عُقدت الدورة الـ34 لمجلس وزراء الداخلية العرب، اليوم الأربعاء، في تونس، ومثّل موضوع مكافحة الإرهاب وتوحيد الجهود العربية لمكافحة الظاهرة أهم نقاطها، إذ جرى التأكيد على ضرورة تبادل المعلومات، ووضع استراتيجية موحدة لحماية الشباب من التطرف ومن الخطر الإرهابي، وتمت الدعوة إلى الحدّ من الأفكار التكفيرية التي تهدّد أمن واستقرار البلدان العربية.
وحضر هذه الدورة وزراء الداخلية في الدول العربية، ووفود أمنية رفيعة المستوى، وممثلون عن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واتحاد المغرب العربي، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، والأمين العام لجامعة الدول العربية.
وقال وزير الداخلية التونسية، الهادي مجدوب لـ"العربي الجديد" إنّ مكافحة الإرهاب لا تكون على مستوى محلي فقط، بل ينبغي رفع مستوى التنسيق لمكافحة الظاهرة الإرهابية، وخاصة على المستوى العربي، معتبرًا أنه يجب التعاون وتبادل المعلومات، ومعبّرًا عن تفاؤله بإشغال مجلس وزراء الداخلية العرب، بما يدعم الجهود مستقبلًا.
وأكد أنّ "هذه الدورة تنعقد في ظلّ وضع دولي وإقليمي متوتر، يتسم بتزايد وتيرة التهديدات واستفحال الأزمات في عدد من دول المنطقة"، معتبرًا أن المنطقة العربية عرفت في الأعوام الأخيرة بروز تيارات دينية متطرفة وعنيفة ذات توجهات مختلفة، تمكنت من تعزيز قدراتها وأنشطتها الإرهابية، ما أفرز جماعات أكثر تشددًا تجاوزت كل حدود العنف، وأشرس الأساليب في التعبير عن أفكارها المريضة، ومعتقداتها المنحرفة، وتنفيذ جرائمها".
وأوضح أن التنظيمات الإرهابية استغلت وسائل التواصل الإلكتروني، والوسائط الاتصالية الحديثة، لنشر توجهاتها التكفيرية بصفة سريعة وعلى نطاق واسع، مضيفًا أن العمليات الإرهابية التي استهدفت تونس زادتها إصرارًا على محاربة الإرهاب والقضاء عليه، بالاعتماد على تماسك ووعي التونسيين، والجاهزية العالية للوحدات الأمنية والعسكرية، مشيرًا إلى أنه لا بد من تحصين الفئات الشبابية من تأثير التيارات الدينية المتطرفة وخطر الانحراف.
وأكّد وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّه لا بدّ من مزيد من التعاون بين البلدان العربية، خاصة في المسائل الأمنية والسياسية لمكافحة الإرهاب، معتبرًا أن مجلس وزراء الداخلية العرب سيركز على مزيد من التعاون في هذا المجال.
وقال وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، إنّ "الأمن العربي مطلب كل فرد، وغاية كل أمة، فالأمم والشعوب تحتاج على الدوام إلى ضمان أمنها السياسي واستقراراها الاجتماعي، وأنه في غياب الأمن لا يتحقق أي شيء، ويصبح الخوف مكبلًا لخطواتها، ومعيقًا لتطلعاتها، ومهددًا لوحدتها الوطنية".
وأضاف أن الأمن العربي محاط بتهديدات داخلية وخارجية خطيرة جدًّا، تنامت وتيرتها ومظاهرها في ظل متغيرات إقليمية وعالمية عديدة، مبينًا أن هذه التهديدات تهدد الأمن العربي، وتستدعي التكامل العربي، وهزم الإرهابيين والخارجين عن النظام.
وأكّد أن "المساس بأي دولة هو مساس بالأمن العربي، ويدفع إلى تنسيق الجهود ودفع المخاطر، لأن أي دولة بمفردها لا يمكنها مجابهة المخاطر"، معتبرًا أن المجلس يعمل على التصدي لأي تهديدات إقليمية وعربية، ولا بد من شراكة تقود إلى تعاون مثمر لمجابهة الإرهاب، عوضًا عن تبادل الاتهامات وتحميل الدول جرائم التطرف.
من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنّ الظروف الأمنية والمخاطر المحدقة بالمنطقة العربية تضع أعباء هائلة على كاهل أجهزة الأمن وإنفاذ القانون في الدول العربية.
وبيّن أن الأحداث التي جرت في السنوات الـ6 الماضية، ضاعفت التهديدات، وحملت للمجتمعات العربية أنواعًا جديدة من المخاطر، مبينًا أن الجماعات الإرهابية تمكنت من استغلال السيولة السياسية التي مر بها الإقليم العربي، لتوجيه ضربات عنيفة وغير مسبوقة في مداها وشدتها، ما أدى إلى اقتحام الحدود وسقوط مدن فريسة للعصابات الإجرامية.
ودعا إلى الإسراع في تنفيذ ما أقرّته القمة العربية الثامنة والعشرون في عمّان، بشأن تكليف مجلس وزراء الداخلية العرب بالاستعجال في البت في موضوع اتفاقية التأشيرة العربية الموحدة لأصحاب الأعمال والمستثمرين العرب.
واعتبر أن "القضاء على الإرهاب والتطرف هو معركة العصر، وهي معركة طويلة، لأن الصراع مع العقل الإرهابي هو عملية معقدة، وتتطلب تضافر كافة الجهود، وهو سباق في الخيال، لأنه من المهم أن يكون الخيال الأمني سابقًا، قدر الإمكان، الخيال الإجرامي والإرهابي".
وقال وزير الداخلية العراقي، محمد جلال حسين الأعرجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ أهمية هذا المؤتمر تكمن في ترسيخ التعاون الأمني العربي المشترك لمكافحة المجموعات الجهادية المتطرفة، معتبرًا أن العراق مستعد لترسيخ التعاون وتبادل المعلومات.