تهمل مفوضية الانتخابات في العراق ترتيب ما يناسب أوضاع نحو مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في البلاد، لتسهيل مشاركتهم في الانتخابات التشريعية التي انطلقت صباح اليوم السبت، التي من المتوقع أن يشارك فيها أكثر من 22 مليون عراقي، ويتنافس فيها أكثر من سبعة آلاف مرشح على 329 مقعداً.
وفي الوقت الذي شهدت فيه بغداد ومدن عراقية أخرى إجراءات أمنية مشددة وحظراً للتجوال، بدأ العراقيون بالتوافد إلى صناديق الاقتراع، ما عدا ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم يجدوا فرصة تُسهل عليهم إجراء العملية بصورة بسيطة وسريعة.
وأكد عضو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حازم الرديني، عدم توفير مراكز للاقتراع خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "المعوقين تم التعامل معهم مثلهم مثل الناخبين العاديين، فلم توفر المفوضية مراكز خاصة بهم، أو فرقا تذهب لبيوتهم وتجعلهم ينتخبون دون التوجه إلى المراكز الانتخابية العامة".
وأضاف أن "المفوضية تعاملت معهم ككل الناخبين، ووفرت لهم بطاقات إلكترونية للانتخابات، ويمكنهم إجراء العملية الانتخابية كباقي الناس من خلال مساعدة ذويهم بالمجيء إلى المراكز"، لافتاً إلى أن "المراقبين المحليين من الممكن أن يقدموا لهم المساعدة، وعدم تركهم في طوابير الانتظار بسبب زخم أعداد المواطنين، إذ بالإمكان جعلهم يمارسون حقهم الانتخابي بسرعة لكي يعودوا إلى بيوتهم".
يشار إلى أن الغزو الأميركي وما تلاه من دوامات عنف طاحنة، خلّف للعراق نحو 1.5 مليون صاحب إعاقة في عموم البلاد، غالبيتهم من فئة الشباب والأطفال. ويفاقم افتقار العراق للمستشفيات الكافية للعناية بمشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى عدم تخصيص الحكومة لهؤلاء مرتبات إعانة لهم أسوة بكثير من الدول.
ويشكل الناخبون المعوقون أقلية غالباً ما يتم تجاهلها، وتقدّر نسبتهم بنحو 5 في المائة من مجموع العراقيين الذين يملكون حق الانتخاب في المحافظات (كركوك والأنبار وديالى وبغداد وبابل وكربلاء وواسط وصلاح الدين والنجف والديوانية والمثنى وذي قار وميسان والبصرة).
من جهته، أشار عبد السلام جرجيس كوبن، مصاب بشلل في أطرافه السفلية، أن "الحكومة العراقية والبرلمانات السابقة أهملت المعوقين، واليوم نفاجأ بعدم توفير طريقة تجعل طريقة التصويت الخاص بنا أسهل وأسرع، فأنا لا أستطيع كباقي الناس الذهاب إلى المركز الخاص بمنطقتنا لأنه بعيد قياساً بوضعي الصحي، كذا أن التلفزيون الرسمي أظهر صوراً تشير إلى حدوث زحام في المراكز".
وتابع في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "حقوقنا غير موجودة، وليس الأمر متعلقا بالسنوات الأخيرة إنما في كل عصر مرّ على العراق، مثل حق العمل، وحق ممارسة الرياضة، وحق الترفيه، وحق التربية والتعليم، ومن ضمنها تسهيل المشاركة في الانتخابات العامة".
وأضاف "صعوبة حركتي وأنا على الكرسي المتحرك جعلتني أفكر بعدم المشاركة بالانتخابات... وأدعو كل المعوقين إلى عدم المشاركة كي تلاحظ الحكومة غيابنا والمفوضية، وتعملا على إيجاد طريقة تكون أكثر احتراماً لنا لا سيما وأن غالبيتنا تعرضت للأذى الجسدي والأمراض بسبب فشل الحكومات العراقية بإدارة الدولة بطريقة صحيحة". وقال "تعرضت للشلل بالأطراف السفلية جراء انفجار في منطقة الباب الشرقي ببغداد، والحكومة هي المسؤولة لأنها لم تسيطر على الوضع الأمني ولم توفر أجواء آمنة، واليوم الحكومة ذاتها تمنع حقي بالتصويت في الانتخابات العامة بسبب إهمالها".
كما لفت إلى حاجته "لمركز يكون مجهزاً لتسهيل عملية الاقتراع. وما يُشعرنا بالذل أن يجد أحدنا الأقلام المخصصة للاقتراع في الطوابق العليا على سبيل المثال، وعدم تمكن المعوق من الحصول على قلم إلا بمساعدة آخرين... لا نريد ذلك".
وطبقا للمواثيق الدولية فيما يخص ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن المادة الثالثة من اتفاقية حقوقهم التي أقرتها الأمم المتحدة في 2006، نصت على احترام كرامة الأشخاص المتأصلة واستقلالهم الذاتي بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم واستقلاليتهم، وحمايتهم من التمييز، وكفالة مشاركة وإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع، واحترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية، وضمان تكافؤ الفرص، وإمكانية الوصول، واحترام القدرات المتطورة للأطفال ذوي الإعاقة واحترام حقهم في الحفاظ على هويتهم.