نعيم صمصوم... فنان "الأنيميشن" في غزة

10 مايو 2016
نعيم صمصوم (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
اتجه الطفل، نعيم صمصوم، مسرعاً نحو غرفته بعد أن تلقى "علقة ساخنة"، من والدته التي ترفض ما تسميّه "رسومات الأطفال"، التي يرسمها طيلة الوقت، كونها تشكّل سبباً لتأخره عن دراسته، وبدأ يرسم مجموعة جديدة من الرسوم المتحركة، التي تأثر بها بعد رؤيته لحلقة كرتونية.

الطفل صمصوم، الذي حاول أن يتميز عن باقي الفنانين التشكيليين منذ نعومة أظافره، الآن كَبُر وأصبح فناناً مميّزاً في عالم الـ"ديجيتال آرت" والرسوم المتحركة، بعد أن تحدى الأصدقاء والنظرة المجتمعية، ليثبت لهم جميعاً مدى أهميته، خاصة بعد أن أصبحت الفنون الرقميَّة من أكثر الفنون تميّزاً وشهرة حول العالم.

دَرَس التربية الفنية في جامعة الأزهر بمدينة غزة، وتخصص IT في جامعة فلسطين، واستمر بمتابعة الرسوم المتحركة، حتى أصبح واحداً من أبرز فناني الديجيتال آرت في غزة، ذلك الفن الذي لا يضم سوى بضعة أشخاص في غزّة، يُعدَّون على أصابع اليد.

ويقول الفنان الفلسطيني، نعيم صمصوم، 27، عاماً من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة لـ"العربي الجديد"، بأنه تأثر في بداية حياته برسومات "المانجا الياباني"، وهي عبارة عن قصص مُصوَّرة وأفلام ومسلسلات رسوم متحركة يابانية. تلاها تأثُّره بالمدرسة الأميركية والشخصيات البطولية مثل، باتمان، مارفل، إلى جانب شخصيات "والت ديزني”. بينما يتأثر، الآن، بالمدرسة الألمانية، والتي يحاول من خلالها الدمج بين الشرق والغرب.

بدأ صمصوم رسوماته على سبورة الفصل وجدران المدرسة، وكان مولعاً بأفلام الأنيميشن ومتابعة كل المستجدات بعد دخول الانترنت، على الرغم من عدم تلقّي الدعم والتشجيع من أهله وأصدقائه في بداية الطريق، نتيجة عدم اقتناعهم بمدى أهمية هذا الفنّ غير التقليدي، حتى تمكَّن من إثبات ذلك عبر نجاحه فيه، واعتماده كمهنة مُدرّة للدخل المادي.

ويشير إلى أن صناعة الرسوم المتحركة، هي من أكثر الصناعات الفنيَّة تكلفة في العالم، لأنها بحاجة إلى فريق عمل متكامل، وفترات زمنية طويلة، حيث تحتاج صناعة فيلم متحرك لمدة ساعة أو ساعتين مُدَّة عملٍ، قد تصل إلى عامين أو ثلاثة أعوام، مُبيّناً أن الإنترنت والتكنولوجيا، قد ساهمت كثيراً في تقدم الرسم وتطوره.

ويوضح أنه صنع عدداً من الفيديوهات الخاصة بمشاريع عبر تقنية الرسم على الكمبيوتر. وضمت المواضيع التي تناولها، عن السعادة، وعن الصحة، بينما شارك في رسومات لكتب وقصص مُصوَّرة للأطفال، إلى جانب رسومات لمجلّة ساخرة.

أدوات العمل التي يستخدمها صمصوم، هي "تابلت" مخصص لرسوم الديجيتال، إلى جانب كمبيوتر يتميَّز ببعض المواصفات الخاصّة. ويتم عرض الأعمال عبر صفحة شخصية للفنّان، من أجل تسويقها من خلال مواقع مختصة بمجال الديجيتال آرت مثل موقع "فري لانسر"، "ايلانس بيهانس"، "ديفينت آرت"، “بنتريست". أما عن آلية التسويق، فتتم عبر التواصل مع الأشخاص أو الشركات الراغبة باقتناء الرسومات، وإرسالها عبر مواقع مخصصة مثل "دروب بوكس" أو الحوسبة السحابية (ICloud)، كذلك يتم تحويل النقود عبر مصارف معينة، مبيناً أنه عدداً من الزبائن تواصلوا معه من الهند، أميركا، إسبانيا، فرنسا، وعدد من دول العالم.

المفارقة، هي أنَّ هذا الفن الذي يتميَّز به صمصوم غير مرغوب في مدينة غزة، ويُرجِع سبب ذلك إلى عدم وجود الوعي الكافي، وقصور المعرفة التكنولوجيّة في هذا الجانب. مُوضِّحاً، أن فئة قليلة تطلب هذه الرسوم في غزة، مثل شركات الألعاب الناشئة، أو "الديزاين"، و"الموشن جرافك".



ويرى أن فن الانيميشن والديجيتال آرت، هو من الوسائل الأكثر سرعة في إيصال الرسائل للجمهور، وأنَّه أصرَّ على دخول مجالها والتميز فيه، كي يثبت للعالم أن قطاع غزة المحاصر لديه رسومات متحركة، وقادر على المنافسة، على الرغم من المعيقات "غير المعيقة"، متمنياً أن يصنع أفلاماً خاصة به، تتحدث عن ذاته وعن ملامح القضية الفلسطينية.
المساهمون