نظمت عدة جهات شعبية وحزبية، عربية وإسلامية، مظاهرات في الذكرى المئوية لوعد بلفور، مطالبة الحكومة البريطانية بالاعتذار عن خطوتها، التي مهدت لاحتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية، ومنددة بالاحتفاء البريطاني الرسمي بالوعد، الذي كانت آخر خطواته استقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
وفي الأردن، سلمت اللجنة الوطنية الأردنية لحملة مائة عام على وعد بلفور، مذكرة للسفارة البريطانية في عمّان، تطالب الحكومة البريطانية بالاعتذار الرسمي للشعب الفلسطيني عن تبعات ونتائج وعد بلفور.
وطالبت المذكرة، التي سلمت بالتزامن مع اعتصام أمام مقر السفارة، حكومة بريطانيا بالاعتراف والإقرار بالمسؤولية التاريخية والقانونية والإنسانية والأخلاقية عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالشعب العربي الفلسطيني، والعمل على جبر تلك الأضرار وفقاً لقواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة والإنصاف، وبما يضمن عودة اللاجئين إلى ديارهم وتقرير المصير.
ورفع مئات المعتصمين أمام مقر السفارة شعارات منددة بـ"الوعد المشؤوم"، وداعية لاعتذار بريطانيا عن الوعد، وتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية عن نتائجه.
وهتف المشاركون: "صهيوني أصل الإرهاب.. والوعد أكبر إرهاب"، و"سمع صهيوني وبلفور.. ظلك عيد ظلك قول.. إسرائيل حتماً حتزول"، و"فليسقط وعد بلفور.. كلمة حق صريحة.. هذا الوعد فضيحة".
وقال عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الأردني، عبد المجيد دنديس، إن "رسالتنا للحكومة البريطانية ومجلس العموم البريطاني أن يعتذرا عن الوعد المشؤوم الذي منح الفرصة للعصابات الصهيونية لإقامة الكيان الإرهابي في قلب الأمة، بكل ما مثله من جريمة بحق الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية، والاعتذار عن الضرر والعذابات والألم التي لحقت بالشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية، نتيجة إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الكيان الصهيوني استناداً للوعد المشؤوم".
أما عضو مجلس النواب الأردني، خالد رمضان، فأكد على ما تمثله القضية الفلسطينية من امتحان للثقافة والكرامة والأخلاق الإنسانية. ووجه رسالة إلى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، مفادها أنه "إن أردتِ أن تكوني إنسانة بالمنطق السياسي والإنساني، عليك ابتداء أن تعتذري من الشعب البريطاني عن الجريمة التي أقحمت فيها بريطانيا ضد فلسطين".
وتابع رمضان: "نعلي صوتنا اليوم ضد الوعد وبريطانيا ووريثتها في الاستعمار أميركا، وحملاتها ووكلائها في المنطقة من نظام رسمي عربي"، مؤكداً أن الوقوف أمام مقر السفارة يأتي لتحميلهم المسؤولية عن المأساة.
وعبرت أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني، عبلة أبو علبة، عن استنكارها للاحتفال الذي تقيمه رئيسة الوزراء البريطانية إحياءً لمئوية الوعد، قائلة "إنها مسألة معيبة، وتؤكد على عنصرية السياسة البريطانية منذ ذلك اليوم حتى يومنا، وهي بدلاً من الاعتذار تعمل على تكريس السياسة العنصرية".
وشددت أبو علبة على أن الوعد لم يكن يستهدف الشعب الفلسطيني فقط، وإن كان شعبه وأرضه الأكثر تضررا، لكنه استهدف الهيمنة الاستعمارية على المنطقة، وعبرت عن يقينها بأن "الشعوب العربية والشعب الفلسطيني أكثر إصرارا اليوم على رفض كل أشكال الاستعمار وتمسكاً بمشروع تحرري وطني قومي".
وفي لبنان، نظمت الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية في الذكرى المائة لوعد بلفور عشرات الفاعليات، وسط تأكيدات شعبية ورسمية على رفض التوطين وتمسك اللاجئين بحق العودة إلى بلداتهم ومدنهم الفلسطينية التي هُجروا منها عام 1948. ولم تقتصر الفعاليات على المخيمات الفلسطينية المُنتشرة في مُختلف المناطق اللبنانية، بل شملت محيط المقار الرسمية في العاصمة بيروت، والحدود اللبنانية - الفلسطينية، حيث نظمت جمعيات فلسطينية وقفة على الحدود رفضاً للوعد وتأكيداً على حق العودة.
