01 نوفمبر 2024
مُنع في مصر
"وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا". لا شيء ربما يصف الوضع في مصر مثل هذا البيت الشعري الذي نظمه أبو الطيب المتنبي في قصيدة هجائه كافور الإخشيدي. يبدو البيت صالحاً لهذا الزمن المصري أكثر مما كان حين أراد به المتنبي الانتقام من كافور، وخذلان الأخير الشاعر الطامح إلى المناصب، وعليه كال ما فاضت به قريحته من أوضاع للبلاد وحاكمها.
كل ما نقرأه يومياً من مصر وعنها يؤكد ما قاله المتنبي، خصوصاً حين نسمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يرتجل خطاباً أو مداخلة. قد تبتسم أو ربما تقهقه لبعض العبارات التي قد ترد على لسان الرئيس، أو طريقة إلقائها جزافاً من دون أي سياق واضح، لكن في النهاية لا بد أن ترثي لحال أكبر دولة عربية، وما تسير إليه، وتكاد أحياناً لا تصدّق أن من تراه الآن وتسمع خطبه يتربع على رأس دولة، ليس بالضرورة مصر، لكن أي دولة في العالم.
لا يقتصر الأمر على الكلام والأداء، بل على القرارات الهمايونية التي تصدر عن السلطات لتأطير المجتمع وفق ما يشتهي النظام، ليكون على شكله وهيئته. الانتقاد بالتأكيد ممنوع، وهذا سياق وضعه السيسي وأركان حكمه منذ وصولهم إلى السلطة، ولا يزال يمارسه بأشكال متعددة، إذ إن الأمر لا يتوقف عند ملاحقة المواطنين والناشطين السياسيين، بل وصل إلى الفنانين والإعلاميين الذين يسعون إلى الإضاءة على بعض الأخطاء، من دون النّيل من السيسي نفسه أو نظامه.
تطور الأمر لاحقاً إلى منع بشكل آخر، فإضافة إلى تنصيب الكهنوت السياسي المصري أنفسهم حافظين للحقيقة المطلقة المتعلقة بأوضاع البلد وكيفية إدارة شؤون الدولة، ومعاقبة أي رؤية أخرى لتصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد، دخلت "حراسة الفضيلة" ضمن الدور الذي يؤديه النظام في مصر. وتحت هذا المسمى، بات بالإمكان قمع أي محاولات إبداعية مختلفة عن الإطار العام للفن الذي يريده النظام المصري. ولعل المنع أخيرا لبرنامج "أبلة فاهيتا" أو "SNL بالعربي" مؤشر إلى أي دور يريد النظام أن يؤديه في تماهيه مع التوجهات الاجتماعية المحافظة، وتكريسها بقرارات قضائية وسياسية، ليكون كل ما هو مخالف للسائد اجتماعياً، خارجاً عن الشرعية الفنية التي يريدها النظام. وعلى الرغم من عدم وجود أي نفس سياسي في البرنامجيْن سالفي الذكر، إلا أن المنع أخد عنوان "خدش الحياء العام" و"استخدام ألفاظ خارجة"، وذلك تماشياً مع "الصدمة الاجتماعية" التي تحدثها بعض الفقرات في البرنامجين، تماماً على غرار الضجة التي أثارها مسلسل "سابع جار" ونقله الحياة الاجتماعية في مصر بشفافية، ومن دون التزييف الذي يتم اللجوء إليه في أحيان كثيرة في المسلسلات والأفلام، للحفاظ على الشكل العام المحافظ.
بناء عليه، تتوسع أدوار النظام في مصر، لتنتقل من المنع السياسي إلى المنع الاجتماعي والفني، والكوميدي بشكل خاص، إذ يدخل البرنامجان الممنوعان في هذا الإطار. وعليه، قد تختفي "مضحكات المتنبي" أيضاً من أرض الكنانة، وستبقى حكراً على الرئيس المصري، لكن "البكا" سيصبح عاماً.
كل ما نقرأه يومياً من مصر وعنها يؤكد ما قاله المتنبي، خصوصاً حين نسمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يرتجل خطاباً أو مداخلة. قد تبتسم أو ربما تقهقه لبعض العبارات التي قد ترد على لسان الرئيس، أو طريقة إلقائها جزافاً من دون أي سياق واضح، لكن في النهاية لا بد أن ترثي لحال أكبر دولة عربية، وما تسير إليه، وتكاد أحياناً لا تصدّق أن من تراه الآن وتسمع خطبه يتربع على رأس دولة، ليس بالضرورة مصر، لكن أي دولة في العالم.
لا يقتصر الأمر على الكلام والأداء، بل على القرارات الهمايونية التي تصدر عن السلطات لتأطير المجتمع وفق ما يشتهي النظام، ليكون على شكله وهيئته. الانتقاد بالتأكيد ممنوع، وهذا سياق وضعه السيسي وأركان حكمه منذ وصولهم إلى السلطة، ولا يزال يمارسه بأشكال متعددة، إذ إن الأمر لا يتوقف عند ملاحقة المواطنين والناشطين السياسيين، بل وصل إلى الفنانين والإعلاميين الذين يسعون إلى الإضاءة على بعض الأخطاء، من دون النّيل من السيسي نفسه أو نظامه.
تطور الأمر لاحقاً إلى منع بشكل آخر، فإضافة إلى تنصيب الكهنوت السياسي المصري أنفسهم حافظين للحقيقة المطلقة المتعلقة بأوضاع البلد وكيفية إدارة شؤون الدولة، ومعاقبة أي رؤية أخرى لتصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد، دخلت "حراسة الفضيلة" ضمن الدور الذي يؤديه النظام في مصر. وتحت هذا المسمى، بات بالإمكان قمع أي محاولات إبداعية مختلفة عن الإطار العام للفن الذي يريده النظام المصري. ولعل المنع أخيرا لبرنامج "أبلة فاهيتا" أو "SNL بالعربي" مؤشر إلى أي دور يريد النظام أن يؤديه في تماهيه مع التوجهات الاجتماعية المحافظة، وتكريسها بقرارات قضائية وسياسية، ليكون كل ما هو مخالف للسائد اجتماعياً، خارجاً عن الشرعية الفنية التي يريدها النظام. وعلى الرغم من عدم وجود أي نفس سياسي في البرنامجيْن سالفي الذكر، إلا أن المنع أخد عنوان "خدش الحياء العام" و"استخدام ألفاظ خارجة"، وذلك تماشياً مع "الصدمة الاجتماعية" التي تحدثها بعض الفقرات في البرنامجين، تماماً على غرار الضجة التي أثارها مسلسل "سابع جار" ونقله الحياة الاجتماعية في مصر بشفافية، ومن دون التزييف الذي يتم اللجوء إليه في أحيان كثيرة في المسلسلات والأفلام، للحفاظ على الشكل العام المحافظ.
بناء عليه، تتوسع أدوار النظام في مصر، لتنتقل من المنع السياسي إلى المنع الاجتماعي والفني، والكوميدي بشكل خاص، إذ يدخل البرنامجان الممنوعان في هذا الإطار. وعليه، قد تختفي "مضحكات المتنبي" أيضاً من أرض الكنانة، وستبقى حكراً على الرئيس المصري، لكن "البكا" سيصبح عاماً.