نظرة سيستين

28 ابريل 2015
مايكل أنجلو (من رسومات سيستين)
+ الخط -
[تشكلت في العصور القديمة علاقة حميمية بين الرسم والشعر، فعصر النهضة حافل بلوحات استلهمها رساموها من نصوص شعرية كلاسيكية، ويبدو نص الشاعر الإيرلندي شيموس كاشمان كاسترجاع لهذه العلاقة التي ضمرت في العصور المتأخرة، فانطلاقا من جدارية مايكل أنجلو "يوم القيامة" في كنيسة سيستين يحاول الشاعرمجاراة جلال الرسم من خلال أبيات تعيد ابتكار علاقة الألوان بالجسد والروح. هنا ترجمة للأبيات من 135-142 من القصيدة الطويلة التي تحمل العنوان نفسه، وتحديداً الحركة 18 منها، المعنونة بـ "حماس الزوال"]


ها أنا، المنجل، عنقي معقوفة من الألم،
ظهري عناء بُستاني،
عيناي حاسرتا القول،
لكن، صديق أو عدو، مدرّس، عاهرة،
هذا مطبخ لتحضير الخبز،
لصنع الحساء،
لإثارة الفكر في ما تبقى من التاريخ.

هذا محوري وجسدي يا جميلة،
يرتدي الضوء والظلمة،
في تلولبٍ مخمور من اليأس والتشاوف.
كل فكرة مبنيةُ من خضرة المرج وزرقة الجبل.
عبر السماوات الرحبة، عيوننا تصل إلى معين الحكمة.
مرةً،
حكت قصةٌ عن سلطان الإنسان على السمك في البحر،
والطيور في الأعالي،
والأنعام على الأرض،
وكل شيء يزحف.
واجباتٌ تخيّلها الخلق.
ولكن كائنات بهذا الجمال قد تخرب فن الراوية،
فالقصة وجدت سرداً،
عن فعل سيجد فاعله،
ليفرض ويخضع توتر صور الطبيعة.
بجريد النخل، متضرّع
كالاعتراف للرب أحياناً،
وأحياناً للنفس.

أين هي الحاجة إلى رداء أرجواني،
وسلطة صارمة تأخذنا إلى أسرّتنا،
وصنع آخر؟
صنع آخر؟
صنع آخر؟
صنع أم.
الحياة ما نحيا.
الموت يعني الحياة.
الفكر يعرّي معرفتنا.
الرغبة؟ سمكة ببغاء ملونة في البحر.
هذا عملي هنا فوق، وتحت في الأسفل.
ننام؛ ثم نصحو لننام ثانية،
مزهوين بعلمنا المكتسب
يشعرنا بالرضى،
بويضةُ ونطفة هما من خلقَنا.

هل الجسد قوام،
أم ارتداء الجميل،
مفعماً بأمل الحقيقة الأولية؟
الجسد الذي أرسمه يهيج عقلي،
المَسَحات وشكل كل ظل،
تلغيني وتعتقني.

ترهبني الظلمة في النوم كما في اليقظة
اللذة تطلق العنان وتأسر:
تقبيل الشفة والثدي بنهم؛
العرق والتأوه،
العانة،
رغوة الأعضاء،
تدفق المني كالسلمون لأحلامنا،
والتحول إلى نور.

الظلام في النوم، والصحو دهشتي
صورة تفتن حلمي،
وتسرّع فرشاتي وطبشورتي،
إنها قيظ المخيلة،
الحب فرشاة رسمٍ تنثر السكون،
وأنفاسَ الأحبة على صدري.
خوف يسبق ويتبع العقل الصليبي،
يدمغ الحكايا نصف الممزقة مع التاريخ.
الجسد المحروم في قبره المنسي،
لا وقت لديه أو فِكر للجمال كي يكون؛

سجناء الإثارة المتشنجة،
لهذي الأرجوحة العابرة،
أسرى التأرجح والتمايل،
وبشفاه للتقبيل،
نهيم في الكرنفال،
نضيّع مشهد الجِمال بين الأعشاب العالية،
كبهلوانات مسرفين في خطواتهم فوق السديم
نار الموت هي ما نحيا عليه.



** شيموس كاشمان (Seamus Cashman) شاعر إيرلندي من مواليد سنة 1943

** ترجمة عن الإنجليزية: صفاء منير 

المساهمون