في الذكرى السنوية الخمسين لهزيمة حرب حزيران عام 1967 التي خاضتها إسرائيل ضدّ مصر والأردن وسورية، واحتلت خلالها القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن صحراء سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، نظم "مجلس العلاقات الخارجية"، في العاصمة الأميركية واشنطن، ندوة استعرض خلالها ظروف اندلاع حرب الأيام الستة، وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط، وعلى الصراع العربي الإسرائيلي.
وتناول المشاركون في الندوة، أمس الجمعة، تحوّلات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، خلال نصف قرن، والجهود المتعثرة التي بذلتها الولايات المتحدة، للتوصّل إلى تسوية سلمية في المنطقة، وصولاً إلى توجّهات إدارة دونالد ترامب، ورؤيتها لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
فقد اعتبر المؤرخ الأميركي الإسرائيلي كينيث ستاين، أنّ حرب 67 كانت قد بدأت فعلياً عام 1949، بعد رفض العرب القرار الدولي بتقسيم فلسطين والاعتراف بكيان الاحتلال.
وحسب وجهة نظر ستاين، فإنّه لولا دخول الرئيس المصري جمال عبد الناصر الحرب، لما خسرت مصر سيناء، ولما زار خلفه أنور السادات الكنيست الإسرائيلي في القدس المحتلة عام 1979، ووقّع لاحقاً اتفاق سلام مع رئيس حكومة الاحتلال مناحيم بيغن.
واستعرض البروفسور في جامعة كولومبيا في ميريلاند شبلي تلحمي، "النتائج الكارثية" لهزيمة 67 في الشارع العربي، مشيراً إلى أنّ الثمن الأكبر، دفعه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وغزة، بعدما أصبح خاضعاً لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
ورأى تلحمي، أنّ الهزيمة العربية، خلّفت خيبة أمل كبيرة لدى الفلسطينيين، إذ تضاءل الرّهان على أي دور للأنظمة العربية في تحرير فلسطين، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ المفارقة أنّ هزيمة العرب ساهمت في بلورة الشعور الوطني الفلسطيني، وبروز الهوية الفلسطينية المستقلّة، من خلال منظمة التحرير الفلسطينية.
من جهته، رأى المبعوث الأميركي السابق لعملية السلام مارتن إنديك، أنّ حرب الأيام الستة، شكّلت "نقطة تحوّل" على صعيد دبلوماسية السلام، على اعتبار أنّها كانت السبب المباشر لقيام مفاوضات بين قوات الاحتلال والدول العربية التي خسرت أرضها في الحرب، فكانت اتفاقيتا كامب دايفيد ووادي عربة، بين دولة الاحتلال وكل من مصر والأردن، فيما دخلت سورية في مفاوضات طويلة مع الإسرائيليين، من أجل استعادة هضبة الجولان.
وتوقّف إنديك عند دلالات الصياغة اللغوية للقرار 242، والذي صدر عن مجلس الأمن الدولي، ويدعو إلى انسحاب إسرائيلي من "أراض احتلت عام 67"، وليس من "الأراضي المحتلة".
ولفت الدبلوماسي الأميركي السابق، إلى تحوّل هذا القرار الدولي، إلى قاعدة لكل سياسات السلام الأميركية، كونه يشترط "إعادة الأرض للعرب مقابل السلام مع إسرائيل".
وخلص إنديك، إلى أنّ السياسة الأميركية تجاه عملية السلام، لم تتغيّر بشكل كبير طوال الخمسين عاماً الماضية، حيث شكّل مبدأ الانسحاب إلى حدود خط وقف إطلاق النار في حرب 67، أساس اتفاقيات السلام التي رعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، بين الدول العربية وإسرائيل.
وذكّر إنديك بأنّ هذا المبدأ، هو أيضاً أساس اعتراف واشنطن بحقّ الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، في عهد الرئيس جيمي كارتر، ولاحقاً أساس رؤية الرئيس جورج بوش لحلّ الدولتين التي تبنّاها الرئيس باراك أوباما.
صحيح أنّ السياسة التقليدية الأميركية يمكن أن تتغيّر مع إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، إلا أنّ إنديك يعتقد أنّ أيّ محاولة جدية للسلام، تستلزم تحديد الأساس الذي تقوم عليه عملية التفاوض، وهو ما ليس متوفراً حتى الآن، في رؤية الإدارة الأميركية الجديدة.