ناظم الغزالي: كأنها سيرةٌ على مقام لامي

22 أكتوبر 2014
+ الخط -

مع حلول الذكرى الحادية والخمسين لرحيل الفنان العراقي ناظم الغزالي (1921 - 1963)، يوم غد الخميس؛ تبدو السيرة الشخصية والفنية الكثيفة لصاحب "طالعة من بيت أبوها" مغريةً للبحث فيها والحديث عنها.

فالرجل لم تأخذه عائلته من يده إلى لجنة تحكيم في برنامج للهواة، لأنه ببساطة ولد يتيم الأب في أسرةٍ معوزةٍ، وما لبثت أمه الكفيفة أن رحلت أيضاً بعد سنوات. كما أنه لم ينجح بعد أن تبنّته شركة اتصالات بكثافة الرسائل النصية التي تزكّي الفن في العالم العربي اليوم، بل بجهدٍ فنيّ وثقافيّ، وعملٍ مكثفٍ في تأريخ الموسيقى العراقية ودراستها.

بعد إتمامه دراسته بصعوبةٍ، بسبب سوء أوضاعه المادية، التحق من سيُعرف لاحقاً بـ"سفير الأغنية العراقية" بـ"معهد الفنون الجميلة"، قسم المسرح. هناك، سيتنبّه أستاذه حقي الشلبي إلى موهبته ويتبنّاه، لكن فقره الشديد سيبعده عن الفن ليجد لنفسه وظيفة مراقب في مشروع الطحين، في أمانة العاصمة بغداد.

في الوظيفة، سيكتشف الجميع أن مراقب العمل، إضافة إلى قدرته على التقليد والتمثيل، يمتلك صوتاً عذباً وحنجرةً تؤدي المقامات العراقية بشكلٍ صحيح، ليعود الشاب العشريني إلى المعهد مواصلاً الدراسة والعمل معاً، وليعود أستاذه الشلبي إلى دعمه، فيضمّه إلى فرقة "الزبانية" للتمثيل المسرحي، والتي قدّم معها مسرحية "مجنون ليلى"، وفيها قدّم أولى أغنياته "هلا هلا" عام 1942 من ألحان حقي الشلبي نفسه.

بعدها، قرّر الغزالي وبشكل مفاجئ أن يتفرّغ ليكون مطرباً فقط، مبتعداً عن المسرح والتمثيل، فانطلق في الدراسة والتدقيق والبحث في أرشيف الأغنية العراقية، وانكب على دراستها مستفيداً من دراسته المسرح وطرق التمثيل. يتمٌ وطفولة فقيرةٌ لم يمنعاه من التحوّل إلى أيقونة للغناء العراقي، هو الذي جمع بين تقنيات ظهور الممثل على المسرح وكيفية صياغة المخارج الصوتية وبين قدراته الموسيقية.

بعد ذهابه مع مجموعة من الفنانين العراقيين لمساندة الجيش العراقي في فلسطين عام 1948، عاد الغزالي ليتابع دراسته الموسيقية على يد الموسيقار محمد القبانجي، ويدرس العود مع الموسيقي الفلسطيني روحي الخمّاش، ويتعاون بعد ذلك في دراسة الصولفيج مع جميل بشير الذي جدّد معه في توزيع الأغاني العراقية وتحريرها من شكلها التقليدي.

تكتمل ملامح شخصية الغزالي عند الاطلاع على المقالات التي كتبها في "جريدة النديم" تحت عنوان "أشهر الموسيقيين العرب"، ثم أتبعها بكتابه "طبقات العازفين والموسيقيين، من سنة 1900 إلى 1962". وفي هذه الكتابات، أرّخ الفنان لأسماء العازفين والموسيقيين العراقيين والآلات التي كانوا يعزفون عليها.

لفت الغزالي نظر الموسيقار محمد عبد الوهاب بموهبته، وبدآ بالتأسيس لمشروع موسيقي مشترك، لكن وفاة صاحب "أقول وقد" المبكرة حالت دون ذلك.

دلالات
المساهمون