معاذ بين الكتمان والصمت

02 يناير 2015
والد الطيار الكساسبة (فرانس برس)
+ الخط -
مضى أكثر من أسبوع، ولا أحد يعلم للآن ماذا يريد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ثمناً لحياة الطيار الأردني ملازم أول معاذ الكساسبة الذي وقع في أسره، ولا أحد يعلم إن كان حقاً يريد ثمناً، أم وجد في الهدية التي سقطت/ أسقطت عليه من السماء الثمن، ولا أحد كذلك يعلم ماذا سيقدم الأردن ثمناً لحياة طياره، وهل لديه استعداد لتقديم تنازلات مؤلمة. المعرفة تصبح مستحيلة، حين تصطدم باستراتيجية الكتمان المعتمدة أردنياً في إدارة الملف "المأزق"، والمبررة بالمصلحة الوطنية العليا غير المُعرَّفة، والتي طالت وسائل الإعلام الأردنية بقرار من النائب العام، الذي حظر عليها نشر صور الطيار في الأسر أو أي معلومات مصدرها "داعش"، وحتى التحليلات العسكرية.

ويزيد استحالة المعرفة، صمت (داعش) التفاوضي الذي يرفع منسوب الذعر حول مصير الطيار الذي أطل على صفحات مجلة التنظيم الناطقة بالإنجليزية (دابق) مرتدياً البدلة البرتقالية - بدلة الإعدام - من دون أن يقول التنظيم كلمته النهائية، في الأمر.

الكتمان الأردني، والصمت الداعشي، لا يخدشه سوى تسريبات إعلامية، على لسان مصادر حكومية وسلفية جهادية، عن مطالب تفاوضية لم يعلن أي من طرفي الملف موقفه منها، فطرح على سطح بورصة "مفاوضات التسريبات" خيار تبادل الطيار بسجناء لـ "داعش" محكومين بالإعدام في الأردن، وفدية مفترضة، وتعليق قيد الدراسة لمشاركة الأردن في التحالف الدولي للحرب على التنظيم، وكلها خيارات لا تتعدى محاولات جس نبض التنظيم على أمل أن يصرح عن تبنيه أحدها، ما يؤشر على أن القنوات التفاوضية الخاصة والسرية التي يروج لها ما تزال مغلقة، أو معلقة في فضاء الأمنيات الأردنية.

غير أن المقلق، أن مصير الطيار المتأرجح بين الكتمان والصمت، يستثمر اليوم على أوسع نطاق من قبل الأردن الرسمي و"داعش الإرهابي"، لتحقيق مكاسب سياسية خاصة، فالتنظيم يستثمره لإثبات قدرته على مواجهة التحالف المدجج بالطائرات، باعثاً بذلك رسالة طمأنة لأتباعه والمتعاطفين معه، والأردن الرسمي يستثمره لإضفاء الشرعية على مشاركته في التحالف الدولي في مواجهة رافضيها من القوى الشعبية والحزبية والنقابية والبرلمانية. يا لحظ الطيار العاثر.