نازحو سورية.. جوع وخطر وغربة في الوطن

12 يونيو 2016
معاناة لا حصر لأسبابها ( فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
يمر شهر رمضان على النازحين السوريين بعذابات مضاعفة، فلم ينجهم اللجوء إلى مناطق سيطرة نظام الأسد من الخطر، وجاء بلباس آخر، غير الموت تحت القصف أو الحصار، ليجتمع عليهم الفقر والغربة في الوطن، كما يقول أستاذ الرياضيات من مدينة إدلب، أسعد رزوق، المقيم في مدينة حماة.

ويشرح رزوق لـ"العربي الجديد" معاناة أسرته المكونة من خمسة أشخاص، عن واقع الغلاء وانعدام الشروط الاجتماعية التي كان يلمسها بين أهله، قائلاً: "نعيش الغربة وكأننا خارج سورية، نخرج من المنزل لقضاء حاجاتنا الضرورية، كأننا في سجن بحكم غير محدد، فنحن رهائن المحابس، ولسنا كالمعري "رهين المحبسين" محبس الفقر ومحبس الحاجة ومحبس الشعور بالرقابة وأحياناً الاستهداف، لأننا أتينا من مناطق ثائرة، فضلاً عن محبس الحنين لأهلنا الذين لا يبعدنا عنهم سوى بضعة حواجز للنظام".

وعن سبب نزوحه لمدينة حماة يقول: "بعد تحرير مدينة إدلب ودخول الثوار، تم تخييرنا من وزارة التربية بين قطع الراتب أو الذهاب للتعليم في مدن حماة وحلب واللاذقية، فاخترت مدينة حماة لأني وزوجتي مدرسان، لكن ظروف المعيشة القاسية منذ عامين، أشعرتني بمدى خطأ قراري، ليتني بقيت في إدلب ومت تحت الأنقاض".

ويضيف: "يبلغ راتبي وراتب زوجتي، وهي معلمة رياضيات أيضاً، 70 ألف ليرة شهرياً، ننفق منه على إيجار البيت 30 ألف ليرة ونعيش بكفاف بما تبقى، نظراً لارتفاع الأسعار الجنوني بعد تراجع قيمة الليرة واستقبال مدينة حماة ضعف سكانها من إدلب وحلب وحمص، ولم تعد الموارد والمنتجات الزراعية تكفي لإطعام أكثر من مليوني إنسان داخل المدينة".

وعن أسعار رمضان في مدينة حماة الزراعية وسط سورية التي كانت قبل الثورة تورد منتجات زراعية وحيوانية لمعظم المدن السورية، يجيب النازح رزوق: "الاستغلال هو سمة العيش بحماة، استغلال التجار لحاجة السكان المتزايدة باستمرار، استغلال الحواجز لخوف النازحين وابتزازهم، استغلال أصحاب المنازل التي لا يقل إيجار المنزل الواحد منهاعن راتب أو أجر النازح من مدينة أخرى".

وينسحب الحال على النازحين السوريين في مدينة السويداء جنوب سورية، التي أوت السوريين الهاربين من القصف والموت من مدن درعا وحمص ودمشق.




وتقول أم يوسف عبود، ربة منزل حمصية لم تشأ الإفصاح عن كامل اسمها، يقتصر إفطارنا على التمر وشوربة العدس الذي أتانا كمساعدات إنسانية مطلع رمضان، وتفتقر موائدنا للحوم والحلويات، بعد ارتفاع الأسعار الذي طاول السكر لنحو 500 ليرة للكيلو واللحوم التي ارتفعت إلى أكثر من أربعة آلاف ليرة للكيلو.

وتضيف عبود أن تعامل السكان مع النازحين جيد، لكن السويداء فقيرة بإنتاجها، وأعداد النازحين أكبر من قدرة الأهالي والإنتاج عن الاستيعاب، مشيرة إلى أن الحد الأدنى لتكاليف وجبة الإفطار 5 آلاف ليرة سورية والسحور ألفي ليرة، وزوجي كان يعمل بالبناء، لكنه لا يجد عملاً الآن".

وعن المساعدات التي تصل للأسر السورية النازحة أجابت عبود "وزع فرع الهلال الأحمر بمدينة السويداء سللاً غذائية مكونة من سكر وعدس وأرز وزيت ومعكرونة ومنظفات، في أول يوم رمضان، ولا نعرف إن كانوا سيوزعون غيرها أو ماذا سنأكل خلال رمضان إن توقفت المساعدات".

نقل معاناة النازحين في مدن الساحل السوري التي استضافت أكثر من مليوني سوري من المدن التي تشهد قصفاً واستهدافاً ليس سهلاً، إذ إن الخوف من كشف رسائل "فيسبوك" أو اختراق "سكايب" و"واتسآب" منع غير سوري من وضعنا بصورة معاناتهم في مناطق نزوحهم.

واقتصر تصريح رامز بكور من مدينة إدلب، بأن الوضع مقبول وأنه يشغّل زوجته وأولاده بجني المحاصيل الزراعية في اللاذقية، قائلاً "الله يفرجها على السوريين فكفانا ذلاً".

وشهدت سورية، منذ عام 2012 حالات نزوح داخلي بعد استهداف نظام الأسد للمدن والمناطق الثائرة، قدرها الهلال الأحمر السوري بنحو 6 ملايين سوري أضيفوا إلى معاناة أهل المدن المستضيفة، ليبلغ من هم بحاجة لمساعدة فورية بحسب الهلال الأحمر لنحو 13.5 مليون سوري، فضلاً عن المحاصرين الذين يصعب الوصول إليهم.

كما عادت حالات النزوح خلال شهر الصيام، إثر تجدد القصف على محافظات إدلب وحلب والرقة، فزادت من أعداد ومعاناة السوريين القاطنين بالعراء والخيم، بسبب إغلاق الحدود التركية بوجههم واكتظاظ المخيمات البدائية في ريف إدلب المتاخم لتركيا.
المساهمون