يبدو أن انفجار مرفأ بيروت أثار المخاوف من تكراره في عدد من الدول العربية، ومنها الجزائر التي شدّدت إجراءات التفتيش والرقابة على موانئها، بالإضافة إلى اليمن وليبيا وغيرها. وكان سبب كارثة مرفأ بيروت اشتعال 2750 طنا من نترات الأمونيوم، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية ضخمة.
وقررت الجزائر وضع ضوابط جديدة لتخزين ونقل السلع والمواد الكيميائية الخطرة سريعة الانفجار، من الموانئ، خشية تكرار سيناريو انفجار بيروت الذي أوقع آلاف القتلى والجرحى وألحق خسائر فادحة بالعاصمة اللبنانية.
وقال المدير العام لمجمع الخدمات المينائية "SERPORT"، جلول عاشور، إن "الحكومة أبرقت أمراً لمسؤولي المؤسسات المينائية بالإسراع في تفعيل عمل اللجنة المكلفة بتفقد وتقييم البضائع الفاسدة أو المكدسة لمدة طويلة على مستوى فضاءات التخزين داخل الموانئ الجزائرية".
وأضاف عاشور، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "عملية متابعة وتقييم السلع المستوردة أو المكدسة على مستوى المخازن ستتكفل بها اللجنة كل 15 يوما بدلا من مرة في الشهر"، موضحا أن ذلك سيسمح بالتحرير التدريجي لفضاءات الميناء من الحاويات التي تعرقل النشاط التجاري، ومبدئيا تخزين البضائع يخضع لإجراءات يحدد إقامتها على مستوى الموانئ لفترة معينة، غير أن التصريحات الكاذبة وعدم معرفة مسار المنتج المستورد يمدد هذه الفترة أكثر.
وقال مدير الشركة المُسيرة لموانئ الجزائر إن "العراقيل الإدارية والقانونية تزيد من تكدس البضائع، ما دفعنا إلى الاتصال بالجهات القضائية لتسريع وتيرة الفصل في الملفات العالقة لتحرير السلع والمواد الكيميائية".
وحول لجنة التفتيش، كشف عاشور أنها "تحوز صلاحيات الفصل في مصير البضائع التي لم يتم التصريح بها بالشكل اللائق من طرف المستورد أو التي تحتاج إلى معرفة مسار المنتج، لا سيما فيما يتعلق ببلد المنشأ أو صانعيها أو مطابقتها للمعايير".
وتابع: "جميع البضائع المصنفة على أنها خطرة، تنقل وفق نظام محدد جداً، ففور التصريح بالمنتج الخطير يتم رفعه بشكل تلقائي بمجرد وصوله إلى الميناء قبل توجيهه مباشرة إلى المتلقي تحت مرافقة الأجهزة الأمنية، علما أن الموانئ مجهزة بمعدات خاصة تسمى "حظائر النار" مخصصة لبقاء البضائع الخطرة لفترة محدودة".
وكان وزير النقل الجزائري، لزهر هاني، قد قام نهاية الأسبوع المنصرم بزيارة مفاجئة لميناء الجزائر العاصمة، فتش خلالها المخازن والحاويات العالقة منذ سنوات، وأكد عقب الزيارة أن ميناء العاصمة خال من أي مواد خطرة.
وتعد موانئ الدول التي تعاني من حروب مثل اليمن وليبيا الأقرب إلى تكرار سيناريو بيروت، في ظل المخاطر التي تتعرض لها سفن النفط والكيماويات الموجودة في موانئها.
وارتفعت، خلال الفترة الأخيرة، وتيرة التحذيرات من وضعية خزان صافر النفطي العائم في ميناء رأس عيسى بالحديدة غربي اليمن، ما ينذر بحدوث كارثة اقتصادية وبيئية وشيكة.
وتحتوي سفينة صافر العائمة والمتهالكة على نحو 1.2 مليون برميل من الوقود، وهي مخزنة في عرض البحر منذ مارس/آذار 2015. وسفينة صافر المصنعة في اليابان عام 1976 ناقلة نفط ضخمة يصل وزنها الساكن إلى نحو 400 ألف طن متري، وتبلغ سعتها حوالي 3 ملايين برميل من النفط الخام.
وحسب مراقبين، فإن خزان صافر النفطي في رأس عيسى لا يخضع للصيانة منذ ما قبل اندلاع الحرب في اليمن وقد انتهى عمره الافتراضي، إذ توجد مشكلة كبيرة في غلايات البخار الخاصة بوقود المازوت، والتي تشكل قلب الخزان العائم صافر، والذي بدونه تتوقف جميع الأنشطة على الخزان العائم، ويصبح الحفاظ على أدنى مستوى من الصيانة ومعايير السلامة البيئية السليمة أمراً في غاية الصعوبة.
وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بمنع تصدير نفط خزان صافر العائم وعدم السماح بوصول فرق الصيانة إليه، وهو اتهام ترفضه وزارة النفط والمعادن الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء، والتي تؤكد أن من يمنع تصدير النفط ووصول فرق الصيانة ووقود المازوت لتشغيل معدات منشآت الخزان، هو تحالف السعودية والإمارات.
وفي ليبيا، تصاعدت التحذيرات من احتمال تكرار كارثة مرفأ بيروت، إذ قال رئيس المؤسسة الليبية للنفط مصطفى صنع الله، في تصريحات يوم الجمعة الماضي، "من الوارد جدا أن يتكرر انفجار بيروت في البريقة ورأس لانوف والسدرة".
وأشار صنع الله إلى تكدس كميات كبيرة من المنتجات سريعة الانفجار بشكل غير مسبوق، نظرا لإغلاق مليشيات الجنرال خليفة حفتر لموانئ النفط منذ 17 يناير/كانون الثاني الماضي.
وتحدّث رئيس المؤسسة، في فيديو نشر على موقع مؤسسة النفط، الجمعة، عن تخزين 25 ألف طن من غاز الأمونيا (الأمونياك) بمرسى البريقة (750 كلم شرق طرابلس)، وأن هذه الكميات إذا تعرضت لإطلاق نار أو إلى حرارة شديدة فإنها ستسبب انفجارا شديدا وسحابة كبيرة ومقتل من يستنشق غبارها السام.
ويبدو أن ما حدث في لبنان دفع الدول العربية إلى التحرك سريعا عند حدوث أي مشكلة في الموانئ لاحتواء الخطر مبكرا. وفي الكويت، قالت شركة نفط الكويت، أول من أمس، إنها احتوت وعزلت مصدر تسرّب نفطي وقع مساء الثلاثاء بالقرب من كيلو 18 من طريق الدائري السابع. وأضافت الشركة في تغريدة أنه لم ينتج عن الحادث أي أضرار أو إصابات.
وقالت: المنطقة التي حدث فيها التسرب أصبحت آمنة تماماً وتحت السيطرة. كما تؤكد الشركة أن عملياتها المعتادة مستمرة من دون أي انقطاع.