في قرية عابود شمال غربي رام الله، حيث منزل عائلة الشهيد البرغوثي، قالت والدته لـ"العربي الجديد": "من الذي يحزن من لقاء ابنه؟"، ثم وصفت اشتياقها لابنها الأسير الذي أصبح شهيدا: "كنت أتمنى أن أراه وأحضنه، فمنذ أربعة أشهر لم أزره، وقبل ذلك كانت الزيارة من خلف زجاج يضيق علي اللقاء".
وروت والدة البرغوثي، خلال تشييع جثمان ابنها، أنها خلال فترة توقف الزيارات بسبب فيروس كورونا أعدت له ملابس لتأخذها معها إلى السجن فور السماح بالزيارة، لكن الزيارة الآن غير ممكنة بعد أن حمل صفة الشهيد رقم 223 من شهداء الحركة الأسيرة.
أما والده، رشاد البرغوثي، فقال لـ"العربي الجديد": "تيقنت اليوم حين استقبلت جثمانه من أنه خرج من نفق الظلم إلى الحرية، وإلى الجنة. سعدت بأنه خرج إلى رحمة الله، وأنا مطمئن الآن".
وأكد شقيقه محمد لـ"العربي الجديد"، أن "نور تعرض لتحقيقٍ طويل قاسٍ حين اعتقل عام 2017، ولما انتهى التحقيق في سجن عسقلان، بدأ تحقيق ثان طويل في مكان مجهول استمر ستين يوما"، وأشار محمد، وهو أسير سابق في سجون الاحتلال، إلى أن "ترك التحقيق القاسي نور في حالة صحية ونفسية سيئة، وخلف مشاكل في الأعصاب ووجعا دائما في الرأس، فعاش ثلاثة أعوام ونصف في السجن بلا رعاية صحية، ووسط إهمال طبي حتى يوم استشهاده".
وجابت جنازة مهيبة حاشدة شوارع قرية عابود، قبل أن تصلى على الشهيد صلاة الجنازة في ساحة مدرسة القرية، التي اندلعت مواجهات بين شبانها وقوات الاحتلال عند مدخلها.
في 21 إبريل/نيسان الجاري، سقط نور داخل حمام غرفة السجن، وتأخرت إدارة سجون الاحتلال في نقله لأكثر من أربعين دقيقة، رغم نداءات الأسرى للسجانين، وأمس الأحد، تم تشريح جثمان نور في معهد الطب العدلي التابع للاحتلال.
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، لـ"العربي الجديد"، خلال تشييع الشهيد: "السبب المباشر لاستشهاد نور هو وقوعه في الحمام، واختناقه بسبب نقص الأكسجين أو كثافة البخار، أو أي سبب آخر، وتلك هي رواية الأسرى. معهد الطب العدلي الإسرائيلي مؤسسة مشبوهة، وتؤدي دورها في رواية الاحتلال الذي يتحمل المسؤولية المباشرة لأن الشهيد كان في سجونه، ولتلكؤه في إنقاذه، فضلا عن الظروف التي تعرض لها في السجن، إذ ارتكبت بحقه جرائم التعذيب والتنكيل خلال التحقيق المتكرر".
وسلمت سلطات الاحتلال جثمان الشهيد نور إلى عائلته أمس الأحد، لكنها تواصل احتجاز جثامين خمسة شهداء قضوا في الأسر، أقدمهم الشهيد أنيس دولة، من قلقيلية، والذي اُستشهد عام 1980 في سجن "عسقلان"، ثم الشهيد عزيز عويسات، من القدس، والذي اُستشهد عام 2018، وثلاثة أسرى اُستشهدوا عام 2019، وهم فارس بارود من غزة، ونصار طقاطقة من بيت لحم، وبسام السايح من نابلس.