يشكّل الكتاب امتداداً لدراسة نظرية معمّقة حول تاريخ ظهور الخط المحقّق الذي استخدم بشكل أساسي في كتابة المصحف ثم اختفى بحلول القرن السادس عشر، حيث يحيي منصور تقاليد هذا النوع من الخطوط عبر تتبّع الحروف والكلمات المرسومة به في كتب التراث الإسلامي، وإعادة رسم جميعها مع تثبيت مسمياتها التي كان الخطّاطون والكتّاب يتعارفون عليها.
في تقديمه للكتاب، يشير الأكاديمي التركي مصطفى أوغور درمان إلى أنه "تبعاً لاكتساب الخط الإسلامي هويته الفنية في القرن الثالث عشر، تكوّن ما أصبح يُعرف في ذلك الوقت بـ"الأقلام الستة" ومن ضمنها الخط المحقّق، وما تفرّع عنه وعُرف بأخيه الأصغر أو اصطلاحاً بالخط الريحاني وغدت لهما مكانة متميزة".
يتابع "حافظ هذان النوعان من الخط على على استقامة وصلابة حروفهما، مما يستدعي استخدام مساحة أكبر لاستدارة الأقسام نفسها في الأنواع الأخرى (الثلث، والنسخ، والتوقيع، والرقاع)، لافتاً أن "منصور قد بذل محاولات جادة لسنوات طويلة في مجال الخط المحقّق، إذ قام بدراسة الحروف الواردة في كتابات الأوّلين، نظراً لعدم انتقال ما كان قد كُتب من أمشاق سواء أكانت في المفردات أو المركبات في هذا النوع من الخط".
أما الخطاط التركي حسن جلبي فأوضح في تقديم ثانٍ أن كتاب تلميذه منصور يأتي "إثر العديد من الدراسات والمشاورات التي استمرت لأكثر من عقد من الزمان، بإمعان النظر في نماذج الخط المحقّق في المتاحف والمكتبات في مختلف أمصار العالم الإسلامي على مرّ العصور".
من جهته، يقول نصّار منصور في تمهيده إن هذا الكرّاس "كانت بدايته مع دراسة قدّمتها لنيل درجة الدكتوراه تناولت دراسة الخط المحقّق من حيث أصوله ومراحل تطوّره ومدارسه الأسلوبية ونُشرت في كتاب باللغة الإنكليزية بعنوان Sacred Script: Muhaqqaq in Islamic Calligraphy عام 2011 في لندن"، والتي ضمّت أوّل كرّاس متخصّص لهذا النوع من الخطوط.
ويضيف "قام المنهج الذي اعتمدته في إعداد الكرّاس على تتبّع حروف المحقّق في المخطوطات المصحفية التي وصلت إلينا بأقلام أساتذه مثل ابن البوّاب، وأحمد السهروردي، ووعلي بن محمد المكتّب الأشرفي، وعبد الرحمن بن يوسف المعروف بابن الصايغ، وانتقالاً إلى ياقوت المستعصمي ومباركشاه بن عبد الله وغيرهم، وصولاً إلى أحمد القرة حصاري الذي قدّم المحقّق بكّل قوة وفخامة في مصحفه المنشور، وانتهاء بكتابات تلميذه حسن جلبي وبخاصة في مخطوطه أدعية الأيام السبعة".
كما درس صاحب "الإجازة في فن الخط العربي" مجموعة من المؤلّفات التي وضعها أساتذة الخط المحقّق مثل "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" للقلقشندي، و"العمدة" لعبد الله بن علي الهيتي، و"تحفة أولي الألباب في صناعة الخط والكتاب" لعبد الرحمن بن الصايغ.
يُذكر أن نصار منصور نال درجة الدكتوراة في الفنون الإسلامية بي من "معهد الأمير تشارلز للفنون التقليدية" في لندن، وعمل مدرّساً لفن الخط العربي في جامعات أردنية عدّة. قام بإعادة رسم كتابات وزخارف منبر صلاح الدين الأيوبي في المسجد الأقصى في القدس بعد إحراقه على يد الصهاينة عام 1969 ضمن مشروع إعادة البناء الذي نفّذه "معهد الفنون الإسلامية" في عمّان في التسعينيات.