نحن أيضاً ضحايا

13 نوفمبر 2015
كم مرة سيُحالفنا الحظ؟ (Getty)
+ الخط -
لا أحد نعرفه. لا أحد من عائلتي. لا أحد من أصدقائي. الجميع بخير. الجميع بخير. أقولها وأنا أسأل: هل حقاً نحن بخير؟

أكثر من 40 شهيداً ومائتي جريح. ضحايا الانفجارَين. لكنهم ليسوا وحدهم. نحن ضحايا مثلهم. جميعنا، ضحايا هذا البلد الذي إن لم يقتلنا اليوم سيقتلنا غداً إن لم يكن بانفجار أو عبوة أو انهيار أو رصاص طائش سيقتلنا بسكتة قلبية، سيقتلنا من الخوف، سيقتلنا من الحزن. لا يهمّ. الأكيد أن هذا الوطن تحوّل إلى قاتل وأننا بتنا محكومين باليأس.

هذه المرة الجميع بخير. مرة جديدة لا أضرار شخصية ولا أحزان إضافية لم يعد يتحملها القلب أساساً. لكن ماذا عن الغد؟ غداً كيف سيكون؟ كم مرة سيحالفنا الحظ؟ كم مرة سينقذنا القدر نحن وأحباءنا؟

لم تكن صدفة أن يقع الانفجاران الإرهابيان في الضاحية الجنوبية بينما كان نواب يصوّتون على قانون استعادة الجنسية. لم تكن صدفة. هي إشارة أو أكثر. هي دافع جديد حقيقي ملموس لنا بأن هذه الجنسية باتت عبئاً علينا. فليأخذْها غيرنا، فليستعدْها من عاش سنوات في دول تملّ شعوبها من الأمان والروتين. فليستعدْها من كان لسنوات يملك رفاهية الحلم بالغد أو بالمستقبل البعيد. فليستعدْها من عاش لسنوات وهو مطمئن وهو يمشي في الشارع أن لا رصاص طائشاً سيقتله ولا انتحاري لا يعرف عن الحياة إلا سوادها سيقتله.

لنتركْها. لنتركْ هذه الجنسية لكل هؤلاء. نحن تعبنا. أنهكتنا الجنسية. لنتركها لمن لا يزال فيه بعضٌ من روح أو نفس أو أمل. أما نحن فسنبحث عن جنسية أخرى، عن بلاد أخرى، نمشي على أرصفتها مع أطفالنا، نحلم معهم وبهم، نؤسس لروتين نملّ منه. نذهب يومياً إلى العمل ونختار يومين للذهاب إلى النادي الرياضي ونخطط لعطلة نهاية الأسبوع، نريد الحياة ببساطتها. نريد أن نشعر بالملل.


اقرأ أيضاً: حيدر... كيف سينام؟
المساهمون