مهرجان "ماونت هيجن" الثقافي

12 اغسطس 2016
أقيم المهرجان لأوَّل مرَّة عام 1964 (Getty)
+ الخط -
"الوحدة مع التنوع" هو شعار دولة بابوا نيوغينيا، وفي هذه الأيام تحديداً، وخاصَّة في مدينة ماونت هيجن، في غينيا الجديدة، سيلاحظ السياح مدى التنوُّع الحاصل خلال تجمُّع القبائل، حيث لكل قبيلةٍ عادتها وتقاليدها وأزياؤها. وماونت هيجن، هي ثالث أكبر مدينة في تلك الدولة الأُقيانوسيّة الواقعة شرق الجزر الإندونيسية، ويبلغ عدد سكانها 46250 شخصاً. كل ما يتعلّق ببابوا نيوغينيا يشعُّ تنوُّعاً وانفراداً، بدءاً من مجموعات الحيوانات النادرة، إلى اللغات الموثَّقة، والتي يبلغ عددها 841 لغة، ومن الغابات المورِقَة إلى الشعاب المرجانية، ذات الألوان السينمائيَّة.

وعلى الرغم من كلّ الزخارف الغريبة التي تتمتّع بها البيئة هناك؛ فإنّها لا تُعدُّ مقصداً للسائح التقليدي، الذي يفضِّل المنتجعات الكبيرة ذات المظلات والكوكتيلات الكثيرة. ولكنَّها مقصد لكلِّ من يرغب في أن يخوض مغامرة ثقافيَّة خاصَّة، حيث لا يوجد أنسب له من حضور استعراض ماونت هيجن الثقافي، والذي يقام في شهر أغسطس/آب من كل عام. يُعدُّ المهرجان واحداً من أكبر التجمُّعات القبليَّة في بابوا نيوغينيا، فما يزيد على 100 قبيلة تحضر هذا الحدث، ويتشاطرون سلميّاً ثقافاتهم وتقاليدهم عبر الملابس والرقص والموسيقى. متنكّرين عبر طلاء أجسادهم. ويرتدون أغطية رأس مُتقنة، ويتقّلدون مجوهرات مصنوعة من المحار وأنياب الخنازير، أمَّا التنانير فتكونُ مصنوعةً من ورق الشجر والفراء. وتؤدِّي كل المجموعات الرقصات البدائيَّة. والقبيلة التي تحظى بأعظم إعجابٍ وتصفيق، وأكبر ردّة فعل من الجمهور، هي التي تفوز في الاستعراض. أقيم المهرجان الذي يسمى "استعراض ماونت هيجن الثقافي"، أول مرَّة في عام 1964 عندما كانت بابوا نيوغينيا تحت الحكم الاستعماري الأسترالي، حيث تجمعت العديد من القبائل المختلفة من المناطق المرتفعة مع بعضها لتبادل خبراتهم الثقافية سويّاً، وذلك من أجل تهدئة الصراع الداخلي بين القبائل، والقضاء على العداوات بينهم.

منذ العرض الأول، كان واضحاً، بالطبع، التقدم التكنولوجي والتطوَّرات السياسيَّة والتحوُّلات النوعيَّة الرئيسيَّة، فقد استقلت، اسميَّاً، بابوا نيوغينيا عن أستراليا عام 1975. وازدهرت ماونت هيجن في الأربعين عاماً التالية، وأصبحت الآن ثالث أكبر مدينة في الدولة الحديثة. وبينما حافظت القبائل على مهرجانها السنوي بنفس الشكل، جعلته حدثاً أكثر سهولة وتقبُّلاً للسياحة، بعد أن تم تصميم مزيج من التقاليد القبليَّة ووسائل الترفيه الحديثة، لجذب الزوار محليّاً ودولياً. وتوجد الآن جائزة نقدية للمجموعات القبائلية الثقافية الفائزة بالاستعراض. وهذا يضمن للحدث أن يكون تنافسياً.


تجتمع القبائل في أرض المعرض لتقوم بالأداء معاً في نفس التوقيت، والأزياء والعروض ليست ملزمة للقبائل، بل هي اختيارية وتابعة لأساطير القبائل الخاصة. وأحد العروض المفضَّلة والمرغوبة هو عرض "رجال الطين" من قبيلة "آسارو"؛ حيث تشيرُ الأسطورة الموروثة إلى أنَّه عندما كان العدوُّ يطارد قبيلة "آسارو"، قام بعض أفراد القبيلة بغمر أنفسهم في نهر آسارو، وعند الغسق تشجعوا وخرجوا من المياه. وأثار منظرهم وهم يخرجون من الماء على الضفة الموحلة للنهر وهم مغطون بالطين، خوف قبيلة العدو، حيث ظنتهم من الأرواح الشريرة فهربوا خوفاً منهم؛ ونجت القبيلة من الغارة.


المساهمون