مع ذكرى كارثة فوكوشيما... اليابانيون يتحدون الصعاب ويركبون البحر

10 مارس 2020
شواطئ فوكوشيما من الأجمل في اليابان (تويتر)
+ الخط -
يحمل كوجي سوزوكي (64 عاماً) صباح كل يوم لوح ركوب الأمواج أكان الطقس مشمساً أم ماطراً ليمارس رياضته المفضلة على أحد شواطئ فوكوشيما التي تعتبر من الأجمل في اليابان.

ويقع شاطئ ميناميسوما على بعد حوالى ثلاثين كيلومتراً إلى الشمال من محطة فوكوشيما دايشي النووية.

ولا يزال راكب الأمواج هذا يستذكر ما حصل في 11 مارس/ آذار 2011 يوم الكارثة النووية التي وقعت إثر موجة تسونامي عملاقة ناجمة عن زلزال تحت الماء بقوة 9 درجات على ساحل اليابان الشمالي الشرقي.

وقد أتت موجة المد العاتية على حيه بالكامل جارفة بطريقها حوالى 70 مسكناً ومنشأة بينها متجره المخصص لمستلزمات ركوب الأمواج.

ويروي كوجي لوكالة "فرانس برس" "لقد فقدت منزلي وعملي ومتجري. أمي توفيت أثناء عمليات الإجلاء وأبي لحقها بعد بضعة أشهر".

ويقول "فقدت كل شيء باستثناء ركوب الأمواج"، مستذكرا فراره بالسيارة هرباً من موجة التسونامي تاركا كل شيء ما عدا لوحي ركوب أمواج كانا عن طريق الصدفة في السيارة.

وعند عودته إلى المكان في صيف العام 2011، كان الشاطئ مغطى بحطام منازل استحالت أكواما من الركام.

وكانت كارثة فوكوشيما دايشي، أسوأ حادثة نووية في التاريخ بعد كارثة تشرنوبيل في الاتحاد السوفياتي، لا تزال تتسبب بانبعاثات مواد مشعة في البيئة ما دفع بـ160 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم.

ويوضح سوزوكي "المشهد كان مؤلماً، لكن المحيط بقي في مكانه مشابها لنفسه (...) وقلت في نفسي إنني في حال لم أعد فوراً إلى المياه، فإن هذا الساحل سيموت إلى الأبد".

وبعد التأكد من أن مستويات الإشعاع ليست خطيرة، خاض كوجي موج البحر في صباح أحد الأيام فيما كان مسعفون يجوبون الشاطئ بحثا عن مفقودين.

وعاد مذاك لممارسة ركوب الأمواج بانتظام على جري عادته لعقود. ويقول "أمارس ركوب الأمواج لحوالى 250 يوماً في السنة. آخذ استراحة في اليومين الأولين من السنة، أما في باقي أيام العام فأقصد المحيط يومياً".

وبعد تسع سنوات على الكارثة الوطنية الكبرى، يسعى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إلى جعل دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، هذا العام، واجهة للتقدم على صعيد إعادة إعمار منطقة فوكوشيما التي من المقرر أن تنطلق منها الشعلة الأولمبية، في 26 مارس/ آذار.

كذلك، تشهد الألعاب الأولمبية هذا العام انضمام رياضة ركوب الأمواج إلى قائمة المنافسات، غير أن مواجهاتها ستقام على شاطئ تسوريغازاكي في منطقة شيبا شرق طوكيو.

ويبدي سوزوكي سعادته بتقديم فوكوشيما للعالم على أنها مكان آمن خلال الألعاب الأولمبية، لكنه غير مقتنع بـ"ألعاب إعادة الإعمار" التي تروج لها الحكومة.

ويقول "فوكوشيما لن تعود يوما كما كانت. لن أستطيع أبدا العودة إلى المكان الذي كنت أعيش فيه واسترداد متجري (...) الوصمة على فوكوشيما ستبقى إلى الأبد".

وتواجه اليابان باستمرار معضلة تتعلق بمصير حوالى مليون طن من المياه الملوثة المخزنة في الصهاريج العملاقة في موقع محطة فوكوشيما دايشي النووية.

وتجري تنقية هذه المياه المشعة المتأتية من نظام التبريد والمياه الجوفية والأمطار لسحب أكثرية النظائر الموجودة فيها باستثناء التريتيوم. وتدعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية حكومة اليابان في مشروعها لسكب هذه المياه في المحيط الهادئ.

غير أنّ كوريا الجنوبية المجاورة تطرح تساؤلات بشأن خطورة محتملة لمثل هذا التدبير فيما يخشى الصيادون في المنطقة على سمعتهم.

وقد دشنت مدينة ميناميزوما، الصيف الفائت، رسمياً الشاطئ المخصص للزوار للمرة الأولى منذ الحادثة.

ويروي سوزوكي "لقد كانت رائعة رؤية أطفال يخوضون الأمواج. هم لم يتذوقوا يوما طعم المياه المالحة".

ولا يستطيع هذا الرجل الستيني تصور حياته من دون ممارسة ركوب الأمواج. ويقول "عندما سأصبح في سن السبعين ويصعب عليّ استخدام لوح قصير لركوب الأمواج، سأفكر في الانتقال إلى الألواح الطويلة".

(فرانس برس)

دلالات
المساهمون