على الرغم من مرور 8 أشهر على تولي الرئيس العراقي برهم صالح منصبه، إلا أن أمر نوابه لم يحسم إلى غاية الآن، وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن وجود نائب للرئيس أو أكثر أمر نص عليه الدستور ولا يجوز تعطيله، تتوجه أنظار نائب الرئيس السابق، رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي نحو المنصب على أمل التجديد أربع سنوات أخرى.
وأكّد القيادي في "ائتلاف دولة القانون" حسين المالكي، في تصريح صحافي اليوم السبت، أنّ الائتلاف يتمسك بترشيح نوري المالكي لمنصب نائب الرئيس وفقاً للاستحقاق الانتخابي، مشيراً إلى وجود إجماع داخل تحالفه على ذلك.
وفي السياق، أوضح مصدر برلماني مطلع، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ الكتل السياسية في مجلس النواب لا تريد فتح هذا الملف في الوقت الحاضر لحين حسم القضايا الخلافية الأخرى، معتبراً أنّ الأولوية الأهم لدى هذه الكتل تتركز في ثلاثة أمور مهمة.
وبين أنّ الأمر الأول يتعلّق في ضرورة الإسراع بحسم ملف الكابينة الحكومية التي لا تزال خالية من وزراء الدفاع والداخلية والتربية والعدل، مشيراً إلى أنّ القضية الأخرى تتعلق برئاسة ما تبقى من اللجان النيابية التي تتصارع عليها الكتل السياسية لما لها من أهمية في الرقابة والتشريع.
وتابع "أما المسألة الثالثة فترتبط بملف المناصب العليا والدرجات الخاصة المقرر أن يحسم قبل الثلاثين من شهر يونيو/حزيران الحالي الذي يمثل الموعد النهائي لإدارة هذه المناصب بالوكالة".
وأوضح أنّ "الأهمية البالغة لهذه القضايا الثلاث بالنسبة للقوى السياسية هي التي أرجأت انتخاب نائب أو نواب لرئيس الجمهورية"، لافتاً إلى أنّ عدداً من النواب لم يؤدوا اليمين الدستورية، ولم يحضروا أية جلسة إلى غاية الآن على أمل حصولهم على المنصب (نائب رئيس الجمهورية).
وتوقع أن تشهد عملية الاتفاق على نواب الرئيس جولات ماراثونية من الحوار في ظل وجود تسابق لافت على المناصب العليا في الدولة العراقية، مشيراً إلى أنّ بعض القادة السياسيين البارزين عبروا صراحة عن رغبتهم بتولي المنصب.
وكان هشام الركابي، المدير الإعلامي لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قد أكد أن تحالف "البناء" سيقوم بترشيح الأخير لمنصب نائب الرئيس، مبيناً أن تأخر أداء يمين عضوية البرلمان من قبل المالكي هو نتيجة الحديث عن ترشيحه للمنصب.
وبين أنّ القوى السياسية منشغلة الآن بقضية إكمال الكابينة الوزارية، موضحاً أنه في حال انتهائها من ذلك ستطرح ملف اختيار نواب رئيس الجمهورية.
إلا أن منصب نائب الرئيس العراقي ليس بالضرورة أن يُمنح لسياسيين تولوه سابقاً، وفقاً لما أكّده عضو بتحالف القوى "السني"، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن زعامات سياسية برزت خلال السنوات الأخيرة قد تكون راغبة هي الأخرى بتولي منصب نائب رئيس الجمهورية.
وأضاف "ساد العرف بأن يُمنح أحد نواب رئيس الجمهورية الثلاثة إلى شخصية سنية بارزة"، لافتاً إلى أن غياب الكتلة "السنية" الواحدة، وتعدد الأحزاب الفائزة من المحافظات الشمالية والغربية أمور قد تصعب عملية الاتفاق على مرشح واحد.
وكانت عضوة حزب الحل (بزعامة جمال الكربولي)، المنضوي ضمن تحالف "البناء" محاسن حمدون قد أكدت، في وقت سابق، أن زعماء الأحزاب الكبيرة هم الأولى بتولي مناصب نواب رئيس الجمهورية، موضحةً أنّ حزبها يؤيد ترشيح قادة الكتل والأحزاب لهذه المناصب المهمة.
وأضافت "أنا مع الرأي الداعم لتولي رؤساء الأحزاب الذين لم يخوضوا الانتخابات مناصب نواب رئيس الجمهورية، فإسناد هذه المناصب لرؤساء وزراء سابقين لن يكون مجدياً، لأن هؤلاء أخذوا فرصتهم ولم ينجحوا".
يشار إلى أنّ العرف السائد في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، جرى على منح رؤساء الحكومة والبرلمان ومسؤولين سابقين، مناصب نواب الرئيس الثلاثة. وقد تولى رئيسا الوزراء الأسبقان نوري المالكي وإياد علاوي، وكذلك رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، المناصب الثلاثة للفترة الرئاسية المنصرمة (2014-2018).
وفي السياق، رأى أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد عبد الجبار عبيد أن تأخر تنصيب نواب رئيس الجمهورية يشير إلى تعطيل واضح لمواد دستورية مهمة، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن الدستور نص صراحة على أن يكون لرئيس الجمهورية نائب واحد على الأقل، أو أكثر.
وأضاف أن "الدستور منح نائب الرئيس حق تولي مهام رئيس الجمهورية عند غيابه أو خلو المنصب لأي سبب كان"، مبيناً أن الخلافات السياسية أصبحت أكثر علواً من الدستور.
وتابع أن "الحكومة يمكن أن تسير أمورها بغياب بعض الوزراء، وكذلك الحال مع اللجان البرلمانية التي يمكن أن تنتخب رئيس مؤقت"، مستدركاً "إلا أن عدم وجود نواب للرئيس يمثل مخالفة دستورية واضحة.