كان لا بدّ من أن يكون "نصب شهرزاد وشهريار" في المكان، الذي شهد ولادة أشهر عمل أدبي عربي : ألف ليلة وليلة. وكان لا بّد من أن يكون في بغداد، على شاطئ نهر دجلة، وتحديدًا في شارع أبو نوّاس الشهير. وكان لا بّد أيضًا من أن يكون صانع هذا النصب المهيب عراقيًا بغداديًا، وقد كان. فقد أنجز شيخ النحاتين العراقيين، محمّد غني حكمت (1929-2011)، هذا النصب في منتصف سبيعينيات القرن الماضي (1975).
شهرزاد واقفة، لا جالسة أو راكعة بين يدي الملك شهريار، بل إنها ترفع يديها صوب الأعلى، لكأنها تمتلك خطابًا سلطويًا، لا حكاية بسيطة تهدهد بها الملك شهريار، الذي أفنى قبلها مئات البغداديات، وفقًا لـ "الليالي". في اتكائه واضطجاعه، يبدو شهريار أدنى إلى الارتخاء، إذ تنزل إحدى قدميه عن المنصة الرخامية الحمراء، إشارة إلى عرشه الملوث ربما بدماء الضحيّات.
يصغي إليها، مأخوذًا بها. وهذا بالضبط ما أراده النحات غني حكمت، إذ إن المار قرب النصب المهيب، ستجذب بصره فورًا تلك المرأة الشموخ. هي بؤرة العمل ومركزه، أينما جلتَ بنظرك، فستكون مفتونًا بها، وبما تقول.
قيل إن النحات حطّم النسخة الأولى من تمثال شهريار، إذ لم يعجبه. لعلّ مرد ذلك أن الرسالة، التي أراد النحّات إيصالها، ما كانت لتصل لو احتفظ بالنسخة الأولى.
تتلمذ محمّد غني حكمت على يد أشهر الفنانين العراقيين، جواد سليم (1921-1961)، وشاركه عمله الشهير "نصب الحرية"، حيث صبّت التماثيل في مشغل حكمت في روما. لكن قبل إيطاليا، حيث درس، كان لابن بغداد البار هذا، موعد مع الإلهام وتفتح الموهبة: "كنت أرافق والدي الذي كان يعمل في تطريز العباءات الرجالية. ثمّة ألوان وأصباغ سحرتني ودفعتني إلى مراقبة عمل والدي. ربما هناك أثر آخر وهو وجود محل والدي قبالة باب (المراد)، أحد أبواب مرقد الإمام الكاظم، حيث كنت أشاهد ذلك الباب المزخرف وأرى تلك النقوش العربية الجميلة وتلك الألوان الساحرة".
تشبّع حكمت بجماليات الآثار العراقية؛ الفنّ السومري، الآثار البابلية، التراث الآشوري، وبغداد العبّاسية. وكتب عن نفسه قولًا غدا شهيرًا :"من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحّات سومري، أو بابلي، أو آشوري، أو عباسي، كان يحب بلده".
بعد الدراسة في إيطاليا، عاد العراقي إلى بغداده، بيد أن أثر ذاك البلد الأدنى للمتحف الحيّ؛ إيطاليا، أبى إلا اصطياده. فكان مشغله في بغداد، في منطقة المنصور، مصمّمًا وفقًا للطريقة الإيطالية. صمّمه صديق حكمت الهنغاري، هنري زوفو بودا، ونفّذه، فكان أوّل مشغل بمواصفات مخصوصة في بغداد ذاك الزمان (1964).
شهرزاد واقفة، لا جالسة أو راكعة بين يدي الملك شهريار، بل إنها ترفع يديها صوب الأعلى، لكأنها تمتلك خطابًا سلطويًا، لا حكاية بسيطة تهدهد بها الملك شهريار، الذي أفنى قبلها مئات البغداديات، وفقًا لـ "الليالي". في اتكائه واضطجاعه، يبدو شهريار أدنى إلى الارتخاء، إذ تنزل إحدى قدميه عن المنصة الرخامية الحمراء، إشارة إلى عرشه الملوث ربما بدماء الضحيّات.
يصغي إليها، مأخوذًا بها. وهذا بالضبط ما أراده النحات غني حكمت، إذ إن المار قرب النصب المهيب، ستجذب بصره فورًا تلك المرأة الشموخ. هي بؤرة العمل ومركزه، أينما جلتَ بنظرك، فستكون مفتونًا بها، وبما تقول.
قيل إن النحات حطّم النسخة الأولى من تمثال شهريار، إذ لم يعجبه. لعلّ مرد ذلك أن الرسالة، التي أراد النحّات إيصالها، ما كانت لتصل لو احتفظ بالنسخة الأولى.
تتلمذ محمّد غني حكمت على يد أشهر الفنانين العراقيين، جواد سليم (1921-1961)، وشاركه عمله الشهير "نصب الحرية"، حيث صبّت التماثيل في مشغل حكمت في روما. لكن قبل إيطاليا، حيث درس، كان لابن بغداد البار هذا، موعد مع الإلهام وتفتح الموهبة: "كنت أرافق والدي الذي كان يعمل في تطريز العباءات الرجالية. ثمّة ألوان وأصباغ سحرتني ودفعتني إلى مراقبة عمل والدي. ربما هناك أثر آخر وهو وجود محل والدي قبالة باب (المراد)، أحد أبواب مرقد الإمام الكاظم، حيث كنت أشاهد ذلك الباب المزخرف وأرى تلك النقوش العربية الجميلة وتلك الألوان الساحرة".
تشبّع حكمت بجماليات الآثار العراقية؛ الفنّ السومري، الآثار البابلية، التراث الآشوري، وبغداد العبّاسية. وكتب عن نفسه قولًا غدا شهيرًا :"من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحّات سومري، أو بابلي، أو آشوري، أو عباسي، كان يحب بلده".
بعد الدراسة في إيطاليا، عاد العراقي إلى بغداده، بيد أن أثر ذاك البلد الأدنى للمتحف الحيّ؛ إيطاليا، أبى إلا اصطياده. فكان مشغله في بغداد، في منطقة المنصور، مصمّمًا وفقًا للطريقة الإيطالية. صمّمه صديق حكمت الهنغاري، هنري زوفو بودا، ونفّذه، فكان أوّل مشغل بمواصفات مخصوصة في بغداد ذاك الزمان (1964).