ملك المغرب في الخليج: ملفات أمنية وسياسية

05 مايو 2015
المغرب منخرط في الحربين ضدّ الحوثيين و"داعش"(فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

حضر طيف اليمن ومحاربة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وملف الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في الزيارة الرسمية التي أجراها ملك المغرب، محمد السادس، إلى كل من المملكة العربية السعودية، أول من أمس 3 مايو/أيار الجاري، وإلى الإمارات العربية المتحدة يوم أمس 4 مايو/أيار.

وكان لقاء الملكين المغربي والسعودي، في قصر الأخير في العاصمة الرياض، فرصة برز من خلالها مدى تطابق المصالح السياسية بين البلدين؛ فالسعودية أكدت موقفها "الثابت والداعم لمغربية الصحراء، كجزء لا يتجزأ من السيادة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة المغربية". 

اقرأ أيضاً: علاقة المغرب وإيران لن تتأثر بـالـ"عاصفة"

في المقابل أعربت الرباط، وفق بلاغ رسمي من الديوان الملكي، عن تضامنها الكامل والمطلق مع السعودية، في سعيها للدفاع عن وحدة أراضيها، وصيانة حرمة الحرمين الشريفين، والتصدّي لأي محاولة لتهديد السلم والأمن في المنطقة برمتها، ودعمها للخطوات التي بادر الملك السعودي إلى اتخاذها لنصرة الشرعية في اليمن.

وكانت لقاءات الملك المغربي مع مسؤولي السعودية والإمارات، أيضاً، بمثابة تجديد لدعم الرباط للجهود المبذولة من طرف هذين البلدين، خصوصاً للتصدي لتنظيم "داعش"، وفق "مقاربة متعددة الأبعاد، تتعدى الجانب الأمني لتشمل التصدي للتطرف والإرهاب، ومحاربة الفكر المتشدّد".

ويرى مراقبون، أن ما تحمله زيارتا ملك المغرب إلى السعودية والإمارات عبارة، أساساً، عن ملفات عسكرية وأمنية وأخرى سياسية، إذ يرغب المغرب في توطيد علاقاته مع بعض دول الخليج، بالنظر إلى مشاركته عسكرياً من خلال قواته المتواجدة في الإمارات، سواء في عمليات "عاصفة الحزم" وما بعدها "إعادة الأمل" ضدّ الحوثيين في اليمن، أو في توجيه ضربات لتنظيم "داعش" في سورية والعراق ضمن التحالف الدولي.

ملفات عسكرية

وقال خبير في المجال العسكري، فضل عدم نشر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هناك حضوراً طاغيّاً للملف العسكري والأمني في زيارة الملك للسعودية والإمارات، باعتبار تواجد شخصيات عسكرية وازنة في الوفد المرافق له، منها المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، الجنرال بوشعيب عروب، والمدير العام للاستخبارات العسكرية الخارجية، محمد ياسين المنصوري.

وأفاد الخبير العسكري بأنّ الأمر يتعلق بانخراط جاد وحاسم من المملكة المغربية في محاربة كل محاولات المسّ بسيادة عدد من دول الخليج، بالنظر إلى العلاقات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي تربط أنظمة الحكم هناك بنظام الحكم في المغرب، وذلك بوضع خبرته العسكرية رهن إشارة تلك البلدان، لصد ما تراه عدواناً على أمنها أو استقرارها.

وأشار المصدر نفسه إلى أن المغرب يستفيد عسكرياً من حضور بعض قواته في الإمارات، التي شاركت في البداية في عمليات ضدّ "داعش"، من خلال 6 مقاتلات "إف 16" متطورة تعمل بتقنيات الليزر، كما أنها فرصة لقواته الجوية في كسب مزيد من التجربة الميدانية بضرب أهداف محددة على الأرض.

من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة فاس، سعيد الصديقي، إن التحولات الجارية في المنطقة، خصوصاً في اليمن وسورية، احتلت موقعاً مهماً في المحادثات التي أجراها الملك المغربي سواء في السعودية أو الإمارات، ولاسيما أن المغرب بات شريكاً في حربهما سواء في اليمن، أو في العراق وسورية ضد "داعش". 

وأورد الصديقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأنه نظراً لعدم وجود ما يوحي بالانتهاء القريب للعمليات العسكرية في اليمن، فإن مباحثات الملك المغربي مع قادة السعودية والإمارات تناولت الخيارات العسكرية المقبلة، ومدى استعداد المغرب لتقديم مزيد من الدعم العسكري، ولاسيما إذا انتقلت هذه العمليات العسكرية إلى التدخل البري. 

وأوضح المحلل بأن "الهدف الأساسي لمشاركة المغرب في العمليات العسكرية الجارية في اليمن هو الدفاع عن المملكة العربية السعودية بالدرجة الأولى، ولا علاقة لها بإعادة "الشرعية" إلى اليمن، فما كان للمغرب أن يشارك في هذه العمليات لو لم تكن هناك دعوة رسمية من السعودية".

فوائد سياسية واقتصادية

وليس الملف العسكري وحده الذي استأثر بزيارتي الملك المغربي إلى السعودية والإمارات، بل حضرت معه ملفات سياسية بدليل طبيعة الشخصيات التي رافقته في تلك الزيارة، منها مستشارون ملكيون في الشؤون السياسية والدستورية، ومسؤولون كبار في وزارة الخارجية المغربية.

ويقول الصديقي، في هذا الصدد، إن "زيارة ملك المغرب تأتي في مرحلة حاسمة من تاريخ المنطقة التي تشهد أحداثاً كبيرة ومتوالية، إذ من المرتقب أن تكون لها تداعيات سياسية طويلة الأمد، وستعيد تشكيل خريطة التحالفات في المستقبل القريب والمتوسط".

وتابع المحلل بأن "ما يعطي لزيارة السعودية قيمة إضافية أنها تزامنت مع التغييرات الكبيرة التي تشهدها مؤسسة الحكم في هذا البلد، لذلك فإن الزيارة تشكل فرصة لملك المغرب لاستكشاف القادة الجدد في السعودية، وتصوراتهم للعلاقات المغربية السعودية، ومستقبل المنطقة العربية عموماً".

وكان للجانب الاقتصادي حضور مهم، أيضاً، بحسب الصديقي، الذي أشار إلى أن المغرب يعول كثيراً على دول الخليج لدعم اقتصاده، وضخ مزيد من الاستثمارات، والحصول على دعم اقتصادي ومالي مباشر، والاستفادة اقتصادياً ومالياً من مشاركته العسكرية إلى جانب كل من الإمارات والسعودية.

المساهمون