ممدوح سلامة: أسواق النفط بمنأى عن اتفاق إيران النووي

14 ابريل 2015
بورتريه الدكتور ممدوح سلامة (العربي الجديد/ عماد حجاج)
+ الخط -
تباينت آراء المحللين الدوليين بشأن مدى استفادة إيران من الاتفاق الإطاري المتعلق ببرنامجها النووي، والذي وقعته مطلع أبريل/نيسان الجاري في لوزان بسويسرا. فبينما يسوّق فريق لقدرات إيرانية هائلة على تغيير قواعد سوق النفط والإضرار بنظرائها المنتجين داخل وخارج أوبك ما لم يُفسح الجميع لها المجال، يرى فريق آخر عكس ذلك، انطلاقا من أن عودة إنتاج النفط الإيراني لمستوياته السابقة على العقوبات، هو هدف بعيد المدى ويحتاج سنوات.
وقال مستشار البنك الدولي في النفط والطاقة، ممدوح سلامة، في مقابلة مع "العربي الجديد" إن تأثير الاتفاق النووي، إذا ما تم توقيعه بشكل نهائي في أواخر يونيو/حزيران المقبل، على سوق النفط الدولية سيبقى محدوداً للغاية، إن لم يكن معدوما.

تأثير معدوم

وتوقع سلامة، على هامش ندوة "الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الإقليمية والدولية" التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، السبت الماضي في الدوحة، ألا تتمكن طهران من زيادة إنتاجها بأكثر من 200 إلى 300 ألف برميل يوميا، وهي كميات لن تتجه للتصدير، نظرا لحاجة السوق المحلية المتنامية للطاقة.
وتعرضت سوق النفط الدولية في الأشهر القليلة الماضية لضربة موجعة أفقدتها أكثر من 55% من مستوياتها التي كانت عليها في يونيو/حزيران 2014، ما عزاه مختصون إلى تخمة المعروض النفطي، ما يثير مخاوف المنتجين من أن أية كميات إضافية تضخها إيران بفضل اتفاقها النووي، ستزيد من هبوط أسعار النفط، وتؤجل آمالا معلقة على تعافيه.
وتُقدر تقارير دولية الزيادة في المعروض بحدود 1.5 مليون برميل يوميا في المتوسط.
لكن سلامة، وهو أستاذ زائر في اقتصاديات الطاقة لدى كلية "إي إس سي بي" الأوروبية للاقتصاد، قال لـ"العربي الجديد"، إن إيران ستستغل الاتفاق النووي في استيراد التكنولوجيا التي تؤهلها لتطوير حقولها المتهالكة، مؤكدا أن خطط التطوير تحتاج سنوات.

وأوضح أن آبار النفط الإيرانية تعرضت للتلف خلال سنوات حظر التكنولوجيا التي غالبا ما تحتكرها شركات طاقة عالمية، وهو ما لم تستطع إيران معه تلبية حصتها السوقية في أوبك والمقدرة بحدود 4 ملايين برميل يوميا، ما يعني أن إيران تخلفت طوال السنوات الماضية عن إنتاج ما يزيد على 800 ألف برميل يوميا، نتيجة عطب آبارها.

تقديرات جزافية

وأبدى سلامة، استنكاره لما تروّجه وسائل إعلام غربية حول قدرات إيران النفطية، قائلا "هذا الكلام غير صحيح. إيران لديها كميات نفط خام مُحمّلة بالفعل على ناقلات وجاهزة لدخول السوق، لكن هذا أمر استثنائي محدود ومؤقت التأثير".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر في الحكومة الإيرانية أن 30 مليون برميل خام محملة على متن ناقلات إيرانية حاليا، وجاهزة لدخول الأسواق.
وتنتُج إيران حاليا بحدود 3.15 ملايين برميل خام يوميا، تصدر نحو 1.2 مليون برميل منها، بينما تذهب أغلب الكميات الفائضة عن التصدير للاستهلاك المحلي.
ولم يُخف سلامة، انزعاجه من بعض التقديرات التي يراها مغلوطة ومبالغا فيها، بشأن احتياطي إيران من النفط.
وقال إن الحكومة الإيرانية تروّج، عبر بيانات غير صحيحة تمد بها شركات الطاقة العالمية، لاحتياطي نفطي لديها بحدود 157 مليار برميل من النفط الخام، مؤكدا أن التقديرات الأقرب للحقيقة تتراوح بين 30 إلى 36 مليار برميل خام، وهي تقديرات تقل خمس مرات عما يجري الإعلان عنه.

النووي الإيراني

ويرى سلامة، أن المبررات التي تسوقها واشنطن لرفض البرنامج النووي الإيراني لم تكن كافية للتصدي للمشروع. إذ تبني أميركا جوهر اعتراضها الاقتصادي على بناء محططات نووية إيرانية، على أساس أن إيران دولة نفطية ليست بحاجة للتحول إلى الطاقة الكهربائية المولدة باستخدام النووي بديلا عن النفط.
وقال الخبير الاقتصادي، إن أميركا دعمت المشروع النووي الإيراني في عام 1968 وقت كان الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، صديقا لواشنطن، رغم أن إنتاج إيراني النفطي في تلك المرحلة كان بحدود 6 ملايين برميل من النفط الخام يوميا، أي ضعف الإنتاج الحالي، ما يُضعف موقف المفاوض الغربي ويجعله في موقف متناقض.

ووفق بيانات شبه حكومية، تستهلك إيران نحو 770 ألف برميل يوميا في توليد الكهرباء، ما يعني أن هذه الكميات قد تجد طريقا سهلا للأسواق الخارجية بمجرد تحول إيران إلى الطاقة النووية.

الخليج يحتاج الطاقة النووية

وقال سلامة، إن الدول الخليجية تبدو أكثر حاجة من غيرها لاستخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء.
وأوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تستهلك يوميا نحو 6 ملايين برميل نفط في توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، وهو معدل كبير يساهم في ضياع الثروة النفطية.
ووفق بيانات طرحها سلامة على ندوة "الاتفاق النووي الإيراني"، فإن دول الخليج ستفقد مركزها كمصدّر للنفط بحلول عام 2032 ما لم تتحول للطاقة النووية في توليد الكهرباء. ويوجد في دول مجلس التعاون 199 محطة لتحلية مياه البحر.

تفاؤل بشأن النفط

وأبدى الخبير سلامة، تفاؤلا واضحا بشأن تعافي أسواق النفط الدولية، قائلا: "من المتوقع أن يصل السعر إلى 75 دولارا للبرميل في المتوسط خلال النصف الثاني من 2015، على أن يرتفع إلى مستويات المائة دولار للبرميل في العام المقبل 2016".
وسجل النفط نحو 58 دولارا للبرميل في المتوسط خلال تعاملات أمس الإثنين، بعدما تهاوى من 115 دولارا للبرميل في يونيو/حزيران الماضي.
ووفق تقديرات سلامة، فإن معظم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بحاجة إلى أسعار نفط تتجاوز 100 دولار للبرميل لمعادلة موازنتها العامة.
وتراجعت إيرادات دول الخليج النفطية بسبب تهاوي الأسعار، من 574 مليار دولار في عام 2013 إلى 452 مليار دولار في 2014، ومن المتوقع أن يتراجع الرقم إلى حدود 340 مليار دولار في 2015، حسب البيانات التي أوردها سلامة في محاضرته بالندوة.

اقرأ أيضا:
تهديد روحاني وعقوبات أوروبا يثيران قلقاً حول الاتفاق النووي
إيران وإغراق المنطقة في فوضي مالية
المساهمون