قال النائب البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم كرسبين بلانت، اليوم الثلاثاء، إنه من الصعب اعتبار التحقيقات السعودية بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، "شفافة وواضحة"، مجدداً القول إن التقارير التي تفيد بتعرض الناشطات المعتقلات في المملكة العربية السعودية للتعذيب "صحيحة وقطعية".
جاء ذلك في تصريحات خاصة للنائب بلانت الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني، والمشارك مع نواب آخرين في إعداد تقرير حول تعذيب ناشطات معتقلات بالسعودية.
وقال بلانت: "ثمة إجراءات قضائية تجري في السعودية، ولكن من الصعب اعتبارها شفّافة وواضحة".
وأشار النائب البريطاني إلى أنهم قلقون من ادعاءات تفيد بتعرض 8 ناشطات سعوديات و4 ناشطين، معتقلين للتعذيب، لافتاً إلى أنهم تقدموا بطلب تعاون للسلطات السعودية قبل شهر، دون حصولهم على أي رد.
وقال بلانت: "لعدم حصولنا على أي معلومات أو أي تعاون من المسؤولين السعوديين حيال المعتقلين، أعددنا تقريرا استندنا فيه على معلومات حصلنا عليها من خارج السعودية، وتوصلنا إلى أنّ الادعاءات التي تفيد بحصول التعذيب صحيحة وقطعية".
وختم بلانت تصريحاته بالقول: "عند النظر إلى الأوضاع المتعلقة بمقتل خاشقجي ونشطاء الديمقراطية المعتقلين، نخلص إلى نتيجة وهي لا مكان لمجتمع مدني نشط في السعودية".
وأيّد بولنت مع مشرّعين بريطانيين، أمس الإثنين، التقارير التي تفيد بأن الناشطات المعتقلات في المملكة العربية السعودية تعرّضن للتعذيب، معتبرين أن المسؤولية عما يُحتمل أن يكون انتهاكاً للقانون الدولي يمكن أن تقع على عاتق "السلطات السعودية على أعلى مستوى".
وقال المشرعون البريطانيون بولنت، وليلى موران، وبول وليامز، إنهم عثروا على تقارير موثوقة من جماعات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، تصف معاملة المعتقلين بأنها "قاسية ولاإنسانية ومهينة".
وأوضح المشرعون الذين شكّلوا لجنة مراجعة مع محامين بارزين أن السلطات السعودية انتهكت القانون الدولي أيضاً من خلال احتجاز المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي، وحرمانهم من الحصول على المشورة القانونية.
وأضافوا أن المسؤولية لا تقع على عاتق الجناة المباشرين من مرتكبي جرم التعذيب فحسب، بل على عاتق المسؤولين عنهم.
وقال التقرير النهائي "السلطات السعودية على أعلى المستويات يمكن، من حيث المبدأ، أن تكون مسؤولة عن جريمة التعذيب".
وتشير استنتاجات اللجنة إلى عدم الارتياح المتزايد بين الحلفاء الغربيين حيال انتهاكات حقوق مزعومة في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يواجه بالفعل انتقادات بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في العام الماضي.
وشهدت السعودية اعتقال أكثر من 12 امرأة من المدافعات عن حقوق المرأة بدءاً من مايو/أيار الماضي، ومعظمهن نادين بالحق في قيادة السيارة، وإنهاء نظام ولاية الذكور.
وفي سياق قضية خاشقجي، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، يوم الأحد، إن الدول الغربية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، تحاول التستر على جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مقابل المال وصفقات السلاح، متسائلاً من جديد أين جثة خاشقجي.
وتستكمل تركيا مسار الضغط لتدويل قضية قتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، معولة على التحقيق الذي تجريه مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي، أنييس كالامار، والخلاصات التي توصلت إليها والتي يفترض أن تضمنها في تقرير يتضمن نتائج وتوصيات بشأن التحقيق، تقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في يونيو/ حزيران المقبل كما هو مُتوقع، بما يمكن أن يمهّد الطريق لإطلاق تحقيق دولي في مقتل خاشقجي.
يُذكر أن خاشقجي كان قد قُتل في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. ورفضت السلطات السعودية بداية الاعتراف بحصول الجريمة، لكن النيابة العامة السعودية أعلنت في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني أن من أمر بالقتل هو رئيس فريق التفاوض معه (من دون ذكر اسمه).
في مقابل ذلك، صعّدت أنقرة ضغوطها، وأصدر القضاء التركي في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي مذكرة توقيف بحق النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودي أحمد عسيري، وسعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد محمد بن سلمان، للاشتباه بضلوعهما في الجريمة. تبع ذلك في 3 يناير/ كانون الثاني إعلان النيابة العامة السعودية عقد أولى جلسات محاكمة مدانين في القضية، إلا أن الأمم المتحدة اعتبرت المحاكمة "غير كافية"، وجددت مطالبتها بإجراء تحقيق "شفاف وشامل".
(العربي الجديد، الأناضول، رويترز)