نسخ عديدة من"السيمونيستا"..تكتيك الشولو يُجيب على السؤال في 2016

13 يوليو 2016
+ الخط -

عندما سئل سيميوني عن الفرق بين الكرة الجميلة ونظيرتها القبيحة، أشار "الشولو" إلى أن هذه المسميّات من إنتاج وسائل الإعلام، لأن كرة القدم في النهاية عبارة عن فلسفة مقابل أخرى وفكر ضد آخر، وبقية الأمور لا تعدو كونها حملات صحافية أو جماهيرية على حد سواء، وأضاف الأرجنتيني أن برشلونة ومنتخب إسبانيا يلعبان بطريقة جميلة للغاية، لكن في النهاية كرة القدم مثل السيارة، إذا لم تكن تملك الفيراري، فيجب عليك أن تحاول الوصول إلى نهاية السباق بالعربة التي تملكها، مهما كانت الصعوبات!

التيكي تاكا
في حديثه مع الصحافي مارتي بيرارنو، قالها غوارديولا صريحة، "أنا أكره التيكي تاكا". بعث بيب برسالة صريحة لكل المهتمين الذين وضعوا كلمة "تيكي تاكا" في كل شيء له علاقة بالكرة الهجومية. فريق فاز التيكي تاكا هي السبب، فريق خسر، التيكي تاكا ماتت، وهكذا دون وجه حق.

غوارديولا لم يذكر هذه الكلمة أبداً، خلال محاضراته الكروية أثناء فترة التدريب أو في المؤتمرات التي عقدها أو حضرها، وذلك لأن العبارة إعلامية جماهيرية بحتة، وصفت خاصية التمرير والهجوم والضغط التي اشتهر بها "بارسا بيب" خلال أربع سنوات ذهبية.

برشلونة بيب تعني فن التمركز واستغلال أكبر قدر ممكن من المساحات بجعل الكرة هي من تجري لا اللاعب، ومحاولة تحريك الخصم لا الكرة فقط فيما يعرف بالـ Positional Play. بينما سيميوني أيضا لا يمكن وصف كرته بالقبيحة أو المؤذية، لأن التكتيك أفكار أمام فكر، والملعب بمثابة المسرح المفتوح أمام جميع المنافسين.

سطوة السيمونيستا
انتشر فكر دييغو سيميوني في كل ملاعب أوروبا والعالم، أصبحت النزعة الدفاعية هي السائدة بين معظم المنافسين، خصوصا بعد الأداء المتطور الذي قدمه أتليتكو مدريد تحت قيادة الأرجنتيني، وبعد فوز الأتليتي على برشلونة ثم بايرن ميونخ، تحول الطابع المتحفظ إلى الاتجاه الأكثر نجاحا، خصوصا بعد تحقيقه نتائج مذهلة في معظم المنافسات.

انطلق أكثر من مدرب على نفس الدرب، لدرجة أن في نهائي دوري أبطال أوروبا، لم يلعب الريال بطريقة هجومية واضحة، بل تحفظ زيدان كثيرا ولعب دون جرأة هجومية، ليترك الكرة إلى أتليتكو ويعتمد أكثر على المرتدات، حتى وصلت المباراة في النهاية إلى ركلات الجزاء الترجيحية.

صارت ركلات الجزاء هي النهاية الرسمية لمعظم المباريات، والدليل امتداد أكثر من مباراة في اليورو إلى الأشواط الإضافية، ووصول منتخب البرتغال إلى اللقب بعد لعبه 120 دقيقة في 3 مباريات من أصل 4 ضمن مواجهات خروج المغلوب، ليتحدث فرناندو سانتوس بعد التتويج قائلا، "نحن بسطاء كالحمام، ونتحين الفرص كالحيات"، سانتوس يتحول إلى نسخة أقرب إلى "السيمونيستا"، على خطى سيميوني ورفاقه.

الهجوم أصعب
هل كان من الصعب أن أدافع؟ ولماذا لم أعد إلى الخط الخلفي؟ أسئلة طرحها المعلم والقائد أريغو ساكي في حديثه عن ميلان نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، ذلك الفريق الحاصل على بطولتي التشامبيونز في عامين متتاليين، مجموعة الوحوش الذين غزوا أوروبا والعالم بأداء إعجازي وانتصارات لا تُنسى. ميلان ساكي فريق هجومي يهزم عمالقة الدفاع في جنة اللعبة، هكذا يكون الإبداع.

ساكي كان يستطيع أن يلعب بريكارد كمدافع وخوليت كلاعب وسط، ويعود لكي يغلق مراكزه ويلعب على المرتدات كما الحال في كل فرق إيطاليا وقتها، لكنه اختار الطريق الصعب، أن يهاجم من البداية حتى النهاية، أن يلعب المدافع ريكارد في خط المنتصف، وخوليت لاعب الوسط كمهاجم ثان خلف الصيحة المختلفة في كرة القدم تلك الأيام، ماركو فان باستن.

الهجوم أصعب من الدفاع، صحيح أن الدفاع فن وقرار لكن فكرة أن تكون مبتكرا هي الأساس، لذلك فإن كتابة ووضع السؤال أهم من الإجابة عليه، وبالتالي حصلت الفرق الهجومية على مكانة أعلى قليلا في كتب كرة القدم. وزادت عدد المجموعات الدفاعية في السنوات الأخيرة، لدرجة أن اللعب الهجومي المنظم بات عملة نادرة للغاية، والدليل معظم مباريات يورو 2016 في فرنسا.

السطوة للدفاع
الهجوم لم ولن ينتهي، لكن حصل الدفاع على أريحية أكبر في الفترة الماضية، لتستحق فترة الصيف في 2016 أن تكون الموسم الدفاعي الأول في كرة القدم. وبالعودة إلى إحصاءات بطولة اليورو، فإن النسخة الأخيرة شهدت تسجيل 2.12 هدف فقط في المباراة الواحدة، مع تسجيل هدف واحد كل 44 دقيقة لعب، نسبة ضعيفة جدا على الصعيد التهديفي.

حتى نسبة الاستحواذ ضعيفة للغاية، خمس فرق فقط تعدت حاجز الـ 55 %، أما البقية فاختارت ترك الكرة والعودة إلى مناطقها الدفاعية، كما حدث مع البرتغال في معظم المنافسات، ليؤكد الفكر الذي يعتمد على رد الفعل أنه الأقوى في الآونة الحالية، لكن هذا لا يعني بالضرورة موت أو نهاية المذهب الاستباقي، لأن كل مرحلة ولها متطلباتها وظروفها.

كرة القدم ليست حقيقة بل هي فن البحث المستمر عن الحقيقة، وعظمتها تكمن في نقصانها وعدم اكتمالها أبداً، ومهما وصلت إلى مستوى كبير من الأداء والإبداع فسيظل هناك جزء ما غير مكتمل يحتاج إلى فكرة جديدة وابتكار مستمر. والنجاح الحقيقي هو محاولة الوصول إلى شق جديد ومستوى آخر في اللعبة المستديرة، أي نقلها إلى مكانة تسمح برؤية جديدة ومهمة متجددة.

المساهمون