14 سبتمبر 2024
مقدسات عصر السيسي
يوماً بعد يوم، تتضخم مساحة المحرمات والمقدسات في مصر في عهد عبد الفتاح السيسي، وقد وصلت إلى ما لم يكن أكبر المتشائمين من مصير البلاد يتصورها. "قفا يوسف الحسيني" من جديدها، بعد أن تعرض لاعتداءات من معارضين للنظام في أثناء زيارة السيسي نيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، حيث أقام محامٍ دعوى قضائية، يطالب بسحب الجنسية المصرية من المعتدين، وطالب إعلاميون بالشيء نفسه، في مؤتمر عقدوه بعد عودتهم من الولايات المتحدة، وانفعلت مذيعة، وقالت إن الاعتداء على الوفد الإعلامي "اعتداء على مصر". وهكذا، نفهم أن أذرع النظام الإعلامية أصبحت قضية أمن قومي.
ووصل الأمر، أيضاً، إلى وقف طباعة جريدة الصباح، بسبب مقال يهاجم أحد الشباب المقربين من السيسي، وكأن كل من حول الأخير اكتسبوا حصانة أو قداسة تحميهم من النقد. كما أننا لا نتحدث عن رئيس الوزراء، أو أحد الوزراء، أو أي مسؤول في الدولة، وإنما مجرد شاب لا يشغل منصباً رسمياً. كما أننا لم نتحدث، مثلاً، عن وقف طباعة جريدة أخرى (المصريون)، في اليوم نفسه، بسبب مقالٍ ينتقد السيسي، فقد أصبح هذا الأمر عادياً ومتوقعاً.
جاء وقف طباعة "الصباح" و"المصريون" بعد أيام من حفل افتتاح تفريعة قناة السويس التي أضيفت إلى أبقار السيسي المقدسة، فلا يجب أن تمس، حتى إن صحيفة رأت أن انتقاد التفريعة من المتظاهرين في شوارع مصر ضد النظام خبر يستحق الالتفات إليه، أو جريمة تجب الإضاءة عليها لتصل إلى المسؤولين، فنشرت خبراً عن حمل "الإخوان المسلمين" لافتات "مسيئة لقناة السويس الجديدة". ونشرت صحيفة أخرى تقريراً عن فنانين اعتبرتهم "لم يفرحوا" بمشروع التفريعة، فقط لأن بعضهم صمتوا، ولم يعلقوا على الأمر، لا إيجاباً ولا سلباً. وآخرون لم يحضروا الحفل بسبب جنازة فنانة في يوم الافتتاح نفسه، حتى إن الصحيفة أوردت الفنانة المتوفاة ضمن القائمة، وذكرت أن الموت سبب عدم فرحتها.
ولم يفلت مؤيدو السيسي من الهجوم والاتهام بالخيانة لمساسهم بالمقدسات. كما جرى لنادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، بسبب انتقاده الفرحة المبالغ فيها لشراء السيسي طائرات رافال من فرنسا، واعتبار ذلك فتحاً مبيناً وانتصاراً وهمياً، وكأن مصر هي التي صنعت الطائرة. انطلقت ماكينة الهجوم ضد بكار، وتقدم محامون ببلاغ للنائب العام ضده، لأنه "يستهدف إحداث البلبلة وإشعال الفتن وهز الثقة في ما تقوم به المؤسسات المسؤولة عن حماية الدولة، واتهام رئيس الدولة بخداع الشعب"، وفقا لمقدم البلاغ، واعتبره عبد الرحيم علي ومؤيدو السيسي على مواقع التواصل الاجتماعي "طابوراً خامساً"، أي أن الأسلحة الغربية التي تشتريها مصر دخلت إلى دائرة المحرمات، وأصبح من يهاجمها خائناً.
وأخيراً، أصبح انتقاد دواء سبباً كافياً لإلقاء الأشخاص خلف القضبان، فقد تم القبض على أحد الصيادلة، أواخر أغسطس الماضي، بتهمة "إهانة عقار سوفالدي" على صفحته في "فيسبوك"، لأنه أكد تراجع نسبة الشفاء بالعقار.
ولعقار سوفالدي قصة أخرى في الموضوع نفسه، فقد لجأ النظام إلى هذا العقار لتسويقه، بعد الفشل الذريع في جهاز "الكفتة" الخاص باللواء عبد العاطي صائد الفيروسات، بعد أن كانت القوات المسلحة قد تعهدت بعلاج الإيدز وفيروس "سي" بهذا الاختراع المعجزة، وهوجم من شككوا فيه في ذلك الوقت، ووجهت إليهم قائمة الاتهامات المعتادة من الخيانة والعمالة. وبالتالي، كان "سوفالدي" بمثابة طوق النجاة للنظام من الفضيحة، وبدأت حملة أخرى لتسويق العقار الجديد الذي سيقضي على آلام المصريين، والذي ستشتريه مصر بسعر زهيد مقارنة بسعره في دول العالم، على الرغم من أن العقار مازال قيد البحث، بالإضافة إلى اشتراط توقيع المريض بالموافقة على استخدامه، بسبب أعراضه الجانبية. وبالتالي، جاء كلام الصيدلي ليشكك في الدواء الجديد، ويؤكد فشله، وهو أمر لم يحتمله النظام بعد الفضيحة الأولى، فقرر إسكات أي صوت معارض، واعتباره جريمة تستحق الحبس.
