اليوم، يوجد بالتأكيد استعداد فعلي للمشاركة في تلك (المحادثات)".
ويأمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في جمع الأطراف اليمنيين لإجراء محادثات، بحلول نهاية العام. وفشلت محاولته الأخيرة لإجراء محادثات، في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما رفض الحوثيون السفر إلى جنيف، لعقد اجتماع مخطط له، ما لم يتم استيفاء شروط معينة.
وكان غريفيث قد قال، الأسبوع الماضي، إنّه يأمل في جمع أطراف الصراع على مائدة المفاوضات خلال شهر، غير أنّ المتحدث باسم الأمم المتحدة قال، الخميس، إنّ المبعوث الأممي لم يعد يسعى لعقد المحادثات بحلول نهاية الشهر الجاري، وإنه سيسعى إلى عقدها قبل نهاية العام.
ويحاول غريفيث، الذي سيطلع مجلس الأمن الدولي على أحدث تطورات الموقف يوم 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، إنقاذ محادثات السلام.
(رويترز, العربي الجديد)