من رفع العلم إلى جمع التبرعات للمنافسة...قصة الرياضي الأولمبي المقاتل

17 يناير 2018
بيتا تاوفاتوفوا والمنافسة في أولمبياد الشتاء (العربي الجديد)
+ الخط -

يُحاول الرياضي بيتا تاوفاتوفوا من تونغا، الوصول إلى الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ الكورية. هذا الرياضي الذي أبهر الجميع بقصته المؤثرة من رفعه علمَ بلاده في أولمبياد ريو 2016 مروراً بصعوبات عائلية عاشها وصولاً إلى جمعه التبرعات من أجل تحقيق حلمه في أولمبياد 2018 الشتوي.

يبلغ تاوفاتوفوا من العمر 34 سنة، ويُعتبر من الرياضيين كبار السن، الذين قد لا يحصلون على فرصة للمنافسة في الألعاب الأولمبية. لكن إصرار هذا البطل وقتاله من أجل الاستمرار والمنافسة صنع واحدة من أجمل القصص قبل انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية.

عاش تاوفاتوفوا 20 سنة من الفقر والأزمات العائلية، وواجه كثيراً من الصعوبات من أجل المشاركة في ألعاب أولمبية مختلفة، وأكد للجميع أن أي إنسان قادر على اختيار طريقه بيده والمثابرة من أجل الوصول وتحقيق أهدافه مهما كانت صعبة.

صناعة رجل
وُلد بيتا نيكولاس تاوفاتوفوا من أم أسترالية ووالد من تونغا. عاش مع عائلته المؤلفة من ثمانية أشخاص في غرفة واحدة. القليل من الكهرباء ومن دون مياه ساخنة، وهذه كانت مجرد عقبات صغيرة في حياة تاوفاتوفوا. عندما كان تاوفاتوفوا صغيراً تعرض لنكسة صحية والتي أثرت على حياته، حتى أنه لم ينم أياماً متواصلة.

وخاف الأطباء آنذاك من موت تاوفاتوفوا، لكنه نجا بأعجوبة وانتهت محنته الصحية مع العلاج، في وقت فقد شقيقته بسبب مرض "اللوكيميا". لقد كان طفلاً صغيراً في مدرسته وحاول الدخول في فريق "الركبي" عدة مرات من دون أن يحصل على الفرصة، وكان الجميع يقول عنه صغير ونحيف وبطيء، لكن في عقله كان يرى العكس دائماً. اليوم يبلغ طول تاوفاتوفوا حوالى متر و92 سنتيماً.

عمل بعد ذلك كموزع لقناني المياه في فريق "الركبي"، لكن بعد عودة الرياضي الأولمبي بايا ولفغرام من أولمبياد أتلانتا 1996 والترحيب به كبطل قومي آنذاك في تونغا، تبدل فكر تاوفاتوفوا وأعلن أنه سيكون رياضياً أولمبياً مثل بايا ولفغرام. لم يصدقه أحد آنذاك، ليُركز على رياضة "التايكواندو" التي مارسها منذ الصغر ويبدأ صناعة الحلم.

"التايكواندو" وأولمبياد ريو 2016
يمارس بيتا تاوفاتوفوا رياضة "التايكواندو" منذ أن كان عمره خمس سنوات، ودخل المنافسة رسمياً في عام 2003 وشارك في عدة بطولات صغيرة. عائلته لم تملك المال الوافر، لكنها حاولت بشتى الطرق مساعدته من أجل تحقيق حلمه الأولمبي.

وبعد أن أمّن المبلغ الوافر للمشاركة في بطولة دولية في "فيجي" في الأولمبياد، عرف في ليلة الحدث، أن اللجنة الأولمبية في تونغا اختارت رياضياً آخر لتمثيلها، لينتهي حلمه سريعاً ويذهب تعب الأهل سُدى. بعد ذلك حاول تاوفاتوفوا التأهل إلى أولمبياد 2008، لكنه فشل في ذلك وجرب حظه في تصفيات أولمبياك 2012 وفشل أيضاً في التأهل.

