18 سبتمبر 2016
مهمة شبه مستحيلة
شهرزاد بن جدو (تونس)
تغصّ مستشفيات حلب بالجرحى والمصابين، وتهدم أسقف المباني فوق رؤوس ساكنيها المدنيين العزل، وتمطر سماء الشهباء، لا بأمطار الخريف الندية، بل بالقنابل العنقودية والفوسفورية والبراميل المتفجرة، ويواصل الأسد قتل شعبه من دون شفقة أو رحمة، مسنوداً بالطائرات الروسية، وبالصمت الدولي المطبق.
في الأثناء، يقرّر مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ لبحث الأوضاع في حلب. تخال أنّ الضمير العالمي استفاق من موته السريري، بعد رؤية مشاهد الرعب التي تبثها الوكالات والفضائيات عن هول الحرب في سورية، وتخال أنّه سيخرج بحلّ سريع يوقف حمام الدم، وتظن أنه لن يكتفي ببيانات التنديد والاستنكار، بعد مشاهد الدمار، وتتمنى في سرّك أن لا يعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن قلقه، أو أن لا ينوّه مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي مستورا، إلى مساعيه الحثيثة.
تبدأ الجلسة، ويبدأ، أو يتواصل بالأحرى، تبادل الاتهامات بين أميركا وروسيا. تحمل واشنطن موسكو المسؤولية، وتتهمها بمساعدة الأسد على قتل السوريين. تغضب روسيا، وتتهم بدورها واشنطن بمدّ يد العون إلى جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليا). تقول مندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية، سامانثا باور، إنّ ''ما تفعله روسيا في سورية ليس مكافحة الإرهاب، وإنما بربرية''، فيجيبها مندوب روسيا، فيتالي تشوركين، إنّ ''إحلال السلام في سورية أصبح مهمة شبه مستحيلة''.
تتحوّل الجلسة التي من المفترض أن تجد حلولاً ومخارج للحرب الدائرة في حلب إلى ما يشبه الحلبة بين أبناء الأسرة الدولية والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. يأخذ مندوب النظام السوري، بشار الجعفري، الكلمة، فيغادر سفراء الولايات المتحدة وفرنسا الجلسة مع بداية كلمته. وبالتزامن مع ذلك، يواصل السوريون انتشال جثث ذويهم من تحت الركام، وتواصل الذخائر الحارقة إيقاع مزيد من القتلى والمصابين، كما تعجز المستشفيات عن استقبال الجرحى، تماماً مثلما يعجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن إيقاف الحرب التي دامت أكثر من خمس سنوات، وتؤكد كلّ المؤشرات أنّها قد تطول، تنتهي الجلسة ولا تنتهي معاناة السوريين.
لا يمكن لجلسة طارئة، تجمع الخصم والحكم أن تنهي الحرب، أو حتى أن تحدّ منها، فالمهمة شبه مستحيلة فعلاً. ذلك أنّ سورية تحوّلت إلى مخبر لتجريب الأسلحة، وسوقاً لبيعها، كما أنّها تحولت إلى حلبة تتصارع فيها القوى الدولية والإقليمية، وتدور على أرضها معركةٌ توقفت بسقوط المعسكر السوفياتي، لكنها تستمربعد عودة الدب الروسي إلى الصراع الدولي.
تحلم إيران باسترجاع أمجاد الفرس، وتطمح روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، وتطمح تركيا إلى الحد من طموح الأكراد، ويسعى الأسد إلى البقاء في الحكم، ولو كلفه الأمر قتل كلّ شعبه. تحلم داعش باستعادة أمجاد الخلافة المزعومة باعتماد أكثر الأساليب وحشية.
أما أميركا، فهي ترغب، على ما يبدو، في الاستمرار في التنديد إلى حين تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها. لن تخرج الإدارة الحالية من حرب سورية سوى بالشيب الذي غزا مفرق أوباما. ولذلك، المهمة شبه مستحيلة، والأمل في ديمقراطية سورية من دون الأسد، ومن دون داعش، على ما يبدو، لا يزال ضئيلاً، سيتواصل شلاّل دم السوريين في التدفق، وستتواصل خرائط الشرق الأوسط في التغير، وسيواصل مجلس الأمن في عقد اجتماعاته الطارئة وغير المجدية.
