اندلاع أزمة اقتصادية عالمية يعني نهاية شهر العسل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومؤشرات الاقتصاد الأميركي التي حققها منذ توليه سدة الحكم حسب مراقبين، وتشير مؤشرات رسمية إلى انخفاض معدل نمو الاقتصادي الأميركي من 2.1 إلى 2.0% في الربع الثاني من العام الجاري وتراجع مؤشرات البورصات.
كما سجل نمو الاستثمار غير العقاري الثابت، الذي يعد أحد أهم مؤشرات الإنفاق الرأسمالي للشركات الأميركية، معدلاً سالباً، خلال الربع الثاني من 2019. أيضاً، أظهر مؤشر إدارة الإمدادات الأميركي، وهو أكبر وأقدم اتحاد لإدارة الإمدادات في العالم، انخفاض معدل نمو إنتاج المصانع الأميركية للشهر الخامس. ورغم أن المعدل ما زال إيجابياً، إلا أنه كان الأقل خلال الـ36 شهراً الأخيرة.
وأكد بول كروغمان، الاقتصادي الأميركي الحائز على جائزة نوبل أن "شهر العسل الذي جمع بين ترامب والاقتصاد الأميركي كان طويلاً بالفعل، إلا أن الحقيقة المفزعة هي أنه أوشك على الانتهاء".
واستغرب كروغمان، تركيز المحللين على انقلاب منحنى العائد في السندات الأميركية، دون النظر إلى أسباب ذلك الانقلاب، وهو ما أرجعه إلى الانخفاض الكبير في معدل الفائدة على سندات الفترات الطويلة، وتحديداً ذات العشر سنوات، والذي اعتبره تحولاً واضحاً "نحو التشاؤم الاقتصادي".
لكن دين بيكر، كبير الاقتصاديين بمركز أبحاث السياسة والاقتصاد، اعتبر أن أغلب المؤشرات الاقتصادية الأميركية حالياً ما زالت جيدة، وهو ما أرجعه لسياسات الرئيس السابق باراك أوباما الناجحة، لكنه حذر هذا الأسبوع، في حوار مع محطة إذاعية محلية، من "انتهاء تأثير الإعفاءات الضريبية، دون أن نرى الإنفاق الرأسمالي المطلوب لدفع معدلات النموالاقتصادي".
وأكد أن أثر الإعفاءات الضريبية التي أقرها ترامب "جاء أقل مما كان متوقعاً، واستفاد به حاملو الأسهم في الشركات، دون أن يحقق الاستفادة المطلوبة للاقتصاد ككل".
وتوقع جاريد برنشتاين، المستشار الاقتصادي لنائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، أن تكون البداية مع بدء معدلات البطالة في الارتفاع، وقال عبر حسابه على تويتر "مع انحسار تأثير الحزم المالية المحفزة، انخفض معدل نمو الاقتصاد من 3 % إلى 2%، ومع التصعيد في الحرب التجارية، سيصل النمو إلى 1% في 2020، ولو حدث ذلك، سترتفع البطالة ونكون كمن أحرز هدفاً في مرماه".
ورغم تأكيده، خلال الشهور الأخيرة، على عدم توقعه دخول الاقتصاد الأميركي في ركود في المستقبل القريب، أشار الخبير الاقتصادي العالمي والمرشح لرئاسة صندوق النقد الدولي، محمد العريان، إلى قوة الإنفاق الاستهلاكي الأميركي في الفترة الأخيرة، إلا أنه أكد في حوار مع "سي إن بي سي" أن "الإنفاق الاستهلاكي الأميركي لا يمكنه إنقاذ الاقتصاد العالمي، إلا أنه يمكنه أن يعزل الاقتصاد الأميركي عن الركود المتوقع دخول اقتصادات أوروبا وبعض الدول الأخرى فيه".
نفس الأمر أشار إليه ترامب مؤخراً، حين أكد أن "الاقتصاد الأميركي جيد جداً، لكنه يحتاج لحزمة إنعاش".
وبخلاف البيانات الصادرة، التي أظهرت تباطؤ الاقتصاد الأميركي مؤخراً، كانت هناك رسائل من الأسواق، في ما يخص الاقتصاد، تؤكد الاقتراب من الركود.
وأظهرت الأيام الأخيرة استقرار عائد سندات الخزانة الأميركية لثلاثين سنة دون 2%، لأول مرة في تاريخها، وانخفاض عائد مثيلتها لعشر سنوات لأقل من 1.5%.
بينما ما زال عائد ورقة الثلاثة أشهر الحكومية يدور حول 2%، في أقوى انقلاب لمنحنى العائد الأميركي منذ ظهوره، وهو الانقلاب الذي سبق آخر خمس مرات دخل فيها الاقتصاد الأميركي في ركود.