يجري مسؤولون عراقيون وإيرانيون مباحثات مكثفة في بغداد وطهران بشأن احتمالات اتساع دائرة الحرب في المنطقة وإمكانية الهجوم الإيراني على إسرائيل وتبعات ذلك، واستخدام الأجواء العراقية، وسط بحث عن حلول لتطورات الأوضاع في المنطقة واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، اليوم الاثنين، أن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي التقى في طهران وزير الخارجية عباس عراقجي. وكان الأعرجي قد وصل، أمس الأحد، إلى طهران على رأس وفد أمني لبحث قضايا أمنية مع المسؤولين الإيرانيين. وبحث الطرفان آخر التطورات المرتبطة بالحرب على غزة ولبنان، مؤكدين على تضافر الجهود بين الدول الإسلامية لوقف الجرائم الإسرائيلية وإرسال المساعدات إلى غزة ولبنان.
وبحسب بيان الخارجية الإيرانية، فإنّ عراقجي أشار في اللقاء إلى "علاقات جيدة للغاية واستراتيجية وممتازة" بين طهران وبغداد على كافة الأصعدة، مؤكداً أهمية التعاون الأمني بينهما، ومضيفاً أن ذلك سيؤدي أيضاً إلى تطوير العلاقات، خاصة في المجال الاقتصادي. وشدد وزير خارجية إيران على أن بلاده ترى أمن العراق أمنها، معرباً عن أمله في تنفيذ الاتفاقية الأمنية بين البلدين المبرمة خلال مارس/ آذار 2023، وتحقيق الأمن المستدام على المناطق الحدودية. كما قدّم الأعرجي تقريراً عن التقدم الذي تحقق في تنفيذ الاتفاقية الأمنية، مؤكداً عزيمة العراق لتنفيذها بالكامل، مشيراً إلى أن العراق أيضاً يعتبر أن أمن إيران أمنه، وأنه سيتصدى لأي إجراء ضد إيران انطلاقاً من العراق.
من جهته، قال الأعرجي في منشور له على منصة إكس: "عقدنا اجتماعاً رسمياً مع وزير الخارجية الإيراني في طهران، لبحث آخر التطورات في الشرق الأوسط والمنطقة، وأكدنا ضرورة استمرار التعاون المشترك لتحقيق أمن شامل ومستدام لحدود البلدين، وأهمية التعاون بين دول المنطقة وتجنيبها مخاطر اتساع رقعة الصراع والضغط لإيقاف الحرب في غزة ولبنان".
عقدنا اجتماعا رسمياً مع وزير الخارجية الإيراني @araghchi في طهران، لبحث آخر التطورات في الشرق الأوسط والمنطقة، وأكدنا ضرورة استمرار التعاون المشترك لتحقيق أمن شامل ومستدام لحدود البلدين، وأهمية التعاون بين دول المنطقة وتجنيبها مخاطر اتساع رقعة الصراع والضغط لإيقاف الحرب في غزة… pic.twitter.com/OOUPVgxXxy
— قاسم الاعرجي (@qassimalaraji) November 10, 2024
وتأتي زيارة الأعرجي إلى طهران فيما تساور الحكومة العراقية مخاوف من تحول الأراضي العراقية إلى ساحة صراع وحرب على خلفية مشاركة قوى حليفة لإيران في هجمات يومية على إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفي السياق، تحدثت تقارير إسرائيلية وأميركية أخيراً عن أن الاحتلال قد يوجه ضربات إلى داخل العراق.
إلى ذلك، أكد مسؤول في الحكومة العراقية أن "الزيارة تركز على تطورات المنطقة مع المسؤولين الإيرانيين، واحتمالات اتساع دائرة الحرب"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "العراق يرفض استخدام أراضيه منطلقاً للهجوم، وهو ما تم إبلاغ الإيرانيين والأميركيين به على حد سواء". وأضاف أن "ملف الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن سيكون من بين المباحثات المشتركة بين الجانبين، وخاصة أن العراق أوفى بجميع التزاماته تجاه إيران، لا سيما ضبط الحدود المشتركة وإبعاد المعارضة الإيرانية بإقليم كردستان عن الحدود".
وتأتي زيارة الأعرجي إلى طهران بعد يوم واحد فقط من لقائه في بغداد الملحق العسكري الإيراني العميد مجيد قلي بور، حيث جرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز أمن واستقرار البلدين، وتنفيذ مذكرات التفاهم الخاصة بضبط الحدود، فضلاً عن استمرار التعاون بين العراق وإيران في مكافحة الإرهاب والتهريب، وأكد الأعرجي في اللقاء "الموقف العراقي الرافض بشدة لاستخدام الأجواء العراقية للاعتداء على إيران أو أي دولة من دول المنطقة"، بحسب وكالة الأنباء العراقية.
يجري ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة القلق من إمكانية اتساع الحرب في المنطقة، بعد تأكيدات نشرتها الصحافة الأميركية والعبرية، وتهديدات إسرائيلية بضرب العراق في حال جرى استخدام أراضيه لأي هجمات باتجاه الأراضي المحتلة، وقد أكد هذه المعلومات عدد من مستشاري رئيس الحكومة العراقية، فضلاً عن أعضاء في مجلس النواب.
إلى ذلك أيضاً، وفي أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية العامة في بيان، أن المقاتلات الإسرائيلية استخدمت "الأجواء العراقية التي هي تحت تصرف الجيش الأميركي الإرهابي" في الهجمات التي شنتها على إيران، مشيرة إلى أنها أطلقت من مسافة 100 كيلومتر من الحدود الإيرانية عدداً من صواريخ جو ـ أرض تحمل رؤوساً حربية خفيفة باتجاه بعض الرادارات الحدودية في محافظتي إيلام وخوزستان، فضلاً عن ضواحي طهران.
وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد أكد في وقت سابق حصول العراق على تعهدات إيرانية بعدم استخدام أراضيه للهجوم على إسرائيل في حال تم ذلك، إلا أنه عبّر عن مخاوفه من اندلاع حرب شاملة ومحاولات دفع العراق إليها. كما أكدت جماعة "كتائب حزب الله العراقية"، وهي من بين أبرز فصائل المقاومة الإسلامية في العراق المرتبطة بإيران، أن "إيران لن تستخدم الأراضي العراقية للرد على إسرائيل".
وشهدت العاصمة بغداد، الأسبوع الفائت، سلسلة من الاجتماعات السياسية والحكومية مع قيادات عسكرية وأمنية ركزت على مسألة التطورات بالمنطقة وأهمية تجنيب العراق أي حرب أو عدوان إسرائيلي. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تلقي الأخير مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال إنها بحثت مجمل الأوضاع في المنطقة، وقد عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، الأربعاء، اجتماعاً ترأسه السوداني، بحضور وزراء الأمن والدفاع والأمن القومي ورئيس أركان الجيش وجهاز الأمن الوطني وقيادات عسكرية مختلفة، واستمر عدة ساعات.