موظفو غزة بلا رواتب ولا من يطمئنهم

19 يونيو 2014
رواتب الموظفين لا تزال بلا صرف (أرشيف/GETTY)
+ الخط -

يكتم موظفو حكومة غزة السابقة، أنفاسهم، بانتظار إيجاد الحلول لوضعهم المادي المتأزم في ظل امتناع العديد من أصحاب المحال التجارية من التعامل معهم بــ"الدَين"، فيما غيّب عدم صرف الراتب فرحة قدوم شهر رمضان المبارك، مع حالة الفقر التي يعيشها الموظفون.

ويأتي ذلك، في ظل تلويح نقابة الموظفين العموميين في قطاع غزة، بتصعيد التحركات النقابية من خلال سلسلة فعاليات فجائية وغير معلن عنها، للضغط على المعنيين وصولاً لصرف الرواتب كاملة.

 

أزمة الرواتب تنغص فرحة "رمضان"

 

الموظف العسكري أبو أمجد عزارة (29 عاماً)، أبدى استياءه نتيجة تأخر راتبه لأشهر متتالية، واعتماد الحكومة على مبدأ تقطير "السُلف".

وقال عزارة: "الحكومة تتعامل معنا بإعطائنا "حقن تخدير" كل شهر أو شهرين، لكنني أجزم أن تلك الحقنة سيبطل مفعولها قريباً لأننا اعتدنا على أخذها، وباتت لا تغير شيئاً من واقعنا المادي المتردي".

وتابع  متهكماً: "يبدو أن شهر رمضان هذا العام سنصومه من دون إفطار، مع تراكم الديون وغياب رؤية واضحة حول أزمة الرواتب".

وأوضح عزارة، وهو أب لثلاثة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر ستة أشهر، أنه بات لا يستطيع تلبية متطلبات عائلته الأساسية، حتى حليب الأطفال "فقد أصبحت أعطي طفلي البالغ من العمر ستة أشهر من حليب المؤن الذي لا يتناسب مع صغر سنه"، منوهاً إلى أنه في كل عام ومع حلول شهر رمضان، كان يعد قائمة طويلة لكل متطلبات الشهر، فيما يقوم بزيارة أقاربه وأخذ هدية مناسبة لكل عائلة.

واستدرك "لكن هذا العام لن أتمكن من زيارة أحد، لأن عاداتنا الاجتماعية تفرض علينا أخذ هدية مناسبة عند الزيارة، وهذا الأمر غير متوفر، وإن بقي الوضع على ما هو عليه الآن فربما لن أستطيع أن أوفر ما تحتاجه عائلتي من متطلبات السحور والإفطار".

وما زال عزارة ينتظر بفارغ الصبر إعلان أي خبر عن موعد صرف الراتب، وتنفيذ الوعود بعدما صُرفت رواتب موظفي رام الله الأسبوع المنصرم، لتسيير ما عليه من التزامات مالية.

صبر الموظفين قارب على النفاد

الموظف نشأت "اسم مستعار لأحد الموظفين بناءً على طلبه" قال لــ"العربي الجديد": "إن قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق، ومهما صبر الموظفون على حالهم البائس ستأتي اللحظة التي يثورون فيها ويقلبون الطاولة رأساً على عقب فوق رؤوس المسؤولين، ولحظتها سيتحمل كل وزير ومسؤول نتيجة تهاونه مع مطالبنا".

وشدّد على أن تصريح وزير العمل بإعطاء جزء من الرواتب قبل شهر رمضان، "زاد الطين بِلة"، وأثار استياء كافة موظفي القطاع، لافتاً إلى أن كل بيوت الموظفين باتت خاوية وتراكمت عليهم الديون، فيما امتنع أغلب أصحاب المحال عن بيعهم بـ"الدين" نظراً لعدم سدادهم لما يتراكم عليهم منذ شهور طويلة كما حدث معه، على حد وصفه.

وأقسم أنه اضطر قبل يومين للذهاب إلى "مستشفى النصر للأطفال" وسط قطاع غزة، الذي يبعد عن بيته مسافة طويلة بابنته المريضة مشياً على الأقدام على الرغم من سوء حالتها، لعدم توافر أجرة السيارة.

وأشار إلى أنه أصبح لا يعول على أحد، "فالشكوى لغير الله مذلة"، مبيناً أنه لا يوجد أسوء من أن يشعر الرجل بضعفه وعدم قدرته على توفير حد الكفاف لعائلته، متسائلاً "كيف يشعر أي رجل في العالم عندما يطلب منه طفله، الذي لم يتجاوز العامين بعض الحاجيات والألعاب ويكون الرد: "ما معي فلوس بعدين بجيبلك".

خطوات تصعيدية

وكان رئيس نقابة الموظفين العموميين في قطاع غزة، محمد صيام، قد حمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مسؤولية أي آثار سلبية قد تنجم عن عدم صرف الرواتب لموظفي غزة أسوة بموظفي الضفة، داعياً إياه للتعامل بمسؤولية مع أبناء شعبه كافة دون تمييز.

ونوّه إلى أن الموظفين لن يقبلوا بأنصاف الحلول لقضيتهم العادلة، مبيناً أن قرارات سياسية "خاطئة" و"غير مسؤولة" تقف خلف هذه الأزمة التي يهدف من خلالها التنكر لحقوق الموظفين الذي خدموا شعبهم في أصعب الظروف، على حد وصفه.

وأشار إلى أن عدم صرف الرواتب لموظفي غزة "وعدم حصولنا على وعود جدية يهدد الأمني الوظيفي لموظفي غزة، وهذا غير مقبول ولن نسمح به مطلقاً"، على حد تعبيره.

ويتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من التصعيد، خاصة بعد أن ظهرت أصوات منادية عبر صفحة الفيس بوك الخاصة برواتب موظفي حكومة غزة، بضرورة اتخاذ خطوات جدية على أرض الواقع كالقيام بإضراب شامل، وتنظيم اعتصامات ومسيرات تمنع دخول وزراء غزة إلى أماكن عملهم حتى تلبية متطلباتهم.

وظهرت أزمة الرواتب عقب منع عدد من موظفي حكومة غزة السابقة، نظراءهم التابعين للحكومة السابقة في الضفة الغربية، من استلام راوتبهم الشهرية، احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم، أسوة بهم.

وبعد الانقسام الفلسطيني عام 2007، قامت حركة حماس بتوظيف قرابة 40 ألف موظف في الوزارات والمؤسسات الحكومية، بعد أن طلبت السلطة (في رام الله) من الموظفين التابعين لها الجلوس في منازلهم والامتناع عن الذهاب لوظائفهم.

وقالت حركة حماس، إنها اتفقت نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي، مع حركة فتح على أن تتولى الحكومة القادمة دفع رواتب كافة موظفي الحكومتين السابقتين في غزة والضفة.

لكن الراتب الذي أرسلته الحكومة الفلسطينية، اقتصر على موظفي حكومة رام الله، ولم يشمل موظفي حكومة حماس السابقة.

دلالات
المساهمون