فوجئت الناشطة البيئية، المهتمة بالسلاحف البحرية، في لبنان، منى الخليل، بزيادة الضرائب بشكل كبير هذا العام على عبورها إلى أرضها من فوق سكة الحديد المتوقفة أساساً منذ عقود
عام 2000 في أعقاب تحرير جنوب لبنان وبقاعه الغربي من العدو الصهيوني، عادت الناشطة البيئية، منى الخليل، ابنة مدينة صور الجنوبية، من الاغتراب، إلى أرض عائلتها، المحاذية لشاطئ بلدة المنصوري (إلى الجنوب من صور)، الذي لطالما سبحت فيه صغيرة، وبدأت معركة من نوع آخر؛ حماية السلاحف البحرية، بعد علمها بأنّها باتت من الأنواع المهددة، وهي التي تقصد الشاطئ لتبيض عليه بالذات.
بعد نضال لسنوات، تمكنت الخليل عام 2008، من تسجيل الشاطئ المملوك للدولة اللبنانية، ومن خلال بلدية المنصوري بالذات، كمحمية طبيعية للسلاحف، ونشطت رسمياً منذ ذلك الحين في رعايتها، وتسجيل المعلومات العلمية حولها.
تتولى الخليل بمعيّة أقارب وأصدقاء من المتطوعين إدارة مشروع "أورانج هاوس" غير الربحي، والذي تقول في حديث تلفزيوني أخير إنّ مردوده "معنوي وروحي". المشروع يحاذي المحمية، وتهدف الخليل من ورائه إلى استقبال العائلات مع أطفالها للتعرف على المحمية، والسلاحف، والحياة البحرية عموماً.
لكنّ الناشطة التي تحمل الكثير من روح الشباب، بل "الطفولة" كما تقول شقيقتها، أصيبت بخيبة أمل أخيراً، من وزارة المالية بعد زيادة الضرائب أربع مرات دفعة واحدة عليها. وليس الأمر مرتبطاً بها وبمشروعها بالذات بل بالأراضي الزراعية ككلّ. وهكذا نشرت الخليل عبر حسابها الشخصي، على "فيسبوك" إدراجاً تتندر فيه على الضريبة التي تتقاضاها الدولة بسبب عبور سيارتها فوق سكة الحديد، التي توقف العمل عليها تباعاً منذ انطلاق الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، بل زادت وزارة المالية هذه الضريبة إلى 10 ملايين ليرة (6633 دولاراً) هذا العام عوضاً عن مليونين ونصف (1658 دولاراً) العام الماضي، ومليون (663 دولاراً) في الأعوام التي سبقت. حظي المنشور بكثير من التعليقات، مع تضامن حقوقي مع الخليل.
على هذا الأساس، تواصلت "العربي الجديد" معها للوقوف على ما آلت إليه الأمور، فوجّهتنا إلى شقيقتها المهتمة بالشؤون القانونية والإدارية للمشروع، الناشطة، أمل الخليل جابر. تقول الخليل جابر لـ"العربي الجديد" إنّ المسألة ليست خاصة بمنى الخليل وحدها، فالضريبة هي التي ارتفعت والاحتجاج على هذا الأساس: "لكنّ منى فتحت العيون على القضية خصوصاً أنّ صوتها قادر على الوصول أكثر من غيرها".
إيصال التحصيل الضريبي الموجه إلى الخليل وقيمته 10 ملايين ليرة والمؤرخ في الخامس من فبراير/ شباط الجاري، يحدد أنّه "رسم إشغال أملاك عمومية بمحاذاة العقار 611 المنصوري". هذه الأملاك العمومية هي سكة الحديد التي تعبر فوقها السيارة، للوصول إلى المشروع، وهو عبور يحكمه "إذن مرور يعود إلى عام 1968" كما توضح الخليل جابر، التي تضيف أنّ سكة الحديد هي التي تمرّ في أملاك عائلتها أساساً. تضيف أنّ هذه الضريبة تضاعفت بشكل كبير عبر السنين، من 125 ليرة، إلى 250 ألف ليرة عام 1992، وبقيت مليوناً حتى فترة قريبة.
فماذا الآن؟ هل ستدفع الخليل تلك الضريبة؟ وماذا عن اهتمام وزير البيئة الجديد فادي جريصاتي بقضيتها، وهو الذي اتصل بها للاطلاع على المحمية وما تتعرض له من اعتداءات؟ تقول الخليل جابر إنّهم دفعوا ضريبة العشرة ملايين ليرة، لكنّهم مع ذلك، رفعوا شكوى إلى وزارة المالية للنظر في هذا الوضع: "سنتابع بالطرق القانونية لنرى إلى أين يمكن أن تصل بنا، خصوصاً أنّنا لا ندافع عن حقنا وحدنا بل حقوق جميع الأهالي الذين ما زالوا صامدين في أراضيهم الزراعية".
أما بخصوص جريصاتي واتصاله، فتقول: "لا علاقة لوزير البيئة بهذه المسألة. هو اتصل فقط من أجل المحمية". الاتصال هذا بالذات حظي بتقدير كبير من الخليل التي كتبت على حسابها الشخصي عنه: "تسعة عشر عاماً وأنا في حمى المنصوري، أدافع عنه، وأحمي سلاحف البحر، وأدافع عن هذا الشاطئ حرصاً على بيئة بلدي. تسعة عشر عاماً وأنا في حاضرة العمل إلى جانب متطوعين، من أجل أن يبقى لشاطئ المنصوري هذا المدى الساحر، وكي لا يحتله الإسمنت، ويقضي على التنوع البيولوجي. تسعة عشر عاماً، ولم ألقَ اهتماماً يرقى إلى ما أطمح إليه وأعمل في سبيله. لكن، اليوم، وبعد هذه السنوات الطويلة، تلقيت اتصالاً كان بمثابة المفاجأة لي، وسرعان ما علمت أنّه من وزير البيئة الجديد الأستاذ فادي جريصاتي، الذي لم يمضِ على تسلم مهامه أيام قليلة، ليقف على ما أثير مؤخراً بالنسبة لحمى المنصوري وما يتعرض له من اعتداءات، وفاجأني باطلاعه على ملف الحمى ومتابعته له واهتمامه به. هذا الاتصال، ردّ إليّ الروح، ومدّني بالأمل حين أكد الوزير أنّه سيعمل على صون الحمى وأنّه سيزورني في أقرب وقت".