معوقات أمام حكومة الكويت لتطبيق خطط التقشف

02 مايو 2016
من إضراب عمال النفط في الكويت الشهر الماضي(فرانس برس)
+ الخط -
أظهر الإضراب الذي نظمه عمال النفط في الكويت، الشهر الماضي، اعتراضا على خطط حكومية لإصلاح نظام الأجور، أن الحكومة تواجه معارضة قوية، في لحظة تستعد فيها للدفع بتعديلات مؤلمة لنظام الرعاية الاجتماعية السخي، الذي ينعم به المواطنون منذ عقود.

ويقوم عدد من دول الخليج النفطية بتخفيض دعم الوقود والخدمات العامة والمواد الغذائية، إضافة إلى تجميد أو إبطاء نمو رواتب القطاع العام، في محاولة للحد من العجز الكبير في الميزانيات العامة الناتج عن انخفاض أسعار النفط.

واتخذت كل من السعودية والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان مثل هذه الخطوات خلال الشهور الستة الماضية، لكن الكويت كانت أبطأ في السير في هذا الاتجاه، حيث ناقش البرلمان الأسبوع الماضي وثيقة الإصلاح الاقتصادي، التي عرضتها الحكومة.

وفي مارس/آذار الماضي قال وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، خلال مؤتمر صحافي، إن مجلس الوزراء أقر خطة للإصلاح الاقتصادي والمالي تتضمن عزم الحكومة على فرض ضرائب بنسبة 10% على أرباح الشركات، وإعادة تسعير بعض السلع والخدمات العامة، وإعادة تسعير استغلال أراضي الدولة. لكنه لم يذكر تفاصيل.

وحسب مراقبين، فإن السبب وراء تأخر الكويت في اتخاذ مثل هذه الخطوات يكمن في أن لها تاريخا طويلا مع إضرابات العمال بعكس بقية الدول الخليجية الأخرى، التي تحظر الاتحادات النقابية أو تسيطر عليها بشكل كبير.

وخلال السنوات القليلة الماضية، تسببت إضرابات عمالية في وقف العمل في الخطوط الجوية الكويتية وإدارة الجمارك، ولو لفترات وجيزة.

وفي نهاية 2012 وبداية 2013، شهدت الكويت مظاهرات احتجاجية واسعة على مرسوم بقانون تم من خلاله تعديل النظام الانتخابي في البلاد، وهي ظاهرة غير موجودة في دول خليجية أخرى.

ونتيجة لكل هذه العوامل، فإن الحكومة الكويتية سوف تواجه أوقاتا صعبة لتطبيق سياساتها التقشفية مقارنة بباقي دول الخليج، كما أن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه السياسات يبقى غير معروف.

وقال شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، إن إضراب عمال النفط كشف عن المواجهة بين حكومة الرعاية الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني التي تخشى أن تحل الحكومة مشاكلها الناتجة عن نقص التخطيط على حسابها.


وأضاف أن الإضراب أثبت أن الحكومة بحاجة إلى إجراء حوار موسع مع مؤسسات المجتمع المدني بشأن الإصلاح الاقتصادي وكذلك الإصلاح السياسي.

وكان خليفة حمادة، وكيل وزارة المالية الكويتية، قال لصحيفة "القبس" الكويتية، في نهاية العام الماضي، إن "ترشيد" الدعم سوف يوفر للحكومة 2.6 مليار دينار (8.7 مليارات دولار) خلال ثلاث سنوات.

ويمكن لهذا الوفر أن يكون أكبر إذا تم إصلاح نظام رواتب الموظفين الحكوميين المتضخم.

وتتوقع الكويت عجزا ماليا قدره 12.2 مليار دينار في ميزانية السنة المالية 2016-2017 التي بدأت في الأول من أبريل/نيسان الماضي، ما يعادل 64% من إجمالي المصروفات المقدرة.

وقدر نقابيون أعداد المشاركين في إضراب عمال النفط الكويتيين، في أبريل/نيسان الماضي، بين 7 و13 ألفا، من إجمالي نحو 18 ألف عامل في القطاع النفطي الحكومي. ولا يسمح للعمال الأجانب بالإضراب.

وكان هدف الإضراب، الذي نظمه اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات في الكويت، الضغط على الحكومة من أجل استثناء عمال النفط من مشروع قانون "البديل الاستراتيجي".

وترغب الحكومة في تطبيق هذا القانون على جميع العاملين في الدولة من أجل تحقيق "العدالة" وترشيد الإنفاق، بينما ترى فيه النقابات النفطية انتقاصا للحقوق المالية لأعضائها ومزاياهم الوظيفية.

وأنهى العمال إضرابهم، الذي استمر ثلاثة أيام، "إكراما لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى" طبقا لما أعلنه سيف القحطاني، رئيس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات في الكويت.

وفي اليوم التالي لإيقاف الإضراب، التقى اتحاد عمال البترول والنقابات النفطية، رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ جابر المبارك الصباح، الذي أكد أن الحكومة لن تستجيب لأي مطالب "تحت الضغط"، وأنه "لا سبيل لفرض الرأي مهما كانت حجته ومبرراته"، في إشارة إلى مطالب النقابات، لكن المفاوضات ما تزال مستمرة بين الطرفين، ما يعني إمكانية تقديم تنازلات.

وأدى الإضراب إلى خفض إنتاج الكويت من النفط الخام إلى نحو 1.1 مليون برميل يوميا من ثلاثة ملايين يوميا، وهو ما أضر بسمعة الكويت كمصدر موثوق به للنفط الخام.

وقال فيصل بو صليب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، إن "العمال حققوا هدفا رئيسيا وهو إيصال رسالة بأنهم قادرون على إيصال صوتهم بشكل فاعل".

وقال رئيس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات في الكويت، سيف القحطاني، إن النقابات النفطية اعترضت على مشروع البديل الاستراتيجي "لأننا نشعر أننا المقصودون (المستهدفون) من هذا المشروع في النهاية.. نحن لا نتحدث عن العمال النفطيين في الوقت الحاضر، وإنما عن المستقبل أيضا".

وحول موقف النقابات الأخرى من مشروع "البديل الاستراتيجي"، قال القحطاني إن "البعض منهم تكلم (معترضا) على المشروع.. لكن لا أستطيع أن أتحدث بالنيابة عنهم".

ويقول محللون ونقابيون إنه من غير المحتمل أن تشهد الكويت سلسلة من الإضرابات. وقال مسؤول في الاتحاد العام للعمال بالكويت، الذي يمثل 15 نقابة عمالية في القطاعات الحكومية، إنه لم يبلغ بأي إضرابات أخرى مخطط لها.

ورغم ذلك، فإن الحكومة ربما سوف تتحرك، بحذر وبشكل تدريجي، من أجل تطبيق الإصلاحات في أعقاب انتهاء إضراب عمال النفط.

المساهمون