من يقرع الخزان؟

08 يوليو 2016
+ الخط -
مع مرور الذكرى السنوية الرابعة والأربعين على اغتيال مؤلف "رجال في الشمس"، الروائي والمناضل الفلسطيني، غسان كنفاني، يبدو المشهد الفلسطيني أكثر سوءاً من أي وقت مضى: الانقسام الفلسطيني مستمر، وكل طرف، رغم الوعود المتكررة وجلسات الحوار والمصالحة المتتالية، يتقوقع في خندقه. إسرائيل تمضي في مخططات الاحتلال والاستيطان، فيما تلهو السلطة الفلسطينية بالتنسيق الأمني، وتبلي فيه "بلاءً حسناً"، يتمنى الناس لو أنها تبلي مثله في مواجهة العنف الداخلي وجرائم القتل التي عصفت بالأرض المحتلة في الضفة الغربية عشية عيد الفطر. في الداخل الفلسطيني، يتمدد وحش العنف الداخلي أيضاً، تشجعه الحكومة الإسرائيلية، بتغاضيها عنه وعن أسبابه، وكل ذلك بهدف جر المجتمع الفلسطيني في الداخل إلى القبول بإملاءات حكومة إسرائيل، بفتح مراكز شرطة إسرائيلية، وتجنيد السلطات المحلية العربية، بنفسها، لتطبيق أوامر هدم آلاف المنازل الفلسطينية بحجة أنها غير مرخصة، والدفع ببرامج لتشجيع التطوع في أجهزة الأمن الإسرائيلية، لضمان السلم الأهلي.

حالة غريبة من فوضى العنف الداخلي، في شطري الوطن المحتلين، ناهيك عن حالة حصار مستمر ومتواصل في قطاع غزة، وتقطع أواصر الرابط الوطني، لدرجة تخال أنك أمام ثلاث دول فلسطينية، أو ثلاث كيانات غريبة عن بعضها، لا يعرف أحدها، أو لا يهتم بما يدور في الأخرى، وإذا علم فإنه لا يستطيع حيال ذلك شيئاً، فهو مشغول بوجعه الداخلي، بما لا يترك له متسعاً للنظر إلى مصيبة جاره، أو أخيه في الضفة الغربية، أو أخيه في قطاع غزة. وإذا أمعنت النظر أكثر، تكاد ترى أن الصورة الفلسطينية التي تشظت إلى ثلاثة أجزاء ظاهرة هنا في الأراضي المحتلة، سواء ما احتل منها عام 48 أو ما تم احتلاله عام 67، أي بين النكبة والنكسة، تجد أنه حتى في نفس الصورة التي يفترض أن تشمل في مشهدها القدس المحتلة والخليل، هناك حدود تكاد تكون غير مرئية. فالخليل ومحافظتها تحت الحصار ولا أحد يتحرك، والقدس تواجه التهويد والحصار والخنق الاقتصادي ولا أحد يتكلم. فما تبدو الضفة الغربية من رام الله ولغاية جنين تعيش حالة أخرى غير مفهومة، ولا يمكن تصنيفها في أي قالب كان، وفوق هذا كله لا تجد لنا اليوم من يقرع الخزان، أو حتى من يتساءل لماذا لا تقرعوا الخزان.
المساهمون