موازنة العراق المؤجلة... سيناريوهات تقوم على خنق النفقات

06 يونيو 2020
الأزمة تطاول حياة المواطنين (Getty)
+ الخط -
استأنف البرلمان العراقي جلساته عقب أكثر من ثلاثة أشهر على توقفها بفعل جائحة كورونا وخلافات سياسية حادة سبقت تعيين حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في السابع من الشهر الماضي.

وتؤكد مصادر حكومية عراقية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن رئاسة البرلمان طلبت من الحكومة إرسال تصورها بشأن موازنة عام 2020 الحالي التي لم تقر لغاية الآن، مع بروز سيناريوهات عدة من بينها إقرار موازنة مرتبات أو ما أطلق عليها المصدر بـ"موازنة الحد الأدنى من الحياة"، وأخرى تقوم على إعداد مشروع موازنة وفقا لسعر برميل لا يتجاوز 36 دولاراً وإلغاء جميع المشاريع والنفقات الأخرى.

ووفقا للمصادر ذاتها فإن لجنة حكومية من المقرر أن تتوجه الى البرلمان لمناقشتها بالأرقام بشأن الوضع المالي العراقي، وإن الحكومة ستعمل على تأمين مرتبات ومعاشات الموظفين والمتقاعدين كأقصى إجراء يمكن أن تتخذه، إذ يبلغ مجموع الموازنة التشغيلية السنوية أكثر من 60 مليار دولار، في وقت لا تتجاوز واردات العراق من النفط وفقا للأسعار الحالية أكثر من 40 مليار دولار.

وكشفت المصادر أن مشروع موازنة 2020 الذي أعد في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي والبالغ نحو 115 مليار دولار وبعجز يبلغ قرابة 18 مليار دولار، غير وارد اعتماده اليوم، وهناك تحرك مقرر باتجاه عدة جهات دولية لإعفاء العراق هذا العام من دفع ما عليه من ديون وفوائد.

وكشفت اللجنة المالية في البرلمان العراقي عما وصفته موارد ضائعة للعراق يجب استعادتها وإضافتها الى الموازنة، وقال مقرر اللجنة المالية النيابية أحمد الصفار في بيان له إن ما بين 20 إلى 30 موردا ماليا للعراق يجب أن تدخل ضمن موازنة العام الحالي وبسبب الفساد لم تدخل في السنوات الماضية، محذرا مما وصفه "المساس برواتب الموظفين".

وأضاف الصفار أن أبرز تلك الموارد التي لا تدخل كبنود بالموازنة هي إيرادات المنافذ الحدودية والجمارك وتأجير وبيع عقارات الدولة.

وفي حديث مع "العربي الجديد" قال مسؤول في وزارة التخطيط فضل عدم الإفصاح عن هويته "إن المقصود في حديث اللجنة المالية يتعلق بعدة بنود ترد أموال للدولة لكن لا تكون ضمن الموازنة وتعتبر بمثابة تدوير أموال وصرفيات داخل الوزارات وهي غالبا تتضمن عمليات فساد".

وأعطى أمثلة عن "أموال جباية البنزين والنفط الأبيض والكهرباء والماء وأعمال التنظيف وغرامات المرور والمخالفات والجمارك ورسوم المنافذ الحدودية والضرائب على قطاع العقار وأبواب أخرى مختلفة. وهذه تشكل موارد جيدة إذا ما تم تبويبها ووضعها في إطار عام، وقد تسد جزءا من مرتبات الوزارات ذاتها التي تجبي تلك الأموال".

واعتبر عضو البرلمان العراقي السابق كامل الغريري أن غياب التخطيط ساهم بشكل كبير بهدر أموال طائلة كان من المفترض إن تدخل في الموازنة العامة، لا أن تتحول إلى جيوب الفاسدين وأحزاب السلطة الحاكمة والعصابات المسلحة المتنفذة"، وفقا لقوله.

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ما كشفته اللجنة المالية في البرلمان العراق عن وجود أكثر من 30 بندا لم تدخل إيراداتها في موازنات الدولة أمر طبيعي ولا يثير الاستغراب. لكن إذا نجحت الحكومة العراقية الحالية في السيطرة على هذه الإيرادات ستتمكن من تخفيف الأزمة كثيرا".

وقال الخبير الاقتصادي علي الفريجي لـ"العربي الجديد" إن" الإيرادات المالية الداخلية الضائعة تمثل واحدة من المشاكل التي تعاني منها الدولة العراقية منذ عام 2005 ولغاية الآن".

وأضاف أن "عملية إخفاء إيرادات الدولة واحدة من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الحكومة العراقية اقتصادياً؛ بسبب تحكم الأجندات الحزبية المسيطرة بالدولة وإيراداتها".

وأشار الفريجي إلى أن "الإيرادات غير النفطية تكاد لا تذكر في الموازنة العراقية"، منوهاً إلى أن معدل الموارد التي تدخل عبر المنافذ الحدودية يراوح ما بين 45 مليارا و50 مليار دينار سنوياً على أقل تقدير، من المفترض أن ترفد ميزانية الدولة"، معربا عن أمله أن تكون الأزمة الحالية بداية تصحيح الخلل الذي يتستر خلفه الفساد المالي".

ومن جانبه، اعتبر عضو اللجنة المالية النيابية أحمد مظهر الجبوري أن "السيطرة على إيرادات المنافذ الحدودية ستكون كفيلة بحل جزء من الأزمة المالية في البلاد". وقال في تصريح صحافي إن "العراق قادر على تجاوز الأزمة إذا استغل الكم الهائل من الموارد المتوافرة".
المساهمون