وقد اقتصرت جميع المحاولات في السابق على صناعة صواريخ محلّية الصنع من نوع "عمر" و"جهنم" و"كونكورس". وكان لتلك الصواريخ تأثير، غير أنها لم تحدث تغييرات جذرية في ميزان القوى العسكرية. وعلى ما يبدو فإن كل شيء سيتغيّر وفقاً لـ"الفرقة 101 مشاة"، أحد مكوّنات "الجيش السوري الحر"، التي يقودها العقيد الطيار حسن الحمادة، وتُشكل حالياً جزءا من "مجلس قيادة الثورة السورية". وتقول الفرقة في قناتها الإعلامية على موقع "يوتيوب"، "نحن الفرقة 101 مشاة، نقوم بالتصدي للطيران المعادي على جبهة الساحل، ضمن مشروع إنتاج وتطوير صواريخ محلية الصنع، دفاع جوي".
ويظهر شريط الفيديو عدداً من الأشخاص يحمل بعضهم صواريخ، في حين يقوم أحد الأشخاص بتثبيت قاعدة الصواريخ، قبل أن يقول المعلّق على الفيديو، إنها "مضادة للطيران ومن صناعة محلية على جبهة الساحل السوري"، ثم يتمّ عرض لقطة أخرى ضمن نفس الفيديو تُظهر صاروخاً ينطلق بسرعة عالية نحو السماء.
وفي ظل تكتّم كبير من الفرقة "101 مشاة"، تحديداً حول ما إذا كانت هذه الصواريخ حرارية، وتمتلك نظام تعقّب لإسقاط الطائرات، يقول الحمادة إن "هناك معلومات سرية لا نستطيع الإدلاء بها حيال تفاصيل هذه المنظومة ومداها وجدوى صواريخها وقدرتها على إسقاط طائرات النظام وروسيا". لكنه يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "الأيام المقبلة ستكشف فعالية هذه الصواريخ، وستكون هناك مقاطع فيديو عديدة تثبت قدرة هذه المنظومة".
ويوضح الحمادة أن "الحاجة أم الاختراع، وفي ظل الهجمة الشرسة لطيران النظام ومعاناة الشعب ومن ثم التدخل العسكري الروسي وقصفه المدن والبلدات السورية، بدأت العقول بوضع شيء لحل هذه القضية في ظل قطع الدعم وحظر مضادات الدفاع الجوي".
ويشير إلى أنه "في السابق اقتصر أمر المعارضة على تصنيع بالونات وصواريخ لرد السلاح الفتاك للنظام، لكن مجموعة من المهندسين والضباط ممّن يمتلكون الخبرة، بدأوا بتجميع أفكار لمنظومة الدفاع الجوي استمرت قرابة عام، جرت خلالها تجارب كثيرة غير معلنة حتى وصلنا إلى هذه المنظومة وقمنا بالإعلان عنها". ويلفت إلى أن "وضعها في جبل التركمان جاء مصادفة، ولا علاقة للتوتر الروسي التركي بذلك، فنحن استطعنا صنع قواعد تغطي المنطقة الشمالية وقد تم نشرها في عدد من الأماكن". وينفي تلقّي أي دعم دولي أو إقليمي، مؤكداً أن "المنظومة سورية بأفكار سورية وبأموال سورية".
وتُفيد مصادر في المعارضة السورية بأن "مدى الصاروخ يزيد عن ثمانية كيلومترات، ما يعني أنه قادر على إسقاط الطائرات الحربية والمروحية، التي تحلّق على علوٍ مشابهٍ تقريباً"، مشيرة إلى أنه "تمّ التصنيع محلياً من قبل خبراء عسكريين ومهندسين وضباط منشقين عن نظام (الرئيس بشار) الأسد، لتتمتع بكامل الصفات التقنية المطلوبة لإسقاط الطائرات العسكرية".
ويقول قائد كتيبة الهندسة والصواريخ في الفرقة "101 مشاة" المكنّى بأبي خالد لوكالة "سمارت" المحلية، إن "الفرقة بدأت بتصنيع صواريخ دفاع جوي (مضادة للطائرات)، مستعينة بخبرات محلية سورية"، لافتاً إلى أن "الفرقة بدأت بتجربة صواريخ أرض جو، وتطويرها وإنتاجها منذ حوالي الشهر، اعتماداً على مبدأ منظومة الدفاع الجوي أورسا".
اقرأ أيضاً: مقتل آلاف السوريين بشهرين بينهم المئات بسبب القصف الروسي
وستُشكّل هذه الصواريخ في حال ثبتت فاعليتها، تغييراً في الخارطة العسكرية وصفعة كبيرة للنظام السوري وروسيا، في ظل ضغطهما المتواصل على جبهة الساحل، التي تكاد تكون الجبهة الوحيدة التي استطاع فيها النظام إحداث خرق ميداني بفعل أهميتها القصوى. وذلك لتفوّق المعارضة في حماة وحمص، وشنّها هجوماً مباغتاً، منذ نحو أسبوع، اقتربت فيه من السيطرة على بلدة الحاضر وتلة العيس الاستراتيجيتين في ريف حلب الجنوبي، وتأمين حماية الأوتوستراد الدولي دمشق - حلب بالتالي.
في غضون ذلك، لم يستبعد رائد الفضاء السوري اللواء محمد الفارس، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنشاء منظومة صواريخ كهذه، قائلاً إن "هذا شيء غير مستحيل، الشعب السوري قادر على الوصول إلى مثل هذا الشيء"، موضحاً أنه "يمكن لهذه الصواريخ أن تكون حرارية، وبالتالي فهي لا تحتاج إلى دقة صواريخ رادارية، كما يمكن أن يكون هناك نظام تعقّب حراري". ويفيد بأن "مقاتلي المعارضة السورية سبق أن صنعوا في وقت سابق مدافع وقنابل محلية الصنع".
ويُعرف عن الفرقة "101" أنها تلقّت صواريخ مضادة للدبابات من نوع "بي بي جي إم - 71 تاو"، في السادس من مايو/ أيار الماضي، وأحدثت الصواريخ المقدّمة من الولايات المتحدة، التي زوّدت بها فصائل معارضة أخرى، فرقاً في معارك النظام والمعارضة.
في المقابل، نفى ناشطون تواصلت معهم "العربي الجديد" رؤية هذه المنظومة في جبال اللاذقية، وقال أحد الناشطين الإعلاميين المتواجدين في جبل التركمان، "لم أر هذا الأمر سوى عبر الإنترنت، لأن الطيران يسرح ويمرح في ريف اللاذقية"، مبيّناً أن "الطيران الروسي شنّ الثلاثاء فقط 42 غارة على ريف اللاذقية، ولو كانت مثل هذه المنظومة الفعالة موجودة، لكان هناك نتيجة".
اقرأ أيضاً: جبل زاهية يحسم معارك المعارضة والنظام... وروسيا وتركيا