موسكو ولندن: مواجهة بالذخيرة غير الحية

20 فبراير 2015
فالون اتهم روسيا بتشكيل خطر على أمن أوروبا (Getty)
+ الخط -

تحلّق القاذفات الروسية على حدود الأجواء السيادية البريطانية في السماء، فتنطلق طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني من طراز "راف تايفون" المقاتلة لتطردها بعيداً. وعلى الأرض توجّه لجنة العلاقات الأوروبية في مجلس اللوردات، أقسى عبارات النقد لحكومات حلف شمال الأطلسي، ومن بينها حكومة لندن، التي أساءت تقدير موقف الكرملين، وظلّت غارقة في سبات عميق، بينما الأزمات بين الغرب وروسيا تتصاعد. وبين السماء والأرض يظلّ السؤال معلّقاً في أذهان الساسة الأوروبيين، وفي دوائر صنع القرار في حلف الأطلسي حول حقيقة ما يريده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي محاولة لتشخيص أهداف روسيا، ومدى خطورة هذه الأهداف، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، إن روسيا تحاول زعزعة استقرار دول البلطيق الثلاث، ليتوانيا ولاتفيا وأستونيا، الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وهي بذلك تُشكّل خطراً حقيقياً على أمن أوروبا بقدر الخطر الذي يُشكّله تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

في المقابل، فإن قيادات الكرملين واجهت تصريحات الوزير البريطاني بردود قاسية، اعتبرت فيها أن سياسات حلف الأطلسي هي التي تُشكّل خطراً ليس على روسيا وحسب، وإنما على العالم عامة. بل ويذهب الروس إلى اعتبار تصرفاتهم بمثابة الرد الطبيعي على سياسات التوسّع السياسي والعسكري للحلف الأطلسي باتجاه حدود روسيا السيادية ومجالها الاستراتيجي، وهو ما تعتبره موسكو خرقاً صارخاً للوعود التي قدّمها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، للرئيس الروسي السابق ميخائيل غورباتشوف في العام 1990، بعد انهيار جدار برلين، وتعهّد فيها بعدم توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً.

ومهما تكن حقيقة أهداف المناورات الروسية على حدود بريطانيا، ومهما تكن جدية التصريحات التي يطلقها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وأركان حكومته، فإن المراقبين والمحللين البريطانيين يستبعدون أن تتطور "المناورات التكتيكية" الروسية و"المناورات الكلامية" البريطانية إلى ما هو أبعد من ذلك، ولا سيما أن الحكومات الغربية ، ومن بينها الحكومة البريطانية، تبدو متوافقة على ضبط وتيرة التصعيد مع روسيا في حدود استراتيجية عناوينها الرئيسية "الصبر من دون التراخي" و"المواجهة من دون الحرب"، على حد تعبير المحلل السياسي في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فيليب ستيفنس.

هذه الحالة من "المواجهة من دون الحرب" قد تعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، مع إمكانية تجدّد المواجهات بين الغرب وروسيا على أكثر من جبهة باردة، أو عبر الحروب الساخنة بالوكالة، وفق المحلل في صحيفة "الغارديان" سايمون تيسدال.

أما الكاتبة في صحيفة "التايمز" دوبرا هاينز، فاعتبرت إرسال روسيا للطائرات والغواصات إلى تخوم الأجواء والمياه الاقليمية الأوروبية، لا يعدو كونه محاكاة لتكتيك سوفييتي قديم بهدف جمع المعلومات واستعراض القوة، وجس نبض قدرة الحلفاء على الرد.

وبالاستناد إلى الموقف الأميركي الذي عبّر عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما صراحة، عندما قال إن الأزمة في أوكرانيا هي أوروبية، في إشارة واضحة إلى عدم رغبة الولايات المتحدة الأميركية بالمواجهة المباشرة مع روسيا، وبالنظر إلى مواقف الدول الأوروبية الكبرى، وخصوصاً فرنسا وألمانيا، التي تبدو أكثر ميلاً إلى الحلول الدبلوماسية مع روسيا، فإن المراقبين والمعلّقين العسكريين في بريطانيا يستبعدون أن تتجاوز الأزمة بين لندن وموسكو حدود المناورات المتبادلة بالذخيرة غير الحية.

اقرأ أيضاً: روسيا تزوّد انفصاليي أوكرانيا بالغاز

           بريطانيا تعتبر روسيا تهديداً بعد تحرش عسكري

المساهمون