لا حاجة للقول إن هذه القائمة يتم تحديثها بصورة شبه يومية. ولذلك، نحن في انتظار آخر العجائب من هذا النوع.
ووصل الأمر، أيضاً، إلى وقف طباعة جريدة الصباح، بسبب مقال يهاجم أحد الشباب المقربين من السيسي، وكأن كل من حول الأخير اكتسبوا حصانة أو قداسة تحميهم من النقد. كما أننا لا نتحدث عن رئيس الوزراء، أو أحد الوزراء، أو أي مسؤول في الدولة، وإنما مجرد شاب لا يشغل منصباً رسمياً. كما أننا لم نتحدث، مثلاً، عن وقف طباعة جريدة أخرى (المصريون)، في اليوم نفسه، بسبب مقالٍ ينتقد السيسي، فقد أصبح هذا الأمر عادياً ومتوقعاً.
جاء وقف طباعة "الصباح" و"المصريون" بعد أيام من حفل افتتاح تفريعة قناة السويس التي أضيفت إلى أبقار السيسي المقدسة، فلا يجب أن تمس، حتى إن صحيفة رأت أن انتقاد التفريعة من المتظاهرين في شوارع مصر ضد النظام خبر يستحق الالتفات إليه، أو جريمة تجب الإضاءة عليها لتصل إلى المسؤولين، فنشرت خبراً عن حمل "الإخوان المسلمين" لافتات "مسيئة لقناة السويس الجديدة". ونشرت صحيفة أخرى تقريراً عن فنانين اعتبرتهم "لم يفرحوا" بمشروع التفريعة، فقط لأن بعضهم صمتوا، ولم يعلقوا على الأمر، لا إيجاباً ولا سلباً. وآخرون لم يحضروا الحفل بسبب جنازة فنانة في يوم الافتتاح نفسه، حتى إن الصحيفة أوردت الفنانة المتوفاة ضمن القائمة، وذكرت أن الموت سبب عدم فرحتها.
ولم يفلت مؤيدو السيسي من الهجوم والاتهام بالخيانة لمساسهم بالمقدسات. كما جرى لنادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، بسبب انتقاده الفرحة المبالغ فيها لشراء السيسي طائرات رافال من فرنسا، واعتبار ذلك فتحاً مبيناً وانتصاراً وهمياً، وكأن مصر هي التي صنعت الطائرة. انطلقت ماكينة الهجوم ضد بكار، وتقدم محامون ببلاغ للنائب العام ضده، لأنه "يستهدف إحداث البلبلة وإشعال الفتن وهز الثقة في ما تقوم به المؤسسات المسؤولة عن حماية الدولة، واتهام رئيس الدولة بخداع الشعب"، وفقا لمقدم البلاغ، واعتبره عبد الرحيم علي ومؤيدو السيسي على مواقع التواصل الاجتماعي "طابوراً خامساً"، أي أن الأسلحة الغربية التي تشتريها مصر دخلت إلى دائرة المحرمات، وأصبح من يهاجمها خائناً.
وأخيراً، أصبح انتقاد دواء سبباً كافياً لإلقاء الأشخاص خلف القضبان، فقد تم القبض على أحد الصيادلة، أواخر أغسطس الماضي، بتهمة "إهانة عقار سوفالدي" على صفحته في "فيسبوك"، لأنه أكد تراجع نسبة الشفاء بالعقار.
ولعقار سوفالدي قصة أخرى في الموضوع نفسه، فقد لجأ النظام إلى هذا العقار لتسويقه، بعد الفشل الذريع في جهاز "الكفتة" الخاص باللواء عبد العاطي صائد الفيروسات، بعد أن كانت القوات المسلحة قد تعهدت بعلاج الإيدز وفيروس "سي" بهذا الاختراع المعجزة، وهوجم من شككوا فيه في ذلك الوقت، ووجهت إليهم قائمة الاتهامات المعتادة من الخيانة والعمالة. وبالتالي، كان "سوفالدي" بمثابة طوق النجاة للنظام من الفضيحة، وبدأت حملة أخرى لتسويق العقار الجديد الذي سيقضي على آلام المصريين، والذي ستشتريه مصر بسعر زهيد مقارنة بسعره في دول العالم، على الرغم من أن العقار مازال قيد البحث، بالإضافة إلى اشتراط توقيع المريض بالموافقة على استخدامه، بسبب أعراضه الجانبية. وبالتالي، جاء كلام الصيدلي ليشكك في الدواء الجديد، ويؤكد فشله، وهو أمر لم يحتمله النظام بعد الفضيحة الأولى، فقرر إسكات أي صوت معارض، واعتباره جريمة تستحق الحبس.
لا حاجة للقول إن هذه القائمة يتم تحديثها بصورة شبه يومية. ولذلك، نحن في انتظار آخر العجائب من هذا النوع.