مواجهة: هل ستتأثر مشاريع القطاع العام بانخفاض أسعار النفط؟

07 يناير 2015
+ الخط -
تتأرجح التوقعات بين مَن يرى أن دول الخليج ستلجم إنفاقها الحكومي بسبب انخفاض أسعار النفط، وبين مَن يجزم بأن ذلك مستبعد، بحكم عدم استعداد هذه الدول لإجراءات مماثلة. 

زياد عبد الصمد: الإنفاق الحكومي لن يُكبح

استبعد رئيس شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، زياد عبد الصمد، تأثير أسعار النفط، رغم انخفاضها الحاد، على النفقات الحكومية في القطاع العام بالنسبة لدول الخليج العربي. وأوضح عبد الصمد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "العائدات النفطية تشكل نسبة 90% من الدخل في دول الخليج، أي أن نسبة الاعتماد على المستخرجات والصناعات النفطية والبتروكيميائية ما زالت مرتفعة جداً".
وهذا ما يمنح تلك الدول، حسب المتحدث ذاته، "وفرة الأرصدة الاحتياطية التي تراكمت خلال السنوات الماضية، والتي تفوق الـ2.5 تريليون دولار".
وأضاف أن هذه المدخرات لم تستخدم لتقليص الاعتماد على النفط، ولا لتنويع الاقتصاد والاستثمار بقطاعات إنتاجية وفي التكنولوجيا الحديثة والنظيفة. فدول الخليج، كما استطرد زياد عبد الصمد، استفادت من ثبات السعر المرتفع للنفط، على مدى السنوات الأربع الماضية لتراكم احتياطاً مالياً كبيراً، حيث إن الاحتياطي المالي لدول الخليج مجتمعة يقدّر بـ2,45 تريليون دولار أميركي.
واستدرك المتحدث ذاته "إلا أن العجز السنوي المتوقع في المملكة السعودية يراوح بين 10 و20 مليار دولار في حال استمر سعر البرميل بين 60 و70 دولاراً، ما سيمكنّها من مواجهة انخفاض المداخيل النفطية على المدى القصير، من دون اللجوء إلى خفضٍ كبير في الانفاق العام، وهو ما ينطبق أيضاً على الكويت وقطر ودولة الإمارات".
واستثنى عبد الصمد من توقعاته هذه، دولتي البحرين وسلطنة عمان، وقال إنهما "سيعيشان عجزاً اقتصاديا، سيخفف من إمكانية امتصاص هذه الصدمة". وشدد عبد الصمد على ضرورة عدم التعاطي ببساطة مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ شهر حزيران/ يونيو الماضي وصولاً إلى حدود الـ60 دولاراً، أي بما يزيد عن 45% من سعره الأصلي، نظراً إلى كون الأسباب وراء هذا الانخفاض عديدة ومتشعبة.
وأوضح، في هذا الصدد، "كان يمكن أن ينظر إلى انخفاض أسعار النفط ومشتقاته بإيجابية، لما له من انعكاسات جيدة محتملة على التنمية، كونه يقلّص تكاليف الانتاج، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والانتاج الحرفي والمواد الغذائية والنقل والطاقة وغيرها".
لكن في المقابل، دعا عبد الصمد إلى الاقتناع بـ" اتخاذ تدابير سريعة، على مستوى السياسات الاقتصادية الكليّة، خاصة في مجال التعاون العربي، من أجل تدارك الانعكاسات السلبية لهذه التطورات، والعمل من أجل تلافي آثارها لكي لا يتحمل وزرها المواطنون".

رضوان زهرو: التأثيرات كبيرة على المشاريع العامة

يرى الخبير وأستاذ الاقتصاد الدولي رضوان زهرو، أن انخفاض أسعار النفط في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، سيؤثر بشكل كبير في ميزانية الاستثمار العمومي، وخصوصاً داخل الدول المصدّرة للنفط.
ويؤكّد في تصريح إلى "العربي الجديد" أن الأزمة ستشمل كذلك الدول التي ترتبط بالاقتصادات الخليجية، عبر اتفاقيات تمويل جزئي أو كلّي، لمشاريع البنية التحتية التي تُشرف عليها حكومات تلك الدول، ومن بينها الأردن، ومصر، والمغرب. ويوضح في حديثه، أن الدول التي تربطها عقود استثمارية في القطاع العام في السعودية والإمارات العربية المتحدة، ستتأثّر بشكل كبير، وإلى حدّ ما الدول المرتبطة بقطر.
ويضع المشاريع الكبرى المهيكلة على رأس القطاعات التي ستتأثر بالوضعية الحالية. ويشدّد رضوان زهرو على أن المملكة السعودية، ورغم إعلانها رفع قيمة الاستثمار في القطاع العام بشكل قياسي، إلا أن هذا لا يمنع من القول بأن اقتصاد المملكة سوف يعرف صعوبات كثيرة، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار حجم الخسائر المعلنة بالنسبة إلى موازنة السعودية التي فاقت 38 مليار دولار.
ويضيف المتحدث ذاته "إذا استمرّ الوضع كما هو، سوف تتضاعف هذه الخسائر خلال الربع الأول من السنة الجارية". ويلفت أستاذ الاقتصاد الدولي الانتباه إلى تجاوز حجم تأثير تراجع أسعار النفط، وتبعاته على الدول المصدّرة، وصولاً إلى الانعكاس المباشر على الدول المستوردة. حيث إن دولاً غربية كثيرة ستعرف أزمة تمويل مشاريع عدة، وعلى رأسها دولتا فرنسا وإنجلترا.
ويربط زهرو هذه التوقعات بقلّة الفرص المفتوحة أمام القطاع الخاص داخل دول الخليج. إذ إن القطاع العام ظل مهيمناً على مدى الفترة السابقة، وظل كذلك تابعاً بشكل كبير لعائدات النفط التي تتأثر بدورها بتقلبات السوق العالمية. ويصف المتحدث ذاته الوضعية الحالية بـ "الخطرة"، ويشدد على أن تبعاتها لن تظهر سوى في الأعوام القليلة المقبلة، ما يفرض على تلك الدول اتباع حمية اقتصادية صارمة، واعتماد استراتيجية مستعجلة لتنويع الاقتصاد، ومعالجة المشاكل الاجتماعية.
ويعرض رضوان زهرو، عبر ما اعتبره قراءة سريعةً للسنوات الماضية، رؤيته للفرص الضائعة. "لم تستفد الدول المصدّرة للنفط من الطفرة التي شهدها القطاع منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، وظلّ جل استثماراتها منحصراً في مجال الصناعة البترولية، وظل تطوير التكنولوجيا بدوره تابعاً لهذا المجال. حتى الاستثمارات الأجنبية، التي تستقطبها تلك الدول، تكون عبارة عن تنفيذ مشاريع تمويلها حكومي 100%، وبعيدة عن توظيف الأموال، أو توطين سلاسل الإنتاج".
ويختم زهرو تصريحه بالقول: "الخروج من الأزمة الحالية، بسرعة، رهين بالقضاء على معادلة الاعتماد على اقتصاد مستهلك فقط، إضافة إلى تشجيع الطلب الداخلي على المنتوجات المحلية، والتقليل من النفقات العسكرية لصالح القطاعات العامة، خصوصاً التعليم والصحة والاستثمار الزراعي، ودعم مشاريع البحث العلمي.
بالإضافة إلى إشراك المواطن في سلسلة التنمية، وخلق أقطاب استثمارية قومية، وشراكات استثمارية ثنائية بين مختلف الدول العربية".
التأثيرات كبيرة على المشاريع العامة
دلالات
المساهمون