ميريل ستريب: غولدن غلوب تكريما لمسيرتها

11 نوفمبر 2016
ميريل ستريب في لقطة من "ريكي والنور الخاطف" (فايسبوك)
+ الخط -
أن تفوز ميريل ستريب بجائزة سينمائية، فهذا أمر يُفترض به أن يكون عادياً، لاستحقاقها إياها، بفضل أدوارها الموزّعة على الكوميديا والدراما التاريخية، كما على الاستعراض الموسيقيّ الغنائي. في الالتزام السياسي الإنساني، تكون حاضرة كممثلة يليق بها النضال، غير المؤدلج سينمائياً. تعود إلى التاريخ، في محطات عديدة منه، فتُسحِر عدسة الكاميرا، التي تبدو أمامها كأنها لن تشبع من تصويرها. تعيش حالات حبّ وانفعال وحيوية قاسية في العلاقات الحميمة، فتمنح الشخصية السينمائية مزيداً من نبض يُحوّلها إلى كائن إنساني متكامل.

تتويج لمسار حافل
40 عاماً في بلاتوهات التصوير، من دون التغاضي عن تجربتها المسرحية التي بدأتها قبل السينما بأعوام قليلة، تُمضيها ميريل ستريب في اختيار أنيقٍ لأدوارها، وفي جرأة اختبار أنواع وأنماط وأساليب سينمائية، فتعمل مع مخرجين يبلغ اختلاف اشتغالاتهم، أحياناً، حدّ التناقض، ما يُثري فن الأداء لديها، محرِّضاً إياها على مزيدٍ من الاختبار والتنويع.
40 عاماً، هذا مسارٌ تُتوِّجه "جمعية الصحافيين الأجانب في هوليوود"، بمنحها "غولدن غلوب" تقديرية، تحمل اسم "جائزة سيسيل ب. دو ميل"، تكريماً لسيرتها المهنية. بل إن الجمعية، بهذا، لن تُكرِّم الممثلة فقط، لأنها بمنحها الجائزة، تؤكّد على أن الأداء أقوى من أن يُحاصَر في لحظة، وأجمل من أن يُختَزل بتمثال ذهبي. والجائزة إذْ تُعطى لها، لن تُتوِّج مساراً، لأنها تبقى مجرّد محطة تدفع الممثلة إلى تطوير دائم لفن الأداء التمثيلي الذي تتلقّى مبادئه وأسسه ومفرداته في "كلّية فاسّار" و"مدرسة يال للدراما".

في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أعلنت الجمعية اختيارها ميريل ستريب (مواليد نيوجيرسي، 22 يونيو/ حزيران 1949) لإعطائها "جائزة سيسيل ب. دو ميل"، التي تُمنح، عادةً، لمن لديه "مقدرة على إحداثِ تأثيرٍ كبيرٍ في عالم الترفيه". في الإطار نفسه، يُحدِّد رئيس الجمعية، لورنزو سُورْيا (Lorenzo Soria)، معنى الاختيار، بقوله إنه "ليس مفاجئاً"، لأن "نتاجها الآسر، عبر أنواعٍ متعدّدة، يجعلها نموذجاً ومثالاً في الـ40 عاماً الماضية"، مشيراً إلى أنها "تستمرّ في ذلك، بالنسبة إلى أجيال مقبلة".

دخول إلى السينما بعد المسرح
بدءاً من عام 1975، بدأت ميريل ستريب رحلتها السينمائية، بعد 4 أعوام على اشتغالها المسرحيّ، علماً أن آخر مسرحية لها تحمل عنوان "الأم كوراج وأبناؤها" لبرتولد بريخت، التي يُخرجها جورج سي. وولف، وتُقدَّم صيف عام 2006. البداية السينمائية تمثّلت بمنح صوتها لإحدى شخصيات فيلم التحريك "الجميع يركب كاروسيل" (1975)، لجون هوبلاي. أما فيلمها المؤسِّس لمسيرتها، فيبقى "جوليا" (1977)، لفرد زينمان، وإنْ يكن دورها فيه ثانوياً، إلى جانب جاين فوندا وفانيسا ريدغريف،  قبل أن تنطلق في أدوارٍ لافتة للانتباه، لشدّة تمرّسها في فرض حضورٍ تمثيلي، يتوازن وممثلين أقدم منها حينها في المهنة. 

نجاح في أدوار مختلفة
بعد زينمان، تتعاون ميريل ستريب مع سينمائيين عديدين: مايكل تشيمينو، ووودي آلن، وجيري شاتزبيرغ، وآلن ج. باكولا، ومايك نيكولس، وسيدني بولاك، وبِلْ أوغست، وكلينت إيستوود، وباربت شرودر، وغيرهم. وفي الأعوام القليلة الفائتة، تظهر في أفلامٍ، لبعضها طابع نضالي إنساني، مُطعَّم بإخراج سينمائيّ يمارس لعبة ابتكار الحالات والانفعالات والتفاصيل، من داخل الشخصية والحدث والحكاية: في "المُعطي" (2014)، لفيليب نويس، مثلاً، تذهب إلى مستقبلٍ يُجرِّد الناس من مشاعرهم، ويفرض عليهم سلوكاً محدّداً بشكل مسبق، ما يؤدّي إلى مغامرة الخروج من سلطة "الآلة"، والتمرّد على قسوة الجمود الانفعالي. وفي Suffragette عام 2015، لساره غافرون، تعود إلى عاميّ 1912 و1913، لتروي وقائع النضال النسائي من أجل حقّ المرأة في الاقتراع في بريطانيا. لكنها، في العام نفسه، ترتدي زيّ موسيقية مولعة بالـ"روك"، في "ريكي والنور الخاطف"، لجوناثان ديم، وتستمر في عالم الغناء، في "فلورانس فوستر جانكينز" 2016، لستيفن فريرز، مُقدِّمةً فيه شخصية حقيقية، تنتمي إلى الطبقة الراقية في المجتمع النيويوركي، في نهايات القرن الـ19، وبدايات القرن الـ20، وترغب في أن تكون مغنية أوبرا، وتنجح في تحقيق هذا، بمساعدة زوجها.

دورٌ حقوقي في المطالبة بالمساواة
في السياسة، لن تتردّد ميريل ستريب في قول الأشياء كما هي. قبل وقتٍ قصير على إطلاق العروض التجارية لـSuffragette، توجّه الممثلة (التي تملك تجربة تلفزيونية أيضاً)، رسالة إلى أعضاء الكونغرس الأميركي، تحثّهم فيها على التصديق على إدخال تعديل دستوري (يتعلّق بالمساواة في الحقوق بين الأجناس البشرية، وبالمساواة بين الرجال والنساء) في الدستور الأميركي، مرفقة الرسالة بنسخ من كتاب "المساواة تعني المساواة"، لجيسيكا نوويرث، التي تحرّض على التزام هذا التعديل: "أكتب إليكم، لأطالبكم بالنضال من أجل المساواة، من أجل الأم والابنة والأخت والزوجة، ومن أجلكم أنتم أيضاً، وذلك بدفاعكم عن هذا التعديل بنشاطٍ وهمّة. جيلٌ كاملٌ من النساء والشابات يتحدّثن عن المساواة في الرواتب والحقوق، وعن الحماية من التحرّش الجنسي".


دلالات
المساهمون