في الأثناء، يقرّر مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ لبحث الأوضاع في حلب. تخال أنّ الضمير العالمي استفاق من موته السريري، بعد رؤية مشاهد الرعب التي تبثها الوكالات والفضائيات عن هول الحرب في سورية، وتخال أنّه سيخرج بحلّ سريع يوقف حمام الدم، وتظن أنه لن يكتفي ببيانات التنديد والاستنكار، بعد مشاهد الدمار، وتتمنى في سرّك أن لا يعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن قلقه، أو أن لا ينوّه مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي مستورا، إلى مساعيه الحثيثة.
تبدأ الجلسة، ويبدأ، أو يتواصل بالأحرى، تبادل الاتهامات بين أميركا وروسيا. تحمل واشنطن موسكو المسؤولية، وتتهمها بمساعدة الأسد على قتل السوريين. تغضب روسيا، وتتهم بدورها واشنطن بمدّ يد العون إلى جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليا). تقول مندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية، سامانثا باور، إنّ ''ما تفعله روسيا في سورية ليس مكافحة الإرهاب، وإنما بربرية''، فيجيبها مندوب روسيا، فيتالي تشوركين، إنّ ''إحلال السلام في سورية أصبح مهمة شبه مستحيلة''.
تتحوّل الجلسة التي من المفترض أن تجد حلولاً ومخارج للحرب الدائرة في حلب إلى ما يشبه الحلبة بين أبناء الأسرة الدولية والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. يأخذ مندوب النظام السوري، بشار الجعفري، الكلمة، فيغادر سفراء الولايات المتحدة وفرنسا الجلسة مع بداية كلمته. وبالتزامن مع ذلك، يواصل السوريون انتشال جثث ذويهم من تحت الركام، وتواصل الذخائر الحارقة إيقاع مزيد من القتلى والمصابين، كما تعجز المستشفيات عن استقبال الجرحى، تماماً مثلما يعجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن إيقاف الحرب التي دامت أكثر من خمس سنوات، وتؤكد كلّ المؤشرات أنّها قد تطول، تنتهي الجلسة ولا تنتهي معاناة السوريين.
لا يمكن لجلسة طارئة، تجمع الخصم والحكم أن تنهي الحرب، أو حتى أن تحدّ منها، فالمهمة شبه مستحيلة فعلاً. ذلك أنّ سورية تحوّلت إلى مخبر لتجريب الأسلحة، وسوقاً لبيعها، كما أنّها تحولت إلى حلبة تتصارع فيها القوى الدولية والإقليمية، وتدور على أرضها معركةٌ توقفت بسقوط المعسكر السوفياتي، لكنها تستمربعد عودة الدب الروسي إلى الصراع الدولي.
تحلم إيران باسترجاع أمجاد الفرس، وتطمح روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، وتطمح تركيا إلى الحد من طموح الأكراد، ويسعى الأسد إلى البقاء في الحكم، ولو كلفه الأمر قتل كلّ شعبه. تحلم داعش باستعادة أمجاد الخلافة المزعومة باعتماد أكثر الأساليب وحشية.
أما أميركا، فهي ترغب، على ما يبدو، في الاستمرار في التنديد إلى حين تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها. لن تخرج الإدارة الحالية من حرب سورية سوى بالشيب الذي غزا مفرق أوباما. ولذلك، المهمة شبه مستحيلة، والأمل في ديمقراطية سورية من دون الأسد، ومن دون داعش، على ما يبدو، لا يزال ضئيلاً، سيتواصل شلاّل دم السوريين في التدفق، وستتواصل خرائط الشرق الأوسط في التغير، وسيواصل مجلس الأمن في عقد اجتماعاته الطارئة وغير المجدية.
مقالات أخرى
27 يونيو 2016
16 يونيو 2016
11 يونيو 2016