مرض دماغي غامض يصيب المئات في كندا ودعوات لتحقيق علمي

16 نوفمبر 2024
صور مسح دماغ مريض في أحد مستشفيات كندا، 29 يوليو 2015 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في نيو برونزويك، كندا، يثير مرض دماغي غامض قلقًا متزايدًا، حيث أصاب مئات الأشخاص بأعراض مشابهة لأمراض تنكسية مثل الزهايمر وباركينسون، مما دفع رئيسة الوزراء لطلب تحقيق علمي شامل.
- منذ 2012، تم تسجيل أكثر من 450 حالة ووفاة 40 شخصًا، مع أعراض متنوعة تشمل تغيرات سلوكية وآلام غير مبررة. تشير بعض الدراسات إلى وجود مستويات عالية من المبيدات الحشرية في دم المرضى.
- تيريلين بوريل، إحدى المصابات، تعاني من تدهور سريع، وتعتمد على التكنولوجيا للمهام اليومية. تعليقات رئيسة الوزراء حول الشفافية أعطت الأمل للمرضى.

تتصاعد المخاوف في مقاطعة نيو برونزويك جنوب شرقي كندا، بعد تسجيل إصابة المئات بمرض دماغي غامض، فيما دعت السلطات المحلية إلى تدخل سريع من العلماء لإجراء تحقيق علمي شامل.

وفي السياق، طالبت رئيسة وزراء مقاطعة نيو برونزويك سوزان هولت وكالة الصحة العامة الكندية، بالمساعدة في إجراء تحقيق علمي حول مرض دماغي غامض أصاب مئات الأشخاص في مقاطعتها منذ سنوات، في خطوة يأمل المرضى الذين يعانون أن تقدم إجابات لهم.

ووفقاً لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإنه في عام 2012، حذّر مسؤولو الصحة لأول مرة من أن أكثر من 40 من سكان المقاطعة يعانون متلازمة عصبية غير معروفة محتملة، مع أعراض مماثلة لأعراض اضطراب الدماغ التنكسي أو مرض "كروتزفيلد جاكوب"، وهو مرض ينتمي إلى فئة أمراض المخ الشبيهة بالزهايمر ومرض باركينسون والتصلب الجانبي الضموري، التي تؤدي إلى اختلال البروتين في الجهاز العصبي وتكتله. ومع ذلك، بعد مرور عام، قررت لجنة إشرافية مستقلة أنشأتها حكومة بلين هيغز أن مجموعة المرضى ربما تم تشخيصها بشكل خاطئ وأنهم يعانون أمراضاً معروفة مثل السرطان والخرف.

ولكن في وقت سابق من ذلك العام، ذكرت صحيفة "ذا غارديان"، أن أحد كبار العلماء الفيدراليين كان قلقًا بشأن "وجود شيء حقيقي يحدث" في نيو برونزويك. وقال آخر إن التحقيق قد أغلق، وإن عدد الحالات كان أعلى مما اعترف به رسمياً. 

ولكن بعد اجتماع مع رئيس الوزراء جاستن ترودو قالت هولت إن علماء الحكومة الفيدرالية سيتدخلون. وأضافت هولت: "نحن في حاجة إلى إجراء تحقيق شامل حول ما يجعل الناس مرضى.. لأننا لا نعرف الآن. ليس فقط أننا لا نعرف كيفية تحديده وتشخيصه وعلاجه، ولا نعرف ما الذي يسببه". وفقًا لما نقل عنها موقع "سكاي نيوز".

وذكرت وسائل إعلام أن المعاهد الكندية لأبحاث الصحة عرضت على حكومة هيغز السابقة 5 ملايين دولار للمساعدة في التحقيق في الأسباب المحتملة لما يطلق عليه الناس مرضاً تنكسياً عصبياً غير نمطي، بالإضافة إلى الموارد والخبرة. وأشارت هولت إلى أن ترودو أكد لها أن العرض لا يزال على الطاولة.

