موسكو تتجنب التصعيد مع واشنطن: رفض الاعتراف بمرتزقتها في سورية

14 فبراير 2018
تحاول روسيا التنصل من مسؤوليتها عن المرتزقة(ديميتري لوفتسكي/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تنفي فيه موسكو الأنباء عن سقوط عشرات أو مئات المرتزقة الروس جرّاء الضربة الأميركية في سورية الأسبوع الماضي، تتسرب عبر الصحافة الليبرالية الروسية أنباءٌ عن مقتل بضعة أفراد من شركة "فاغنر" العسكرية غير المسجلة رسمياً، في ما وصفته صحيفة "فيدوموستي" بأنه "أول صدامٍ مُباشر بين الروس والأميركيين منذ حرب فيتنام" قبل نحو نصف قرن.


وفي مقال بعنوان "لماذا لا تعترف روسيا بشركة (فاغنر) العسكرية الخاصة؟"، نُشر في عددها الصادر اليوم الأربعاء، اعتبرت "فيدوموستي" أن "مكر" السلطات الروسية في عدم الاعتراف بسقوط قتلى روس في النزاعات بالخارج، "بلغ مستويات جديدة"، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أن هذا الموقف يجنب موسكو تصعيداً كبيراً مع الولايات المتحدة. 

ورصدت الصحيفة تطور ما وصفته بـ"المكر الرسمي في الحروب الهجينة"، مذكّرة بأن موسكو كانت تنفي ضلوع عسكرييها في النزاع في دونباس، شرق أوكرانيا، وتصنفهم كـ"متطوعين"، وهي اليوم تنفي مشاركة الشركات العسكرية في الحرب السورية التي أدّت إلى تنشيط استخدام "جنود الحظ"، أي "أشخاص بلا صفة واضحة".

وأضافت "فيدوموستي" أن ذلك يترك لموسكو فرصةً للاستمرار بالتظاهر بانتهاء أعمال القتال النشيطة في سورية منذ إعلان "النصر" وسحب القوات.

بدورها، رأت صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية أن اعتراف موسكو بمقاتلي "فاغنر" في الوقت الحالي كان سيعني قبول التصعيد العسكري مع الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن سحب الجزء الأكبر من قوات الجيش الروسي من سورية نهاية العام الماضي، كان من شأنه زيادة دور الشركات الخاصة، وحتى بدء الحديث عن قوننة أوضاعها. 

مع ذلك، استبعد الصحافي المعارض أوليغ كاشين، احتمال تأسيس سوق تجارية حقيقية للخدمات الأمنية في روسيا، معتبراً أن "فاغنر" ليست نسخة من "بلاك ووتر" الأميركية، بل هي "جيش روسي لا تريد الدولة تحمل المسؤولية عنه لاعتبارات سياسية"، وخلص إلى أن خوف روسيا من القتال تحت علمها "يظهر إفلاساً معنوياً للدولة".    

وكان رئيس تحرير موقع "تشي في كا إنفو" المتخصص في شؤون الشركات العسكرية الخاصة، يفغيني بيرسينيف، قد قلّل هو الآخر في حديثٍ سابق لـ"العربي الجديد"، من واقعية إصدار قانون الشركات العسكرية الروسية، رغم وجودها على الأرض في سورية، مرجعاً السبب في ذلك إلى وجود قطاعات رافضة لتقنين مثل هذه الشركات، حتى داخل كتلة حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، وموقف اللجان المعنية في البرلمان، في ظلّ ثبات احتكار الدولة لاستخدام القوة في روسيا.   


وعلى مدى الأيام الماضية، ترددت أرقامٌ متضاربة حول عدد القتلى الروس جرّاء الغارة الذي نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في محافظة دير الزور في 7 فبراير/شباط الحالي، فيما تحدث تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية عن مقتل 200 مرتزق روسي.

وبصرف النظر عن العدد الذي قدرته مصادر إعلامية روسية بما بين أربعة إلى 40 قتيلاً، إلا أن سقوطهم بنيرانٍ أميركية أثار صدى أكبر بكثير من الحالات السابقة لمقتل عناصر الشركات العسكرية في سورية.

 

المساهمون