يجري مدير تحرير المجلات في "راوتلديج" و"تايلور وفرانسيس" جورج كوبر، دراسة حول إشراك الناشرين الأكاديميين في تقييد الوصول إلى المحتوى الحساس سياسياً في الصين، ويقول في تقديم بحثه الجاري، إنه وفي عام 2017، أزالت منشورات جامعة كامبريدج، و"سبيرنغر نيتشر" أكثر من 1300 مقال من منصاتها على الإنترنت بناءً على طلب من جهات حكومية في الصين. وفي عام 2018، أزالت "تايلور وفرانسيس" 83 مجلة من مجموعات مبيعاتها في الصين للحفاظ على الوصول إلى السوق الصيني. وتضمنت المنشورات والمقالات التي جرت إزالتها كلمات مثل "تيانانمن" و"التبت" و"الثورة الثقافية".
يعود سؤال الرقابة على النشر في الصين اليوم إلى الواجهة، بعد أن نشرت أخبار حول منع نشر الأبحاث العلمية حول كوفيد 19، قبل أن تجري الموافقة عليها من الجهات الرقابية في الصين رغم أن هذه الأبحاث تنشر عادة في المجلات العلمية والأكاديمية المحكمة وتجرى في الجامعات الصينية.
ويذكر كوبر في مقال نشر له مؤخراً كيف كشفت مواقع جامعة فودان وجامعة الصين لعلوم الأرض في ووهان عن نظام فحص مسبق لنشر أبحاث كورونا، حيث يمكن أن يكون لهذه اللوائح عواقب بعيدة المدى، سواء بالنسبة إلى دوائر البحث والباحثين في الصين. كشفت الإخطارات الجامعية، التي تمت إزالتها الآن من مواقع الجامعات، عما يطلب من الباحثين المقيمين في الصين للحصول على موافقة من وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية قبل نشر بحث حول فيروس كورونا المستجد، إذ يتم فحص المنشورات من قبل المسؤولين الحكوميين، وهؤلاء يحددون "قيمتها الأكاديمية" وما إذا كان "توقيت النشر صحيحاً"، مما يجعل شبح الرقابة العلمية في الصين يتفاقم مع كارثة كورونا الحالية.
في الوقت الحالي، تنطبق قيود الصين بشكل خاص على ما ينشر محلياً، في حين يسمح لبعض المحتوى الإنكليزي بالنشر في بعض المجلات الأجنبية أو الصادرة بالإنكليزية، ويرى متخصصون أن المشكلة واسعة النطاق لأن أبحاث كورونا اليوم دخلت في علم الاجتماع الوبائي وعلم النفس والعلوم السياسية والعلوم السلوكية والطب ومختلف الحقول العلمية.
يقول كوبر إن "دور النشر الأجنبية تذعن للشرط الصيني في الرقابة، لأنه يمكن لسلطات الدولة مثل الإدارة العامة للصحافة والمنشورات أن تهدد الناشرين، كما فعلت من قبل، بحظر استيراد منتجاتهم بالكامل في الصين، ما لم يتم إجراء تعديلات مناسبة". وتشدد الرقابة بالأخص على المقالات المجانية والمتاحة للجميع، وتجد دور النشر أن من الأفضل عدم إتاحة المقالات للقارئ الصيني، لكي لا تواجه المخاطرة بخسائر فادحة في الإيرادات التي يوفرها السوق الصيني الكبير لهم.
موضوع الرقابة على المنشورات في الصين ليس بجديد، فقد نشرت قصص إخبارية مختلفة عن التحكم بالمحتوى الرقمي المتعلق بكورونا حتى في غرف الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي، فكيف سيكون الحال على مستوى أكثر مهنية وتعقيداً كالأبحاث العلمية، والمسألة اليوم ليست رقابة عادية لعدم نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة مثلاً، بل إنه بمثابة تحكم بالمعلومات العلمية المتاحة فمن يملك المعلومات اليوم عن كورونا المستجد يملك أيضاً شكلاً من السلطة.