معاقبة رافضي حكومة السراج... نهاية الأزمة الليبية أم بدايتها؟

18 مارس 2016
متظاهرة إيطالية ضد التدخل العسكري في ليبيا (إميليانو غريو/Getty)
+ الخط -

يبدو الموقف الدولي حازماً، وربما قاطعاً، تجاه دعم حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج، فالمواقف تتكثّف في حصر الاعتراف الدولي بها من قبل قادة الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ومجلس الأمن، وحتى دول الجوار الليبي، على حساب حكومتي طبرق وطرابلس.

وتتالت كل هذه المواقف خلال الأيام الماضية، في محاولة لإسقاط استراتيجية المماطلة، التي اعتمدها برلمان طبرق، في منح مصادقته للحكومة، ما دفع المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، إلى التأكيد على أنه "يمكن الاستغناء عن المصادقة النهائية، طالما أن هناك أغلبية بـ101 عضو صادقوا على الحكومة".

ومن أجل حلحلة وضعية الجمود والشلل في ليبيا، هددت الدول الكبرى بمعاقبة المعرقلين، ويبدو أنها تجاوزت التهديد بسرعة إلى اتخاذ إجراءات فعلية لذلك. كما تمّ، مساء الأربعاء، تداول تصريحات لدبلوماسيين أكدوا أن الاتحاد الأوروبي وافق على فرض عقوبات بحق رئيس "المؤتمر الوطني العام" نوري أبو سهمين، ورئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل، ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، بسبب معارضتهم حكومة الوفاق الوطني.

غير أن السؤال الليبي المهم في وضعية المواجهة هذه، فيتعلق بمدى واقعية دخول حكومة الوفاق إلى طرابلس، أو أي مكان آخر في ليبيا، فالعقوبات تشمل برلماني الغرب والشرق، ولكنها ستضمّ سياسياً اللواء خليفة حفتر، الذي يعارض حكومة الوفاق لأنها ستقصيه من المشهد، وتعيّن وزيراً للدفاع من غير أنصاره. ويعني هذا أن الجميع في الداخل، تقريباً، متكتل ضد السراج.

لكن كوبلر، الذي يزور مصر لنزع فيتو حفتر ضد حكومة السراج، يرى بأن "المعارضين، شرقاً وغرباً، قلّة، وأن غالبية النواب من الجانبين وأغلبية الشعب الليبي تؤيد حكومة الوفاق، بسبب أوضاعها المتردية للغاية". ويقود هذا المشهد إلى اختبار المواجهة بين الطرفين، وقياس قدرة المعارضين على الصمود أمام القرار الدولي، خصوصاً بعد أن دعا مجلس الأمن الدول الأعضاء إلى عدم التعامل مع أي من حكومتي طبرق وطرابلس، واعتبار حكومة الوفاق المتحدث الوحيد باسم الشعب الليبي.

اقرأ أيضاً ليبيا: اعتراف عالمي بحصرية شرعية حكومة السراج

ردود الفعل الليبية لم تتأخر كثيراً، بعد تسريبات العقوبات، ودعوات نقل السلطة فوراً إلى السراج، فنفت حكومة طرابلس موافقتها على تسليم السلطة لحكومة الوفاق، مثلما تناقلته وسائل إعلام، وذكرت في بيان لها أنها "ترحب بحكومة ناتجة عن اتفاق ليبي ليبي، داخل حدود الوطن ويتوافق عليها الليبيون، وتكون واضحة المعالم والأجندة"، مشددة "ألا مكان لحكومة فرضت من الخارج ولم يتوافق عليها الليبيون".

ومضى خليفة الغويل، رئيس حكومة طرابلس، إلى أبعد من ذلك، حين حذّر رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من القدوم إلى طرابلس، معتبراً ذلك "خطوة غير قانونية"، وملمحاً إلى إمكانية "إلقاء القبض على أعضائها".

أما في الشرق، فقد اتهم رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، المجتمع الدولي بأنه "يسعى متعمّداً لإغراق ليبيا في الفوضى"، معتبراً في تصريح لراديو "سوا" الأميركي، أن "أي حكومة تريد أن تعمل من داخل ليبيا، عليها أن تنبع من إرادة الشعب وتحظى بموافقة مجلس النواب".

حزبياً، جاءت ردود الأفعال متناقضة كعادتها، وكشف في هذا السياق "تحالف القوى الوطنية"، في بيان له، أن "رئيسه محمود جبريل، تواصل مع كوبلر هاتفياً، وأبلغه أن أي قفز على الإجراءات الديمقراطية وصلاحية البرلمان، يعتبر مخالفة صريحة للاتفاق السياسي نفسه".

وطالب التحالف المجتمع الدولي ومجلس نواب طبرق وحكومة السراج، بـ"ضرورة إفساح المجال لمجلس النواب لممارسة اختصاصاته المنصوص عليها في الاتفاق السياسي"، كما دعا عقيلة صالح، إلى تحمّل مسؤولياته وعقد مؤتمر صحافي يدعو من خلاله أعضاء المجلس لجلسة تنقل للشعب الليبي مباشرة، يتم خلالها التصويت على تعديل الإعلان الدستوري ومنح الثقة لحكومة الوفاق، وبحضور المبعوث الأممي وسفراء بعض الدول.

في السياق، نقل موقع "عين ليبيا"، عن نائب في مجلس طبرق، قوله إن "الأعضاء الـ101 الذين أعلنوا تأييدهم للتشكيلة الحكومية المقدمة من المجلس الرئاسي، ما زالوا في انتظار رد صالح بشأن ضمانات انعقاد الجلسة لمنح الثقة. كما أكد عضو بمجلس النواب، أن هذه الضمانات تشمل حضوراً إعلامياً محلياً ودولياً، لمراقبة الجلسة واستخدام مراقبين محليين محايدين، من عمداء بلديات ومؤسسات المجتمع المدني وشيوخ قبائل من غرب وشرق وجنوب البلاد، وكذلك استخدام حق الكرسي الصامت للمراقبين".

مع ذلك، يبدو الأوروبيون مستعجلين، وتجلّى الاستعجال بوضوح على لسان وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني، الذي قال "سنكون أول حكومة غربية تعترف عملياً ورسمياً بحكومة الوفاق". جاء ذلك في وقتٍ ذكرت فيه تونس أنها "تواصل استعدادها لمؤتمر دول جوار ليبيا" المقرر يومي 21 و22 مارس/ آذار الحالي.

من جهته، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يعتبر أن "التدخل العسكري في ليبيا ينطوي على خطورة"، مشدّداً على أنه "من الأفضل للقوى الخارجية دعم قائد الجيش (حفتر) المتمركز في شرق البلاد". ونصح السيسي في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، بـ"دعم حفتر في الحرب ضد المتشددين".

وقال إنه "إذا ما تم تقديم السلاح والدعم للجيش الوطني الليبي، فإن بإمكانه القيام بالمهمة أفضل من أي جهة أخرى وأفضل من التدخل الخارجي، الذي قد يؤدي لخطر التورط في وضع قد يخرج عن السيطرة، وتعقبه تطورات لا يمكن التحكّم فيها".

ولفت إلى أن "مصر تضغط على حكومة طبرق لتقبل بحكومة الوفاق"، معتبراً أن "القوى الغربية لا يمكنها التدخل في ليبيا إلا إذا طلبت منها الحكومة الليبية ذلك وحصلت على تفويض من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية".

اقرأ أيضاً: نواب بريطانيون يؤكدون قرب إرسال ألف جندي إلى ليبيا

المساهمون