وقالت: "يتعين علينا معرفة ما الذي يجعل الناس مرضى، ونحن في حاجة إلى إجراء تحقيق علمي كامل ومفتوح في هذا الأمر". وتابعت: "عدم القدرة على تفسير هذا المرض وعدم معرفة سببه، وما سيحدث بعد ذلك، وما هو مسار العلاج أمر مؤلم للغاية.. معرفة أنه مرض لا يبدو أنه قابل للعلاج وأن الأشخاص من حولك ماتوا بسبب هذا المرض أمر مرعب. لذلك، أعتقد أننا في حاجة إلى بذل كل ما في وسعنا لإلقاء الضوء على هذا وإيجاد طريقة لوقف ما يجعل الناس مرضى".

ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإن أكثر من 450 شخصاً في المقاطعة - كثير منهم يعيشون في شبه جزيرة أكاديا - يعانون المرض، بما في ذلك العديد من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 45 عاماً. وأوضحت هولت أنه "ربما يكون هذا الرقم أقل من التقديرات"، مشيرة إلى أن 40 شخصًا مصابين بالمرض في مقاطعتها ماتوا بالفعل.

ووفق صحيفة "ناشيونال بوست" رأى طبيب الأعصاب في نيو برونزويك أليير ماريريو مئات المرضى في السنوات الأخيرة الذين يعانون أعراضاً لا يمكن تفسيرها للتدهور العصبي.

تشمل هذه الأعراض القلق وصعوبة النوم، فضلًا عن الأعراض الأكثر حدة بما في ذلك آلام الأطراف وصعوبة التوازن، وارتطام الأسنان، وتشنجات العضلات العنيفة، ومشكلات الرؤية والهلوسة. وكان العديد منهم تحت سن 45 عاماً. وقال ماريرور إنه وجد مستويات عالية من المبيدات الحشرية في دم مرضاه، مما يجعله يشتبه في أن مرضهم ناجم عن شيء في البيئة.

عانت تيريلين بوريل المرض لمدة أربع سنوات، لكن تدهور حالتها كان سريعًا لدرجة أنها لم تعد قادرة على الطهي لأن يديها يصعب التحكم فيها. ومع تدهور ذاكرتها، تحتاج إلى تذكيرات مستمرة من مكبر الصوت الذكي الخاص بها لتناول الأدوية والاستحمام وتناول الطعام. وقالت إن تعليقات هولت جعلتها متفائلة بشأن "الشفافية الكاملة والتحقيق في ما يجعلنا مرضى".

وقالت "نأمل ألّا تظل الأمور كما هي. أنا متفائلة بأن رئيسة الوزراء هولت سوف تفعل الشيء الصحيح تجاهنا نحن المرضى وشعب نيو برونزويك". 

من جهته، أوضح طبيب المخ والأعصاب الدكتور ألير ماريرو، في تصريحات سابقة أن أول حالة رصدها الأطباء لهذا المرض كانت في عام 2015، وأنها كانت حالة واحدة "شاذة وغير معتادة". وفقاً لبي بي سي عربي.

وتتزايد الحالات منذ ذلك الحين، بشكل مكّن الأطباء من رصد مجموعة من الحالات كمرض مختلف "لم يروه من قبل". وتقول المقاطعة إنها رصدت حتى الآن 48 حالة، نصفهم من الرجال والنصف الآخر من النساء، في الشرائح العمرية ما بين 18 و85 عاماً. 

ويقول الدكتور ماريرو إن الأعراض تختلف بشكل كبير بين مريض وآخر. في البداية، قد تأتي في صورة تغير في السلوك، مثل القلق والإحباط والضيق، ثم الشعور بألم غير مفهوم، مثل ألم في العضلات وتشنجات تصيب أفراداً كانوا أصحاء من قبل. ومع الوقت، يواجه المرضى صعوبات في النوم، سواء أرق شديد والنوم لفترات طويلة، بجانب مشكلات في الذاكرة. ويمكن أن تأتي مصحوبة بمشكلات متزايدة في الكلام، مثل التلعثم أو تكرار الكلام، بشكل يجعل التواصل والانخراط في محادثة أمراً صعباً. كذلك من بين الأعراض فقدان الوزن بشكل كبير وضمور العضلات، بجانب تشوش الإبصار وعدم القدرة على التواصل، وارتعاش العضلات بشكل لا إرادي. وقد يصاب البعض بهلاوس في الأحلام، أو هلاوس في اليقظة.

(العربي الجديد، وكالات)

المساهمون