بعد 20 سنة من الأمل والمحاولات البائسة، نال تاوفاتوفوا فرصته الرابعة الذهبية للتأهل إلى أولمبياد ريو 2016. وفي يوم 27 فبراير/ شباط 2016 حقق الحلم التاريخي خلال تصفيات "الأوقيانية" في منافسات "التايكواندو" فئة الـ 80 كلغ وما فوق، لينجح تاوفاتوفوا في خطف بطاقة التأهل وبلوغ الأولمبياد الصيفية لأول مرة في مسيرته وعمره 32 سنة.

لكن مشاركته في أولمبياد ريو 2016 لم تكن موفقة، إذ خرج من الدور الأول على يد منافسه الإيراني سجاد مارداني بعد أن خسر (16 – 1). لكن الحلم لم يتوقف هنا وبدأ تاوفاتوفوا يفكر في مستقبله المتبقي في عالم الرياضات الأولمبية.

التزلج وحلم أولمبياد "بيونغ تشانغ"
بعد نهاية حلم أولمبياد ريو سريعاً، عاد حامل راية بلاده في ريو إلى تونغا وبدأ يمارس رياضة "التزلج" بالرولير على الطرقات وفي الطبيعة وغيرها من المناطق. وواصل تاوفاتوفوا تدريباته وبدأ بالتزلج على الثلج والمشاركة في بطولات محلية ودولية مختلفة.

وبعد عدة منافسات ونتائج جيدة، أصبح تاوفاتوفوا واحداً من المتزلجين الذين يمثلون تونغا وخصوصاً في رياضة التزلج على الطرقات. ورغم أن الوصول إلى أولمبياد 2004، 2008 و2012 كان صعباً بسبب عدم اعتبار اللجنة الأولمبية الدولية رياضة التزلج بالرولير رياضة أولمبية، سمحت في العام الفائت باحتساب نقاط هذه الرياضة كنقاط تأهيلية إلى الأولمبياد الشتوي في 2018.

ويسعى تاوفاتوفوا حالياً من أجل بلوغ الأولمبياد الشتوي لأول مرة في مسيرته، وأن يكون أول رياضي من تونغا يشارك في الأولمبياد الصيفي والشتوي. لكن قبل ذلك على تاوفاتوفوا حصد النقاط في المرحلة الأخيرة من أجل ضمان التأهل قبل انتهاء المهلة المحددة وهي تاريخ 21 من الشهر الحالي. 

ويخوض تاوفاتوفوا التصفيات، منذ حوالى 11 شهراً، حيثُ خفض عدد النقاط من 957 إلى 449 (النقاط الأقل ترفع من فرص التأهل في الرياضات الشتوية والتزلج)، وعليه متابعة الأمتار الأخيرة في هذا الشهر من أجل تحقيق حلمه وبلوغ الأولمبياد الشتوي في بيونغ تشانغ.

لكن المشكلة التي يواجهها تاوفاتوفوا ليست الثقة بالنفس بل المال، حيثُ يأمل بجمع تبرعات تبلغ قيمتها حوالى 30 ألف دولار من أجل تغطية مصاريف التدريبات والتحضيرات والمشاركة في السباقات الأخيرة المؤهلة، وكذلك من أجل شراء عُدة التزلج للمنافسة، وبلغت نسبة التبرعات لمساعدته، حتى الآن، حوالى 10 آلاف دولار.

من طفل فقير غير محظوظ مروراً بحامل علم بلاده في أولمبياد ريو 2016 وصولاً إلى منافس أولمبي في الأولمبياد الشتوي 2018، قصة المقاتل المناضل تاوفاتوفوا الذي لم يتخل عن أحلامه ويحاول رغم كل الصعوبات الوصول نحو القمة وهدفه كما يقول هو دائماً: "هدفي أن أكون شخصية رياضية يتحدث عنها الجميع، مهما كانت الرياضة التي ألعبها".

ترجمة: رياض الترك

المساهمون