هكذا حوّلت مواقع التواصل شابة مصرية من ضحية تحرش إلى جانٍ

22 اغسطس 2018
نسبة التحرش في مصر مرتفعة (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -
في بعض الأحيان، من السهل أن تُحوّل منصات التواصل الاجتماعي الضحية إلى جانٍ، وأن تصنع من الجاني شخصاً مشهوراً أو بطلاً شعبياً. 

هذا ما حدث مع الشابة المصرية، منة جبران، ضحية واقعة التحرش في ضاحية "التجمع الخامس"، شرق القاهرة، التي ألقى قطاعٌ عريضٌ من المعلقين اللوم عليها، بعد تعرضها للتحرش من شاب ثري، مبررين اعتياد فعل التحرش بالنساء.

واقعة التحرش في "التجمع الخامس" شغلت الـ"سوشيال ميديا" في مصر على مدار أكثر من أسبوع، بعدما نشرت الفتاة مقطعين مصورين التقطتهما لشابين تحرشا بها، وهى تنتظر وسيلة انتقالها لعملها، في إحدى المناطق الراقية، وعلى خلاف ما توقعت جاء رد الفعل معاكساً، وفوجئت بردة فعل عنيفة، إذ وُجّهت لها الشتائم اللاذعة عوضاً عن المتحرشين.

المقطع الأول كان لشاب يعرض على جبران، وهي تقف على جانب الشارع، أن تتناول معه القهوة بإحدى المقاهي الشهيرة، بدلاً من أن تقف وحدها في الشارع لتتعرض للمضايقات، كما قال في الفيديو المصور. والثاني لشاب طلب منها أن تركب معه سيارة أحد أصدقائه، رفقة آخر كان يركب معه.



الفيديو الأول هو الذي نال شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً للطريقة الغريبة التي كان يتحدث بها الشاب. أما الفيديو الثاني فحذفته الفتاة من على حسابها بعد نشره بيوم، وقيل حينها إن الفتاة تعرضت لضغوط من أحد أقارب الشاب المتحرش من ذوي المناصب "السيادية".


انتشر مقطع الفيديو بشكل كبير وسريع على موقع "فيسبوك"، ومعه موجة كبيرة من ردود الفعل، بعضها تحيز للفتاة واعتبرها ضحية للتحرش وأن ما فعلته يعد أمراً جيداً لفضح المتحرشين، وأغلبها كانت ضدها باعتبار أن هذا الفعل معتاد في مصر ولا يعد تحرشاً، بدعوى أنه هو مجرد عرض من شاب لا تعرفه بتناول القهوة، وعندما رفضت انسحب بهدوء.

في حين اعتبر البعض الآخر أن ما حدث هو تحرش من "النوع البسيط" الذي لا يرقى إلى تصويره وفضح الشاب، الذي تحول في ما بعد إلى ضحية للتشهير، وانتشرت أخبار مفادها أنه تعاقد على بطولة أحد الإعلانات التجارية.

الشاب نشر فيديو له عقب الواقعة بساعات، زعم فيه أن ما فعله ليس تحرشاً أو خطأ يجب أن يحاسب عليه، ولكنه فقط عرض على الشابة تناول القهوة فى مكان عام. أما الأخيرة فنشرت فيديو لاحقاً تقول فيه إن الشاب كان يتعقبها قبل التصوير، وأنها استطاعت فقط تصوير الجزء الأخير من محاولته تعقبها، ولم ينصرف إلا بعد تصويره.


اللافت أن الشاب أصبح يتعامل على مواقع التواصل الاجتماعي باعتباره نجماً مشهوراً، ونشر فيديوهات له داخل سيارته الفارهة، وهو يغني ويرقص، وكأنه يتعامل بنوع من المكايدة، كما نشر متهكماً مقطع فيديو مع إحدى صديقاته، في مشهد يحاكي واقعة التحرش.

فى المقابل، تعرضت الفتاة لكمٍّ كبيرٍ من الضغوط اضطرتها إلى غلق حسابها على "فيسبوك" لفترة، قبل أن تفتحه مرة أخرى، وتحكي فيها عن مأساتها خلال الأيام الماضية نتيجة نشر مقاطع الفيديو، إذ قالت فيه: "حياتي ادمرت بسبب فيديو مدته دقيقة.. أنا بفكر في الانتحار منذ 24 ساعة".



وأوضحت ضحية التحرش أنها تعمل في دوامين (مكانين للعمل)، وتذهب إلى بيتها في وقت متأخر، غير أنها تستطيع الذهاب إلى عملها، أو تخرج من منزلها، فضلاً عن ما تتعرض له من طعن في شرفها، على خلفية نشر مقطع الفيديو، مختتمة: "لو هايريحكم اعتذاري عن الفيديو، فأنا آسفة، بس سيبونى في حالي.. سامحوني لو شايفين إني غلطانة، ده حتى ربنا بيسامح!".

دلالات
المساهمون