كما نظمت الفصائل الفلسطينية في بيروت وقفة أمام مقر السفارة البريطانية قرب السراي الحكومي، وحمّل المُتحدّثون بريطانيا المسؤولية عن كافة التبعات السياسية والقانونية والاجتماعية والإنسانية لوعد بلفور على الشعب الفلسطيني. وتم التأكيد على مرجعية مؤسسات الأمم المُتحدة المسؤولة عن متابعة أوضاع اللاجئين وتقديم الحماية القانونية لهم ومتطلبات العيش الكريم.
وفي المخيمات الفلسطينية، انعكست أجواء المصالحة بين حركتي فتح وحماس على الفعاليات المُشتركة التي تم تنظيمها بالتعاون مع اللجان الشعبية.
ونظم تحالف القوى الفلسطينية في لبنان بدوره، اليوم، اعتصاماً رمزياً أمام مقر الإسكوا (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) في بيروت في الذكرى المئوية لوعد بلفور.
وشارك في الوقفة المئات من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية وشعارات مناهضة لوعد بلفور، مثل "ألف وعد لن يصنع دولة"، و"حضارتنا عصية على الاقتلاع".
وأكد ممثل حركة "حماس" في لبنان، علي بركة، على هامش المناسبة "أن الشعب الفلسطيني متمسك بتحرير أرضه كاملة". وجدد رفض الشعب الفلسطيني لوعد بلفور الذي وصفه بـ"المشؤوم".
من جهته، أكد الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، خالد عبد المجيد، في كلمة باسم تحالف القوى الفلسطينية (يضم مجموعة فصائل)، "تمسك الفلسطينيين بالحقوق الوطنية والتاريخية حتى تحرير بلادهم".
وأشار في كلمته خلال الاعتصام، إلى أن "ظروف القضية الفلسطينية صعبة للغاية، إلا أن الشعب لا يزال يقدم التضحيات، ويشعل الثورات في مواجهة المشروع الإمبريالي والاستعماري الذي يستهدف أمتنا".
وفي ختام الاعتصام، سلم ممثلو تحالف القوى الفلسطينية مذكرة احتجاجية إلى منظمة الإسكوا.
في السياق نفسه، أقام عشرات النشطاء في تونس، اليوم الخميس، وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة البريطانية، بالعاصمة التونسية، لمطالبة بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور.
ودعت إلى الوقفة، التي تم خلالها تسليم السفير البريطاني هاميش كويل "رسالة مكتوبة" تطالبه بالاعتذار، كل من الرّابطة التّونسية للتسامح (مستقلة) والهيئة الوطنية لدعم المقاومة ومناهضة التطبيع والصهيونية (مستقلة).
وردّد المحتجون شعارات من قبيل "بريطانيا هي هي" (هي نفسها)، و"بريطانيا استعمارية"، و"الشعب يريد تحرير فلسطين"، و"الموت لإسرائيل".
وفي تصريح على هامش الوقفة، قال عبد الوهاب الفاهم، عضو الرابطة التونسية للتسامح: "جئنا اليوم للاحتجاج ضد بريطانيا التي قدمت وعدا للصهاينة، وهو وعد بلفور الذي مرت عليه 100 سنة، بتكوين بلد قومي في إسرائيل على حساب أصحاب الأرض الأصليين وهم العرب الفلسطينيون".
وتابع: "المحتجون جاؤوا لتقديم رسالة لسفير بريطانيا تطالبه بالاعتذار وبإبراز موقفه من تصريح رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، الأخير الذي قالت فيه قبل أيام إنّ بلادها غير نادمة على وعد بلفور".
وفي تركيا، شهدت العاصمة أنقرة، اليوم، مظاهرة احتجاجية قرب السفارة البريطانية. وتجمّع مواطنون أتراك في منطقة قريبة من السفارة البريطانية في إطار المظاهرة التي نظّمتها جمعية "شباب الأناضول". ورفع المتظاهرون بأيديهم العلم الفلسطيني، ولافتات مناهضة لبريطانيا.
أما في المغرب، فقد وجهت 14 منظمة، تلتئم ضمن الائتلاف المغربي من أجل فلسطين ومناهضة التطبيع، رسالة إلى رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، تطالبها فيها بالاعتذار عن وعد بلفور، كما سلمت رسالة تاريخية إلى سفير لندن في الرباط.
ونظم نشطاء الائتلاف المغربي من أجل فلسطين ومناهضة التطبيع وقفة رمزية أمام البرلمان مساء الخميس، تم خلاله تمزيق وثيقة الوعد.
كما دعا محمد الغفري، منسق الائتلاف المغربي من أجل فلسطين ومناهضة التطبيع، ضمن بيان اليوم، مكونات المشهد المدني والحقوقي والحزبي والنقابي والشبابي "لإطلاق وتنسيق فعاليات شعبية من أجل فلسطين، ومناهضة كل أشكال التطبيع والاختراق الصهيوني".
(العربي الجديد، الأناضول)
